د. عدنان أبو عامر

تخوف الاحتلال من إدراج جيشه في القائمة الأممية السوداء

مع اشتداد قمع دولة الاحتلال للشعب الفلسطيني، ولا سيما في الآونة الأخيرة، في مختلف مناطق الضفة الغربية، بما فيها هجمات المستوطنين، تتزايد المخاوف الإسرائيلية من إدراجها في القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية، التي تعلنها الأمم المتحدة في كل عام، وتضم منظمات ترتكب جرائم حرب ضد الإنسانية.

بدلًا من اعتراف الاحتلال بارتكاب هذه الجرائم، والتوقف لاحقًا عن تنفيذها، فإنه يلجأ إلى الشروع في حملة تشهير ضد الجهود الحقوقية الساعية لوضع جيشه في قائمة سوداء تحتوي على أكثر المنظمات الإرهابية وحشية في العالم، وتنشرها الأمم المتحدة كل عام عبر تقرير يتناول انتهاك حقوق الأطفال في مناطق النزاع، ويرفقه بملحق يضم "قائمة سوداء" تشمل العديد من المنظمات التي ترتكب جرائم وانتهاكات وفظائع ضد الأطفال.

يعود التخوف الإسرائيلي هذه المرة لما أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة العام الماضي، ولأول مرة، بأن جيش الاحتلال قد يتم إدراجه في القائمة السوداء التي سينشرها في القريب العاجل، ما أشعل الأضواء الحمراء في أوساطه، مع تزايد الشهادات والإفادات التي تؤكد ارتكابه لعشرات الجرائم ضد الأطفال الفلسطينيين، وفي الوقت ذاته الإشارة إلى حملة التشهير الإسرائيلية ضد الأمم المتحدة، بزعم أنها لا تتبع القواعد المهنية والأخلاقية حين يتعلق الأمر بها، واتهامها بالانفصال عن الواقع.

ليس ذلك فحسب، بل إن الحملة الإسرائيلية وصلت إلى شنّ حملة مغرضة ضد المؤسسات الحقوقية الدولية، الساعية إلى توفير المعطيات والمعلومات التي تفضح جرائم الاحتلال ضد الأطفال الفلسطينيين، بزعم أن البيانات المقدمة حولها تعود في حقيقتها لانخراط هذه المنظمات غير الحكومية في حملة لنزع الشرعية عن دولة الاحتلال، بجانب حملة المقاطعة الدولية، والجهود الجارية لـ"سحب" الاحتلال لمحكمة العدل الدولية، ولذلك فهي تحصل على تمويل الحكومات الأوروبية، ووكالات الأمم المتحدة كاليونيسف ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.

لا يتورّع الاحتلال في محاولاته لتبرير جرائمه ضد الأطفال الفلسطينيين، عن اتهامهم بالاشتراك في أعمال المقاومة ضد قواته، والزعم بأن العشرات ممن قتلهم منخرطون في نشاطات عسكرية مسلحة، وصولًا إلى اتهام المنظمات الأممية لاختراع تعريفات جديدة للقانون الدولي، التي تنطبق فقط على الاحتلال.

يستحضر الإسرائيليون في هذا الحديث ما واجهوه من إشكاليات قانونية، وسياسية حول العالم، عقب إصدار تقرير غولدستون الذي لم ينجح الفلسطينيون "الرسميون" باستثماره جيدًا، وكشف ازدواجية المعايير الدولية في محاباة الاحتلال.

الخلاصة الإسرائيلية أن إدراج جيش الاحتلال في القائمة السوداء، بجانب وصمه بارتكاب جرائم حرب، ووضعه مع أكثر المنظمات الإرهابية وحشية، سيؤدي إلى عواقب سياسية وقانونية يهرب منها الاحتلال، فضلًا عن منح دعم وإسناد للمؤسسات الدولية الساعية إلى نزع الشرعية عنه، والتحقيق ضده في المحاكم الدولية.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة