خاص / شهاب
مع دخول شهر رمضان المبارك، يعيش سكان قطاع غزة أوضاعًا إنسانية كارثية، وسط تصاعد المعاناة الناتجة عن الحصار المستمر والدمار الذي خلفته الهجمات المتكررة. ففي وقت يُفترض أن يكون شهر الرحمة والتآزر، يجد مئات الآلاف من العائلات الغزية أنفسهم يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء والمياه النظيفة، فضلًا عن انقطاع الكهرباء والخدمات الأساسية.
وفي ظل هذه الظروف القاسية، تتفاقم معاناة الأطفال والمرضى وكبار السن، حيث تعاني المستشفيات من نقص حاد في الإمدادات الطبية، بينما تواصل المنظمات الإنسانية جهودها المحدودة في ظل القيود المفروضة على دخول المساعدات. ومع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بسبب ندرة المواد التموينية، يجد العديد من الغزيين أنفسهم عاجزين عن تأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم اليومية، مما يجعل هذا الشهر الفضيل اختبارًا صعبًا للصبر والصمود.
يستعرض هذا التقرير أبعاد الأزمة الإنسانية التي يعاني منها سكان غزة، وينقل أصوات المتضررين في ظل غياب حلول جذرية تلوح في الأفق، وسط دعوات محلية ودولية لضرورة التحرك العاجل لإنهاء معاناة المدنيين وتوفير المساعدات اللازمة.
معاناة متواصلة
المواطنة أم محمد البيومي، التي تسكن في خيمة صغيرة أمام منزلها المدمر في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، تقول إن إغلاق المعابر أثر بشكل كبير على سكان القطاع، مشيرةً إلى أن المواطن يعتمد بدرجة كبيرة على المساعدات الإنسانية.
وأوضحت البيومي، لوكالة "شهاب" للأنباء، أن سكان القطاع، وهي واحدة منهم، خرجوا من هذه الحرب بأرواحهم ولم يبقَ لهم شيء، مضيفةً أن معظمهم يحتاجون إلى مساعدات، لكنها قليلة جدًا بسبب تضييق الاحتلال.
ولفتت إلى أن الحياة في الخيام قاسية، وأن السكان يحتاجون إلى الكثير من المستلزمات، مشيرةً إلى أن "كمية المساعدات التي تصل غير كافية لمواصلة الحياة، ولا سيما ونحن في شهر رمضان".
وتابعت أم محمد حديثها بحزن وألم قائلةً: "رمضان الحالي يمر علينا وسط ألم وحزن، وهذا العام الثاني لي ولأهل غزة الذين يعانون من نقص الطعام والمساعدات بسبب استمرار إغلاق المعابر".
تعيل أم محمد ستة أطفال بعد استشهاد والدهم خلال حرب الإبادة الجماعية، وتعيش ظروفًا صعبة ومأساوية كغيرها من العائلات الفلسطينية، إلى جانب المعاناة التي تواجهها الأسر الغزية بسبب إجراءات الاحتلال الهادفة إلى تعميق الأزمة الإنسانية.
ما توفر من طعام!
على مفترق الشجاعية، تجتمع عائلات فلسطينية دُمّرت منازلها، ويعيشون في مخيم جماعي. بعضهم ينتظر وجبة إفطار تُقدَّم للصائمين، بينما يحاول آخرون إشعال النار لطهو ما تيسر من الطعام لأطفالهم. الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة شديدة الصعوبة، إذ تعاني العائلات من نقص في الطعام والمساعدات، فضلًا عن غياب أبسط مقومات الحياة، بسبب الحصار المشدد وإغلاق المعابر من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
في هذا المشهد، يُرى المواطن فارس جندية وأطفاله الصغار وهم يكسرون الحطب لإشعال النار، في محاولة لمساعدة زوجته على تحضير وجبة الإفطار بما تيسر لديهم. يقول جندية: "الأوضاع التي نعيشها صعبة جدًا، لا سيما وأن أزمة إغلاق المعابر بدأت مع بداية شهر رمضان".
ويضيف جندية، لوكالة "شهاب" للأنباء، أن الطعام والخضروات وغيرها من الاحتياجات الأساسية كانت تُشترى يوميًا، بسبب عدم توفر الثلاجات وانقطاع الكهرباء المستمر، ما يجعل الحياة تسير يومًا بيوم.
وأوضح جندية أن موائد الإفطار والسحور باتت شبه فارغة بعد مرور ثمانية أيام من شهر رمضان، بسبب نقص المواد الغذائية الناجم عن استمرار إغلاق الاحتلال للمعابر. كما لفت إلى أن العائلات الغزية كانت تشتري طعامها يوميًا لعدم توفر أماكن لحفظه، بالإضافة إلى نقص المال نتيجة الحرب التي استنزفت الجميع.
وأضاف أن المواطنين ينتظرون أي جهة تقدم لهم المساعدة لتوفير وجبات الإفطار، نظرًا للظروف المعيشية الصعبة، مشيرًا إلى أنه منذ بداية رمضان تصل بعض وجبات الإفطار إلى المخيم، لكن في بعض الأيام يجد الشخص نفسه وعائلته يبحثون عن أي شيء يسد رمقهم.
وتابع جندية حديثه قائلًا: "أزمة إغلاق المعابر تؤثر علينا بشكل كبير، فالمواطنون يحتاجون إلى كل شيء يوميًا، فما بالك إذا كان المعبر مغلقًا منذ بداية رمضان، والقطاع يعاني من دمار شامل؟ هذا كله يفاقم الأوضاع ويجعل الحياة أصعب".
ويعكس إغلاق المعابر في غزة واقعًا إنسانيًا مأساويًا يفاقم معاناة السكان، حيث تتزايد الأزمات الصحية والاقتصادية، ويتعاظم شح الموارد الأساسية، في ظل هذا الوضع، تبرز الحاجة الملحة إلى تحرك دولي عاجل لإنهاء الحصار وضمان وصول المساعدات الإنسانية، بما يكفل للمدنيين حقوقهم الأساسية في الحياة الكريمة.
وتبقى آمال الأهالي معلقةً على جهود المجتمع الدولي، وسط نداءات مستمرة لإنهاء هذه المعاناة وفتح المعابر لتخفيف الأزمة المتفاقمة.