خاص - شهاب
اعتبر نائب رئيس هيئة الأركان الأردنية الأسبق الخبير الاستراتيجي العسكري الفريق قاصد محمود، أن المقاومة الفلسطينية بغزة على رأسها كتائب القسام، تزداد ثقة وإرادة على المضي في القتال، بينما يراكم الاحتلال "الإسرائيلي" الفشل على مختلف الجبهات.
وقال الفريق محمود في حوار خاص بوكالة (شهاب) للأنباء إن العدوان "الإسرائيلي" مستمر للشهر العاشر على التوالي، إذ جاء بعد ضربة حقيقية موجعة ومؤلمة وصادمة وجهتها المقاومة لجيش الاحتلال.
وأشار إلى أن الجيش "الإسرائيلي" بدأ حربه بوضع قتالي غير ملائم أبدا والمعنويات منخفضة واستعدادات ليست كافية، بعدما استدعى قوات الاحتياط على عجل.
وبحسب محمود، رغم أن الاحتلال بدأ عدوانه بقصف جوي مكثف على مدار نحو عشرين يوما ط، إلا أن الجيش لم يكن في قتالية مناسبة في ظروف قتالية كالتي في غزة، أمام مقاومة قوية، نفذت ضربة استثنائية في السابع من أكتوبر.
وأضاف أن المقاومة بدأت "طوفان الأقصى" بعملية هجومية نوعية على عشرات الأهداف في ساعات معدودة، واستطاعت أن تحقق إنجازا عسكريا مميزا، رفع من معنويات أفرادها وشعبها بشكل واضح، ومكنها من أن تحصل على غنائم كبيرة جدا، أهمها العدد الكبير من الأسرى.
ووصف ورقة الأسرى بالمهمة جدا، موضحا أن المقاومة استطاعت أن تودفها توظيفا سياسيا مناسبا.
ويعتبر الخبير العسكري الأردني أن الجيش "الإسرائيلي" يراكم الفشل مرحلة تلو الأخرى منذ بدء العدوان البري من الشمال حتى الوسط والجنوب، وصولا إلى رفح التي يجتاحها الاحتلال منذ نحو شهرين ويواجه فيها انسداد أفق كامل للنجاح سواء الأهداف العسكرية أو السياسية.
وأكد محمود أن الاحتلال فشل في تحقيق أهداف عدوانه، فلم ينجح بالقضاء على المقاومة أو استعادة أسراه أو تحويل غزة إلى "منطقة آمنة" أي لا ينطلق منها ما يهدد "أمن إسرائيل" وعجز عن إنهاء حكم حماس بالقطاع، وكذلك هدفه الخفي غير المعلن بالإبادة الجماعية التي تؤدي إلى التهجير القسري أو الطوعي.
واستدرك قائلا: "لكن المقاومة خلال عملية رفح وحتى بعد نهايتها قريبا، ما زالت على أعلى درجات الاستعداد والإمكانات والبراعة القتالية بكل أساليب ومستويات ووسائل القتال المتاحة، إضافة إلى الحالة النفسية والمعنوية وإرادة القتال العالية جدا، إلى جانب إدارة العمليات المشتركة التي تدير جبهات متعددة شمالا ووسطا وجنوبا، وأكثر من خمسة فصائل مقاومة في آن واحد".
ووفق الفريق محمود، ذلك يتم على أن المقاومة جاهزة لكل الاحتمالات.
ويرى أن الاحتلال فشل في كل المناطق التي توغل فيها، وتلقى الضربات والدروس من المقاومة، ولا يزال يتلقاها في حي الشجاعية وعلى محور نيتساريم الذي يفصل الشمال عن الوسط والجنوب.
وقال إن المقاومة حولت محور نيتساريم من منطقة استقرار وحشد وتجمع لقوات الاحتلال إلى هدف يومي لعملياتها النوعية، واستطاعت من خلاله أن توقع الخسائر بالعدو الصهيوني.
وحول عودة جيش الاحتلال لاجتياح حي الشجاعية شرق مدينة غزة، قال الفريق محمود إن "الجيش ما زال غير قادر على اقتحامها بشكل كامل في ظل التصدي والصمود من قبل المقاومة التي استطاعت أن توقع بالعدو العديد من الخسائر في القوات والآليات، من خلال العمليات النوعية".
ووفق الخبير العسكري، فإن مقاومي القسام يواصلون قتال جيش الاحتلال بأعلى درجات الكفاءة والاتزان والمعنوية والأريحية، وكأنهم بالأسبوع الأول وليس في الشهر العاشر من العدوان.
وعقب قائلا: "هذا يدل على أن المقاومة مع طول أمد الحرب، تزداد ثقة بنفسها وقناعة وإيمان وروح قتالية وإصرار وإرادة على المضي في القتال".
وفي السياق ذاته، عد الفريق الأردني أن الأفق مسدود أمام "إسرائيل" للنجاح في قطاع غزة، مبينا أن الفشل واضح وذريع في كل المناطق، ولا يوجد أية احتمال للنجاح.
ولفت إلى تصريحات المسؤولين الإسرائيليين لا سيما العسكريين، الذين تحدثوا بوضوح عن أن "أفق النجاح مسدود، ولا مجال للنجاح والعودة بالأسرى أو القضاء على حماس التي تستطيع أن تعيد ترميم وتدريب نفسها من جديد".
وذكر أن تلك التصريحات تمثل اعترافا واضحاً من الاحتلال أن "حماس بغض النظر عن خسائرها، لكنها لا تزال قادرة على القتال إلى أمد زمني مفتوح، في ظل الظروف والبيئة العملياتية وميادين وعقد القتال التي حضرتها وشبكة الانفاق لديها وبالشعب الذي ما زال يساندها".
ووفقا للخبير العسكري، لا يوجد لدى المقاومة أية مشكلة للإستمرار بالقتال، لكن التحدي الأكبر هو الوضع المدني بغزة وتعمد الاحتلال مفاقمة معاناة سكان القطاع الذين مازالوا صامدين.
جبهة الشمال
وحول قراءته للوضع الراهن، قال: "التحول الجديد الآن، الحديث الإسرائيلي عن جبهة الشمال واعتبارها البديل العملياتي المناسب، إذا ما انتهت الحرب خصوصا أن رفح عمليا انتهت، في ظل الحديث عن مرحلة ثالثة".
وتشبه "المرحلة الثالثة" بحسب الفريق محمود، ما يحدث في شمال القطاع حاليا، بمعنى بقاء قوات الاحتلال عند محور نيتساريم أو فيلادلفيا وانسحابها من القطاع، ثم تنفيذ "عمليات نوعية".
وفي ما يتعلق بجبهة لبنان، قال: "كانت جبهة مقترحة بديلة، لكن حينما اكتشفوا أن هناك فعلا استعداد لدى حزب الله لرد قاس بما لديه من إمكانيات مؤثرة، تراجعوا بشكل واضح ".
وأفاد بأنه لا مصلحة لإسرائيل وأمريكا أو لبنان بتوسع الحرب؛ لا سيما أن هناك اتفاقية غاز بين هذه الأطراف برعاية الولايات المتحدة.
ونوه بأن المندوب الأمريكي حذر "إسرائيل" من أن حزب الله يستطيع أن يدمر منصات التنقيب ومصنعات الغاز العاملة في حيفا وغيرها من الأهداف "لذا بات هناك بعض التراجع".
ويرى الخبير العسكري أن نتنياهو ومن معه من زمرة الوزراء المتطرفين جدا، ما زالوا مع استمرار الحرب، عادا أن تحول الحديث الحالي عن "الهدنة" مناورة سياسية لنتنياهو، الذي سيذهب إلى واشنطن ويخاطب الكونغرس ويجتمع مع الرئيس جو بايدن.
لكن الفريق محمود أكد أن العقلية الصهيونية التلمودية تركز على الجانب الآخر من الحرب، وهو الإبادة والتهجير في غزة والضفة.
جبهة الضفة
ويعتقد نائب رئيس هيئة الأركان الأردنية الأسبق أنه رغم الحرب المتواصلة على غزة، إلا أن "الهدف الأكبر استراتيجيا لإسرائيل هو في الضفة الغربية المحتلة".
وقال: "الضفة جبهة محتملة أيضا وقوية، أثبتت في الأيام والأسابيع الأخيرة أن لديها من الإمكانيات ما لديها، وتستطيع أن توجع وتؤلم العدو الإسرائيلي".
واعتبر أن الضفة قد تكون الكفة الراجحة في لحظة معينة إذا ما تطورت هذه الحرب إلى عدة جبهات.
ولفت إلى أن "جبهة غزة" استنزفت وأتعبت الجيش الاسرائيلي، والجبهة الشمالية تستطيع أيضا أن تدمر وتوقع الأذى الكبير في البنية الإسرائيلية التحتية كلها ككيان، فتأتي الضفة كجبهة تستطيع أن تخترق من خلال كبد وأحشاء الكيان الصهيوني في الوسط، ومئات آلاف المستوطنين المحيطين بالضفة.
توسع الحرب
وأضاف: "أعتقد ستكون هناك (في الضفة) المعركة الأكثر حسما، إذا ما استمرت هذه الحرب"، مشيرا إلى أن احتمال استمرار وتوسع الحرب لا يزال قائما "لكن القرار النهائي حول هذا بيد أمريكا وإيران".
واستطرد: "إذا تفاهم هذان الطرفان، وكانت أمريكا تمتلك الجرأة والقدرة على لجم نتنياهو ستلجمه، وإلا فإن احتمالات الحرب موجودة، وفي هذه الحال ستكون الحرب في غزة هامشية جدا وستتحول إلى حرب إقليمية قد تتحول إلى عالمية".
وتابع: "من هنا ستدخل الجبهات الأخرى، من العراق وسوريا والبحر الأحمر والحوثيون الذين لديهم إمكانيات وصواريخ باليستية وفرط صوتية يستطيعون أيضا أن يقوموا بأدوار مهمة جدا".
وأكمل الفريق محمود: "ستكون أمريكا فوق إسرائيل في هذه المواجهة، وأعتقد ستكون مواجهة كبيرة جدا ومآلاتها بالتأكيد سوف تصب في صالح القضية الفلسطينية والمقاومة بكل الحسابات".
ووفقا للمسؤول العسكري الأردني السابق، ما أنجزته المقاومة حتى الآن، وما قامت به ستكون نتائجه الإيجابية المحققة بكل معنى الكلمة لصالح غزة والقضية الفلسطينية.
حماس باقية
ورجح انتهاء الحرب عند المستوى الحالي "إذا كانت الإمكانيات الأمريكية بالمستوى المطلوب، حيث تخرج إسرائيل من هذه الحرب باعتراف واضح لحماس أنها ستبقى موجودة".
وقال: "هذا فشل ذريع، يقض مضاجع نتنياهو ويجعله يصر على الحرب؛ كون أي نهاية للحرب بوجود حماس تعني فشله وهزيمته ونهايته سياسيا".
وختم الفريق قاصد محمود حديثه لـ"شهاب" قائلا: "واضح حتى الآن، بالرغم من كل العداء المحيط بحركة حماس، وأقصد الجميع الذين يريدون أن يتخلصوا من حماس بعيدهم وقريبهم، لا تزال هذه الحركة قادرة على أن تثبت وجودها بقوة المقاومة العسكرية على الأرض، وهذا سيبقى مهم جدا في اتجاه المنطقة كلها في الأسابيع القادمة".