"ضمن حرب الإبادة الشّاملة"

"إسرائيل" تحظر أنشطة وكالة الغوث في الأراضي الفلسطينية المحتلة

شهاب - خاص

في خطوة خطيرة وغير مسبوقة، تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، صدق الكنيست الاسرائيلي، مساء الاثنين، بالقراءة النهائية على قانون يحظر أي أنشطة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويأتي هذا القرار الذي ينتهك التزامات الاحلال للقانون الدولي، في إطار حرب الإبادة والتهجير المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني منذ ما يزيد عن عام، أجبرت فيه قوات الاحتلال مئات الآلاف من الفلسطيني على النزوح قسرًا من منازلهم، وقتلت ما يزيد عن 42 ألف فلسطيني ثلثهم تقريبًا من الأطفال.

"إبادة شاملة"

الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين قال إن، مصادقة الكنيست الإسرائلي، على قانون يحظر أي أنشطة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" داخل الكيان، يأتي في سياق عملية إبادة شاملة للقضية والشعب الفلسطيني.

وأوضح شاهين في تصريح صحفي خاص لوكالة شهاب، أن تصفية قضية اللاجئين تنحوا باتجاه محاولة القضاء على وكالة الغوث باعتبارها هي العنوان الأبرز ليس لتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين في مناطق عمليات الوكالة، بل تصفية البعد القانوني والسياسي للقضية الفلسطينية من خلال محاولة القضاء على البعد المتعلق بقضية اللجوء وتهجير الفلسطينيين والتطهير العرقي الذي مورس ولا يزال يمارس بحقهم.

وقال شاهين إن "إسرائيل" بمحاولتها تدمير وكالة الغوث، تضع مستقبل ومصير مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في مهب الريح.

وأكد أنه يجب النظر إلى التشريعات الاسرائيلية الجديدة بحق الاونروا، في سياق أشمل يتعلق بمستوى التحولات التي شهدتها الحياة السياسية والمجتمع الاسرائيلي خلال السنوات الأخيرة وبشكل متسارع منذ تشكيل حكومة اليمين الأكثر تطرفا في "إسرائيل" بزعامة نتنياهو وبمشاركة سموتريتش وبن غفير.

وأضاف شاهين، هذه التحولات عمليا أدت إلى تحول في النظرة الإسرائيلية بالانتقال من ادارة الصراع إلى محاولة حسمه بشكل متسارع من قبل هذه الحكومة، والذي يعني الذهاب بعيدا في محاولة تصفية القضية الفلسطينية من كل جوانبها.

وبين أن هذه التصفية لها مرتكزات في إطار المخططات الصهيونية، فمرتكزها الأول هو عملية الإبادة وهو ما نراه بشكل واضح في قطاع غزة منذ أكثر من عام، والإبادة هنا ليس فقط بمعناها المادي وقتل البشر بل تدمير كل شيء له علاقة بوجود الشعب الفلسطيني على هذه الأرض، ومقومات الحياة والبنية التحتية والمنشآت التعليمية والمنشآت المتعلقة بالخدمات، حتى المقابر حتى لا يكون هناك أي صلة للشعب الفلسطيني في أرضه كما نشهد في قطاع غزة، وخاصة شمال القطاع.

"اللجوء الفلسطيني"

وذكر شاهين أن احدى المرتكزات الأساسية للقضية الفلسطينية هي قضية اللجوء الفلسطيني، حيث جرى تهجير الشعب الفلسطيني بأعداد كبيرة من أرض وطنه، عبر القضاء على مقومات الحياة لمن تبقى على هذه الأرض في قطاع غزة بشكل خاص، والضفة الغربية والداخل المحتل.

وتابع شاهين، السؤال لماذا يحدث ذلك بشكل متسارع الآن؟، مجيبًا: أعتقد أن الاونروا ورغم ما تواجهه من اجراءات اسرائيلية تعسفية منذ ثلاث سنوات على الأقل الا اننا نشهد تسارعا كبيرا منذ بدء حرب الإبادة في قطاع غزة، لأن عمليات التهجير القسري لا تزال مترسخة في أذهان قادة الاحتلال، وبشكل خاص هذه الحكومة التي تعيد تسليط الضوء مرة أخرى على قضية التطهير العرقي والتهجير القصري التي تعرض له الفلسطينيون منذ النكبة وحتى هذا اليوم.

"مسارعة الزمن"

ولفت إلى أن "إسرائيل" تسارع الزمن في محاولة للقضاء على الأونروا بأسرع وقت ممكن سواء في شقها المادي أي القضاء على دورها وتصفية منشآتها ومقراتها سواء في القدس الشيخ جراح أو في تدمير منشآتها في قطاع غزة، بما في ذلك المدارس التي تحولت إلى مراكز ايواء للنازحين قصرا، وصولا الى محاولة تصفية الدور الأهم المتعلق بالجانب السياسي والبعد القانوني لقضية اللاجئين الفلسطينيين.

وواصل شاهين حديثه، اعتقد أن الأمر لا يتوقف على محاولة منع عمل الأونروا ومصادرة مقراتها في القدس أو تصفية عملها في مخيم شعفاط، بل إن هذا الأمر يمتد إلى أكثر من ذلك، فنحن نتحدث عن لاجئين فلسطينيين يتجاوز عددهم مائة وعشرة آلاف في داخل نطاق مدينة القدس، ويمتد ذلك ليشمل تجمعات أخرى غير مخيم شعفاط ليشمل مخيم قلنديا الذي تعتبره "إسرائيل" جزءا من سيطرتها، وربما أيضا تجمعات في سلوان التي فيها لاجئين ومنشآت للأونروا.

"انعكاسات خطيرة"

وقال شاهين إن هذا الأمر ستكون له انعكاسات في منتهى الخطورة على الخدمات التي تقدمها الوكالة، وبشكل خاص خدمات التعليم، أولا في قطاع غزة خاصة بعد تدمير المدارس، ووجود نحو 300 ألف تلميذ في مدارس الوكالة وأيضًا في الضفة الغربية، وسيلقي بتأثيره كذلك على المنشآت والمراكز الصحية التابعة للوكالة، إضافة إلى الخدمات الأخرى في مجال التنظيف والنفايات وغير ذلك.

"ما هو المطلوب؟"

وأوضح شاهين أن "إسرائيل" لم تكن ستجرأ على القيام بمثل هذا الاجراء لولا حالة الصمت الدولي التي نشهدها بشكل خاص منذ عام، وذلك بالصمت على عمليات الإبادة والقتل والمجازر التي تحدث في قطاع غزة، وكذلك على ما تقوم به "إسرائيل" والمستوطنين الإرهابيين من عمليات واعتداءات وانتهاكات في الضفة الغربية وداخل مدينة القدس.

وتابع، حتى الأمم المتحدة ذاتها اقتصر موقفها على الشجب والاستنكار رغم أن هذا العدوان والاعتداء الإسرائيلي على وكالة تابعة للأمم المتحدة يقتضي ردًا مختلفًا من الأمم المتحدة اقله أنه لا يمكن استمرار بقاء عضوية "إسرائيل" في الأمم المتحدة، ويجب أن يطرح على جدول الأعمال المباشرة الآن طرد "إسرائيل" من عضويتها في ظل خرق القانون الدولي والميثاق الأممي.

وواصل شاهين حديثه، ينبغي على الأمم المتحدة أيضًا أن تتجه لتسريع الخطوات المتعلقة بإصدار مذكرات اعتقال بحق قادة الاحتلال وخاصة نتنياهو ووزير حربه من المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك تسريع بت محكمة العدل الدولية في القضية التي رفعتها جنوب افريقيا بشأن تجريم ارتكاب "إسرائيل" لابادة بحق الشعب الفلسطيني ومن ضمنها قضية اللاجئين.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة