تقرير خاص | كيف نجحت المقاومة في استثمار الإعلام لتوجيه البوصلة وتغيير الرأي العام لصالح القضية؟

خاص /  شهاب
لعبت وسائل الإعلام بجميع تصنيفاتها (الصحف، القنوات التلفزيونية، الإذاعة، ووسائل التواصل الاجتماعي) دورًا بارزًا في العديد من الحروب، حيث شكّلت أداة فعّالة لإدارة الأزمات والصراعات الدولية. فما بالك بحرب الإبادة الجماعية التي تُشن على قطاع غزة منذ أكثر من 15 شهرًا؟ لقد كان للإعلام دور كبير في إيصال معاناة الشعب الفلسطيني ومظلوميته، خصوصًا بفضل جهود الصحفيين الفلسطينيين ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي.

فقد أتاحت التغطية المباشرة نقل الحقيقة بوضوح وموضوعية، رغم محاولات بعض وسائل الإعلام تشويه الحقائق وتزييفها لخدمة أجندات معينة. ومع ذلك، نجحت القنوات الفلسطينية والصحفيون في إيصال معاناة الشعب الفلسطيني للعالم، ما عزز الدعم للقضية الفلسطينية في مختلف العواصم.

إعلام المقاومة وتأثيره

منذ اليوم الأول للحرب، كان إعلام المقاومة عنصرًا أساسيًا في المعركة، حيث أثّر بشكل كبير على معنويات جيش الاحتلال وقادته. فقد نشرت المقاومة مقاطع فيديو توثّق عملياتها منذ السابع من أكتوبر، مما ساهم في تغيير المعادلات والتأثير على الرأي العام الشعبي وتحريك الرأي العام الدولي، حتى بعد مرور 15 شهرًا على بداية المعركة.

الإعلام سلاح أساسي

الإعلامي محمد القيق قال إن الإعلام هو جزء أساسي من السلاح، ليس فقط في ملف المقاومة الفلسطينية، بل في ملف الدول، حيث يعتبر الإعلام سلاحًا أساسيًا في المعركة ويسمى "السلطة الرابعة"، موضحًا أن المسؤول عن الإعلام يمكنه توجيه ما يريده من خلال إعلامه.

وأوضح القيق في حديث خاص لوكالة "شهاب" أن هناك حملة شرسة للتحريض ضد المقاومة عبر الإعلام ليس فقط لأنهم يكرهون المقاومة، بل من أجل إظهار قوة العدو وأنه لا يقهر على حساب المعنويات، ولذلك تكون الهزيمة أسرع. وهذا يعطي إيجابية للشارع "الإسرائيلي" أن جيشه بخير.

وتابع حديثه: "نرى الإعلام العبري موجهًا من قبل المخابرات، يقوم بضخ الأخطار من أجل الاستفادة في المعركة وكسر الروح المعنوية للفلسطينيين".

وأكد القيق أن إعلام المقاومة أثبت أنه مدرك لهذه النقطة، وأنه لعب على وتر الحرب النفسية ضد "الإسرائيليين" وعلى رفع الروح المعنوية لدى الفلسطينيين، مبينًا أن هذا الأمر جزء من المقاومة.

وأشار الإعلامي القيق إلى أنه عندما تقترن أفعال المقاومة على الأرض بإعلامها ويوجه الإعلام على هذا الأساس، فإن الأمر يعتبر صفعة قوية لماكينة الإعلام التي تحاول بعض الجهات تسويقها لهزيمة الفلسطينيين، مشددًا أن المقاومة والإعلام والإعلاميين يجب أن تكون رسالتهم واضحة، وهي شن الحرب المعنوية على جهة الاحتلال ورفع المعنويات للحاضنة الشعبية الفلسطينية، وهذا الأمر مستخدم في الجيوش ويسمى "الإعلام العسكري".

وبين أن أهمية الإعلام تدركها "إسرائيل" وتدركها الدول، لذلك هم يحاربون إعلام المقاومة، ويقومون بتسفيه إنجازات المقاومة وتهويل قدرات الجيش "الإسرائيلي" لقلب موازين المعركة. مؤكدًا أن ما جاء من إعلام المقاومة في 7 أكتوبر كان جزءًا أساسيًا من أهمية الإعلام، فالذي يحمل الكاميرا كالذي يحمل الصاروخ.

وتابع قائلًا: "لو لم يكن الإعلام مهمًا لما قصف الاحتلال مقرات قناة الأقصى وفلسطين اليوم، ولما استهدفوا عشرات الصحفيين. وما استهدفوا الإعلام إلا لأنه يعمل جيدًا مدى تأثيره".

نجاح إعلام المقاومة

ومن جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي ماجد الزبدة، إن الإعلام في معركة "طوفان الأقصى" كان عنصرًا مهمًا وفاعلًا، مضيفًا أن حركة حماس على صعيدها السياسي من خلال المؤتمرات والبيانات الصحفية أو من خلال الإعلام العسكري عبر بلاغات عناصرها أو رسائل الأسرى التي تبثها، لعبت دورًا مهمًا في المعركة منذ بدايتها.

وأوضح الزبدة لوكالة "شهاب" أن المقاومة الفلسطينية وعلى مدار 15 شهرًا أثبتت من خلال فيديوهاتها المرئية وبلاغات المقاومين أنها حاضرة في الميدان، وأنها ما زالت تقاوم في ثبات أسطوري.

وأضاف أن المقاومة نجحت في استثمار الإعلام المرئي في توجيه البوصلة سواءً على صعيد الحاضنة الشعبية أو الرأي العام الدولي، مؤكدًا أن فيديوهات المقاومة ترسل رسائل للداخل "الإسرائيلي" بأن حكومة الاحتلال وجيشهم فشل فشلًا ذريعًا في استئصال المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس.

وأشار الزبدة إلى أن مشاهدة مقاطع فيديو المقاومين وعملياتهم ترسل رسائل إحباط كبيرة للداخل "الإسرائيلي" وللنخب "الإسرائيلية"، مبينًا أن كل حالة الإحباط التي نشاهدها اليوم على وسائل الإعلام "الإسرائيلية" نتاج إعلام المقاومة الذي ينشر فيديوهات لموت جنود الاحتلال وتفجير دبابات جيشهم.

وأكد أن ثبات المقاومة ورسائلها عبر مقاطع الفيديو المصورة هي رسالة للعالم العربي والدولي أن تخاذل العالم وصمته لن يدفع أهل غزة للخنوع والتنازل عن حقهم، موضحًا أن إعلام المقاومة أوصل رسائل للأمة العربية لنصرة أهل غزة ورسائل للعالم أن الفلسطيني صاحب الأرض يدافع عن أرضه ولن يتراجع عن مقاومته مهما بلغت تضحياتهم.

وشدد الزبدة على أن الإعلام بعد مرور 15 شهرًا على المعركة ما زال يحرك الرأي العام الدولي، وخير دليل على ذلك ملاحقة جنود الاحتلال في الدول الأجنبية ونبذ الاحتلال في عدد كبير من دول العالم.

الدور المميز للإعلام الرقمي

المختص في الإعلام الاجتماعي والتقني سائد حسونة قال إن الإعلام لعب دورًا محوريًا في تسليط الضوء على نجاحات المقاومة، وخاصة من خلال المحتوى الرقمي، مضيفًا أن الإعلام الرقمي أثر في الرأي العام الدولي من خلال المحتوى المرئي مثل الفيديوهات والرسوم البيانية والقصص المصورة، ما ساهم في تبسيط القضية الفلسطينية ونقلها إلى جمهور عالمي لا يتحدث العربية.

وأوضح حسونة لـ"شهاب" أن الصور ومقاطع الفيديو التي تعرض صمود الفلسطينيين ونجاحاتهم تصل إلى وجدان المشاهدين بشكل أسرع من النصوص التقليدية، مؤكدًا أن الإعلام نجح في تعزيز الوعي داخل المجتمعات العربية والإسلامية حول أهمية دعم القضية الفلسطينية، حيث تمكن من توثيق لحظات بطولية وأحداث فارقة تُظهر صمود الشعب الفلسطيني، مما زاد التعاطف الشعبي والإقليمي.

وأضاف أن الإعلام الرقمي بشكل خاص لعب دورًا رئيسيًا في إبراز تطور المقاومة، سواء عبر التقارير الميدانية أو الفيديوهات التي توثق العمليات النوعية، مبينًا أن هذا المحتوى لا يقتصر فقط على إبراز القوة بل يعكس أيضًا البعد الإنساني والمبدئي للمقاومة.

وشدد حسونة على أن الإعلام الفلسطيني واجه التضليل الإعلامي الموجه ضد القضية الفلسطينية بذكاء، عبر إنتاج محتوى رقمي موجه ومؤثر يكشف الحقائق ويضع المشاهد في قلب الحدث، مما يعزز مصداقية الرواية الفلسطينية، موضحًا أن الإعلام الحديث، بأدواته المرئية، أصبح جزءًا أساسيًا من معركة الوعي، ودوره في إبراز النجاحات وتحقيق الالتفاف حول القضية الفلسطينية لا يمكن إنكاره.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة