الدور السياسي في المعارك والحروب له من الأهمية في بعض الأوقات يفوق العمل العسكري، وهما يسيران في خطين متوازيين لأهداف مشتركة ألا وهو القدرة في الضغط على عدم تحقيق العدو لأهدافه، ومحاولة الحصول على إنجازات وانتصار قبل نهاية المعركة، فلا توجد معركة دائمة الا ولها نهاية، ويتحقق ذلك بتدخل القيادة السياسية الذي يتم من خلالها التواصل مع الوسطاء والحلفاء إما لطلب الدعم، أو لتخفيف المعاناة والتركيز على الجوانب الإنسانية للمواطنين المدنيين، أو لإيصال رسائل للعدو للوصول لتفاهمات تنهي المعركة بناء على اتفاقيات وتفاهمات وغيرها من الجوانب، ولا يوجد قوة للسياسي بدون عسكري يقود المعركة بقوة، ودائما في العمل المنظم لإدارة المعركة ما يخضع العسكري لقرارات السياسي.
هذا ما يحدث في الحروب والتصعيد المتكرر من الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، فمع بداية الهجمات تبدأ الاتصالات من الوسطاء، والتي عاصرناها جميعا سوآءا المصرية أو القطرية أو غيرها من الوساطات مع الجانب الصهيوني والقيادة السياسية لحركة حماس والفصائل الفلسطينية.
ففي العدوان الأخير على قطاع غزة في معركة وحدة الساحات كما أسمتها الغرفة المشتركة، ومن اللحظة الأولى للعدوان صدر قائد حركة حماس د. إسماعيل هنية بيانا يدين فيه العدوان الصهيوني على قطاع غزة عصر يوم الجمعة الخامس من أغسطس 2022 والذي استمر لخمسين ساعة، وحمل فيه الاحتلال المسؤولية عن هذه الدماء والجرائم في حق الشعب الفلسطيني، وتصدير مثل هذا البيان يحمل المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن جرائم الاحتلال ويدعوه للتحرك لوقف هذا العدوان الغادر.
وبينما تتبنى السلطة الفلسطينية وسفاراتها في دول العالم دور المشاهد لما يحدث في قطاع غزة، وتدرس كيف تستفيد من هذا العدوان، بل وتمارس من خلال التنسيق الأمني القضاء على أي حراك في الضفة الغربية من شأنه يساند قطاع غزة ويساهم في ارباك ساحة العدو، تبنت قيادة حركة حماس تحركات من اللحظة الأولى لهذا العدوان، والتي كان لها الدور البارز في إيقاف الهجوم الصهيوني على قطاع غزة ومن أبرز تلك التحركات لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس:
-الاتصال بقيادة المخابرات المصرية وحثها على العمل على إيقاف العدوان.
-مخاطبة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير الخارجية القطري.
-الاتصال بمبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام تور وينسلاند.
-فيما بحث مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وضرورة وقفه بشكل فوري وتم تصدير موقف روسي بذلك.
-ارسال رسائل قوية للوسطاء بأنه إذا استمر الهجوم على قطاع غزة فإن فصائل المقاومة جميعها سوف تنخرط بشكل كامل لصد هذا العدوان.
وبهذا استطاعت قيادة حركة حماس مع الجهاد الإسلامي والوسطاء للوصول لصيغة تفاهم تنهي هذا العدوان الغادر، وتحقق جزء من مطالب المقاومة من خلال تفاهمات لا زالت قيد التنفيذ والذي يقع تحقيقه على عاتق الوسطاء الذين رعوا هذا الاتفاق.