فادي رمضان

"الاستقرار والسلام" الامريكي

بهذه العبارة استهل الرئيس جو بايدن جولته للشرق الأوسط كما سلفه من رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، التي طالما سمعناها على لسان رؤساء الولايات المتحدة الامريكية والمتحدثين باسمها على مدار السنين، فماذا يعني أن تعيش مستقرا وبسلام في الدول العربية والإسلامية تحديدا حسب الرؤية الامريكية؟:

1-أن يكون ولاء هذه الدولة الكامل لواشنطن دون غيرها من الدول.
2-أن يكون اقتصادها مرتبط بالاقتصاد الأمريكي، وعلى اطلاع دائم على حجم الموارد وآليات استخدامها.
3-الأسلحة المطلوبة لهذه الدولة والمسموح بامتلاكها حسب الرؤية الامريكية يجب أن تكون مصدرها الولايات المتحدة الأمريكية فقط مع مساحة صغيرة لصفقات أسلحة غير مؤثرة من دول أخرى.
4-أن تكون عين الولايات المتحدة في المنطقة التي تتواجد بها هذه الدولة.
5-أن تتحمل تبعات تأزم العلاقات السياسية للولايات المتحدة مع دول أخرى، والمساهمة في تغطية النفقات، (أن تحب ما تحب واشنطن وأن تكره ما تكره)
مسموح لهذه الدولة بشكل استثنائي أن تتعاون مع الكيان الصهيوني وهنا سيزيد رصيد نقاطك وتصبح أكثر استقرارا.

الاستقرار والسلام يبقى قائما طالما التزمت هذه الدول في المحددات السابقة وغيرها من المحددات التي لا يتسع لهذا المقال ذكرها، في المقابل يسعى الحاكم ليقدم المزيد من الامتيازات للولايات المتحدة، ولا يكتفي فقط بما تريده بل يزيد ليزداد سهمه في البقاء، ليصبح مجردا من الاستقلالية او السيادة بأي قرار حتى في شؤون الدولة الداخلية.

إن عدم التزام الدولة في اثبات ولاءها ضمن المحددات المطلوبة من قبل البيت الأبيض، فإنها تصبح عدوا للمجتمع الدولي كما حدث مع العراق وغيرها من الدول الإسلامية، ونستذكر كلمات الرئيس المصري د. محمد مرسي المنتخب عندما أراد أن ينقل مصر من الاستقرار بالمفهوم الأمريكي إلى الاستقرار والسلام بمفهومهما الحقيقي (إذا أردنا أن نمتلك إرادتنا، فعلينا أن ننتج غذاءنا ودواءنا وسلاحنا، قائلاً: تلك العناصر الثلاثة هي ضمان الاستقرار والتنمية وامتلاك الإرادة)، فكانت هذه الكلمات كافية ليتهم بزعزعة استقرار مصر وأخذ القرار بإسقاطه عن الحكم، وهذا ما حدث ويحدث لتركيا الساعية للاستقلال الاقتصادي والعسكري والأمني، وما يحاك لها من مؤامرات لا تنتهي لإسقاط الرئيس أردوغان كما حدث في محاولة الانقلاب عام 2016، وكان للشعب التركي كلمة الفصل الذي أفشل الانقلاب دفاعا عن صوته وعن إرادته.

هذا السياسة العالمية التي تنتهجها الولايات المتحدة نتاج لسياسة القطب الواحد التي تنفرد بها واشنطن لتصبح هي الحاكم والجلاد في نفس الوقت، فهل تنجح روسيا والصين من انهاء هذا النظام بعد حرب أوكرانيا؟ أعتقد أن ما كان قبل حرب أوكرانيا لن يكون كما بعدها، وهيمنة الولايات المتحدة على العالم بدأت تتآكل رغم محاولات الترميم، وسيفرز العالم نظاما جديدا ستتحرر به الدول العربية والإسلامية التي ستستطيع استغلاله بالشكل الصحيح.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة