تقرير هل سيشكِّل اتِّفاق وقف النَّار في غزَّة نقطة انطلاق لترتيب البيت الفلسطينيِّ؟

هل سيشكِّل اتِّفاق وقف النَّار في غزَّة نقطة انطلاق لترتيب البيت الفلسطينيِّ؟

مثّلت مسألة "اليوم التالي للحرب" في قطاع غزة عقدة كبيرة في سير المفاوضات مع الاحتلال، خاصة بعد إعلان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه لن يسمح لحماس بالعودة للحكم في القطاع بعد انتهاء الحرب.

وأدرج نتنياهو عدم عودة حماس للحكم ضمن الأهداف المعلنة للحرب الإسرائيلية، التي امتدت لأكثر من 470 يومًا، ليتم التوافق في المرحلة الثانية من المفاوضات على إدارة جديدة للقطاع.

وجرت مفاوضات فلسطينية-فلسطينية مؤخرًا لتشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة مكوّنة من شخصيات مستقلة. كان من أهم مهامها تولي مسائل الإغاثة والإعمار في المراحل الأولى من الصفقة، ومن ثم إعادة ترتيب البيت الفلسطيني بشكل كامل.

ومع ذلك، لم تُفضِ تلك المفاوضات إلى أي نموذج إداري، نتيجة رفض رئيس السلطة محمود عباس للتوافق الفلسطيني، إضافةً إلى رفضه الخطط التي قدّمها الوسيط المصري لتلك الإدارة. وظلت هذه النقطة عالقة، بانتظار بلورة مقترحات جديدة تُدرج ضمن جولة المفاوضات للمرحلة الثانية مع الاحتلال الإسرائيلي.

فرصة ذهبية

في هذا السياق، قال الكاتب والمحلل الفلسطيني محمد القيق إن وقف النار في غزة يمثل فرصة ذهبية للفصائل الفلسطينية، خاصة لحركة فتح، التي يُفترض أن تفكر خارج الصندوق وتهرول لترتيب البيت الفلسطيني.

وأضاف القيق، في تصريح خاص لوكالة شهاب، أن قوة غزة تنعكس على قوة فلسطين بأكملها، ومن يحاول إضعاف غزة يعني أنه يضع الضفة الغربية في خطر التنازل على طبق من فضة للضم.

وأوضح أن القوة والانتصار في غزة يجب أن يُستثمرا لترتيب البيت الفلسطيني، ومحو حالات الإقصاء والتفرد من العقول.

وتابع: "طالما أن الأولويات الإقليمية والدولية تتغير، والمنطقة تشهد تغيرات استراتيجية ودراماتيكية، فمن الضروري ترتيب البيت الفلسطيني لمواجهة المشروع الخطير في الضفة الغربية. يجب ذلك عبر إعادة الشرعية وتجديدها من خلال انتخابات برلمانية ورئاسية والتوافق على حكومة وحدة وطنية."

وأشار إلى أن أي خيار غير هذا لن يكون ذا جدوى، فإدارة الانقسام لم تعد مجدية. وأضاف أن فكرة سلطة بلا حماس وبلا مقاومة عبثية. الوقت الآن يتطلب فتح صفحة جديدة، والاستفادة من الفرصة الذهبية لترتيب البيت الفلسطيني.

ونوّه القيق بأن هذه الفرصة يجب أن تُلتقط من قِبل دول الطوق تحديدًا، لحماية أمنها القومي من المخاطر المقبلة. وأشار إلى أن الخارجية الإسرائيلية نشرت خريطة تضم أراضي لبنان وسوريا والأردن، مما يوجب على هذه الدول دعم ترتيب البيت الفلسطيني ورؤية القضية الفلسطينية وفق القانون الدولي.

وأكد أن عدم ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني سيشكل ذريعة لنتنياهو و"إسرائيل" للمضي قدمًا في ضم الضفة الغربية. وأضاف أن نتنياهو سيبرر للعالم أن هناك فوضى في الضفة الغربية، وأن السلطة مرتبطة بمحمود عباس، وأن وفاته ستؤدي إلى انتشار الفوضى، مما سيمنح الاحتلال الحجة للسيطرة على الضفة بالكامل، سواء عسكريًا أو استيطانيًا أو سياسيًا.

وتابع: "الوقت ينفد، والأوضاع خطيرة. غزة انتصرت وتجاوزت الفخ، ويجب أن تعتمد على قوتها وانتصارها الذي جاء بتضحيات كبيرة من أهل غزة."

مبادرات حقيقية

من جانبه، قال الكاتب الفلسطيني محسن صالح إن وقف إطلاق النار يجب أن يمثل بداية جديدة لترتيب البيت الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية.

وأضاف صالح، في تصريح خاص لوكالة شهاب، أن ممارسات قيادة السلطة في رام الله حتى اللحظة تصر على التنسيق مع الاحتلال وملاحقة المقاومة، مما يثير القلق حول موقفها.

وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية لم تتعاون بعد فيما يتعلق بخطط اليوم التالي لقطاع غزة، ولم تحقق أي تفاهم مع قوى المقاومة التي واجهت الاحتلال في معارك غير متكافئة لأكثر من 15 شهرًا.

وأوضح: "هذا السلوك يجب أن يتغير. على السلطة إعادة النظر في حساباتها، خاصة فيما يتعلق بالتنسيق الأمني وملاحقة المقاومين الذين قدموا في غزة أروع الملاحم وحققوا انتصارًا كبيرًا على الاحتلال."

وتابع صالح: "يجب أن تكون هناك مبادرات حقيقية ممن يملكون مفاتيح الشرعية الفلسطينية المعترف بها دوليًا وعربيًا، وأن يفتحوا الأبواب لقيادة الشعب الفلسطيني نحو التحرير. هذا واجبهم تجاه شعبهم، وليس منّة."

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة