خاص - شهاب
لم يستغرب الفلسطينيون، قرار حكومة بنيامين نتنياهو التي توصف بأنها الأكثر تطرفا في تاريخ الكيان "الإسرائيلي"، الموافقة على نقل أسلحة ومصفحات من الولايات المتحدة إلى السلطة الفلسطينية بوساطة أردنية.
هذا الشعور تولد لدى الفلسطيني ليقينه أن هذه الأسلحة لن توجه صوب الاحتلال ومستوطنيه المتطرفين بل ضد المقاومين؛ التزاما من السلطة بالتنسيق الأمني وهو الشيء الوحيد الذي بقي من "اتفاقية أوسلو" المشؤومة التي تصادف اليوم الذكرى الـ30 لتوقيعها.
سجال حاد
على الجانب الآخر، شهدت حكومة الاحتلال، سجالا حادا حول تسليم أسلحة جديدة للسلطة، فيما أطلق وزراء تهديدات بحل الائتلاف الحاكم.
وزير المالية بتسليئيل سموتريتش، قال: "إذا صحت معلومات تسليم أسلحة للسلطة فإن ذلك سيكون له تداعيات خطيرة على مستقبل الائتلاف الحكومي"، فيما عقب وزير الأمن القومي المتطرف "إيتمار بن غفير" موجهًا حديثه لـ"نتنياهو": "سيدي رئيس الحكومة، إذا لم تتعهد بصوتك أن الأخبار الواردة حول تحويل السلاح لمخربي السلطة الفلسطينية غير صحيحة؛ فسيكون لذلك تداعيات.
أما مكتب وزير الجيش يؤاف غالانت، فقد زعم قائلا: "لم نوافق سوى على نقل مدرعات".
ومع تزايد الانتقادات، خرج رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في كلمة مسجلة، محاولا تبرير الخطوة لوزرائه، وقال: "ما فعلناه هو تنفيذ قرار اتخذه بيني غانتس (وزير الجيش في الحكومة السابقة) في 22 يناير الماضي، بنقل عدد من العربات المدرعة لتحل محل مركبات مدرعة أخرى أصبحت قديمة، هذا ما فعلناه، لا دروع، ولا دبابات، ولا بنادق كلاشينكوف، ولا شيء، لذلك من الجيد أن نكشف هذه الكذبة".
ورغم محاولات نفي نتنياهو وغالانت لاحتواء غضب وزرائه، صرح مسؤول أمني "إسرائيلي" كبير بأنه تم نقل مدرعات مصفحة وأسلحة جديدة من قبل الولايات المتحدة للسلطة الفلسطينية. وفق ما نقلته صحيفة "معاريف" العبرية.
الأمر ذاته، أكده المراسل العسكري لإذاعة جيش الاحتلال، الذي أفاد بأن "الأمن الفلسطيني تسلّم شحنة أسلحة أوتوماتيكية تصل إلى 1500 قطعة سلاح بعضها من طراز م-16 وبعضها كلاشنكوف".
احتياجات أمنية
المختص في الشأن "الإسرائيلي" عادل ياسين، يرى أن السجال بين وزراء حكومة الاحتلال، يكشف مدى حالة الإرباك التي تمر بها الحلبة السياسية في ظل التناقض بين الأيدلوجيات والشعارات والاحتياجات الملحة التي تفرضها الأحداث على أرض الواقع.
وأوضح ياسين أن وزراء اليمين المتطرف ينتقدون بدافع الحقد والكراهية لكل ما هو عربي ويصفون حتى من يتعاون معها أمنيا بـ"الإرهابي" الذي لا يجب أن يحظى بثقتهم أو أن يبقى ضمن حدود كيانهم، باعتبار أن الحل الأمثل بالنسبة لهم هو طرد الفلسطينيين جميعا وتطبيق فكرة "أرض إسرائيل الكبرى".
وذكر أن هذه الانتقادات تجسد مدى الثقة لديهم بعدم قدرة السلطة على القيام بـ"المهام القذرة" نيابة عن الجيش "الإسرائيلي" وأجهزته الأمنية، في ظل الفشل المتراكم في القضاء على جذوة المقاومة بمناطق الضفة.
ويخشى وزراء الاحتلال الذين يعارضون نقل الأسلحة للسلطة، أن استمرار تفكك السلطة وانتقال السلاح إلى سيطرة المقاومين. بحسب ياسين.
"إهانة" ولكن!
ويعتبر المنتقدون أن إقدام أكثر حكومة يمينية تطرفا في تاريخ الكيان، على هذه الخطوة "إهانة كبيرة" لها واعتراف علني وصريح بعدم قدرتها على القيام بمهامها وتوفير الأمن للمستوطنين، وأيضا يكشف الأكذوبة التي يرددونها على مدار سنوات بأن "إسرائيل" قادرة على حماية نفسها بنفسها. وفق ياسين.
وبين ياسين أن مبررات نتنياهو وقادة أجهزته الأمنية للقرار، تأتي بناء على قناعة وإدراك حول أهمية الدور الذي تقوم به أجهزة أمن السلطة في ملاحقة المقاومين وإحباط العلميات وما يتربت عليه من تفكيك الصف الفلسطيني وإبقاء حالة الانقسام.
وأشار إلى أن السماح بنقل الأسلحة للسلطة وتعزيز قدرتها لإعادة سيطرتها على مناطق السلطة ودخولها في مواجهات مع الشارع الفلسطيني يريح "إسرائيل" من دفع الثمن، ويمنحها الفرصة لتقليص المخاطرة بجنودها وتجنب الانتقادات الدولية المترتبة على الاقتحامات العسكرية لمناطق الضفة، لاسيما أن وجود الجيش والمستوطنين بمناطق الضفة يعتبر جريمة في القانون الدولي.
ويتزامن إسراع الحكومة الإسرائيلية في تطبيق قرارات "الكابينت" الخاصة بمساعدة السلطة، مع المخاوف من عمليات فلسطينية محتملة خلال "الأعياد" اليهودية في ظل ورود العشرات من "الإنذارات الساخنة".
وبحسب ياسين، أقدمت حكومة الاحتلال على هذه الخطوة نظرا لاحتياجات أمنية بحتة ورغبة في تمرير فترة "الأعياد" بدون عمليات تكشف سوءتها في ظل إخفاقات أجهزتها الأمنية في القضاء على المقاومة.