كيف دفعت "طوفان الأقصى" الإسرائيليين للهجرة والفرار خارج الكيان؟

كيف دفعت "طوفان الأقصى" الإسرائيليين للهجرة والفرار خارج الكيان؟

شهاب - تقرير

أحدثت عملية "طوفان الأقصى" موجات من الاضطرابات والتأثير السلبي الهائل على المجتمع الإسرائيلي، أبرز تجليات تلك الاضطرابات أن آلاف الإسرائيليين أصبحوا مقتنعين بأن "إسرائيل" لم تعد ذلك الوطن الآمن الذي وعدوا به، وأنه خير لهم أن يحزموا أمتعتهم ويتركوا هذه الأرض عائدين من حيث أتوا.

وفي أحدث تأكيد على تلك الإضرابات، ذكرت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن أعداد المهاجرين اليهود إلى "إسرائيل" تراجعت بنحو 50% مقارنة بالعام السابق للحرب على غزة.

وفي بداية عام 2024، نشرت مجلة زمان الإسرائيلية بناء على ما قالت إنها معلومات صادرة عن هيئة السكان والهجرة الإسرائيلية أن 470 ألف إسرائيلي هاجروا بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى، وليس معلوما ما إذا كانوا سيعودون إلى الكيان أم لا، علما بأن هذه الأرقام لم تشمل آلاف العمال الأجانب والدبلوماسيين الذين غادروا البلاد منذ اندلاع الحرب.

وأظهرت الأرقام المبكرة أيضا أن عدد المهاجرين اليهود إلى الكيان قد انخفض مع الشهر الأول بعد أكتوبر/تشرين الأول 2023 بنسبة 50% مقارنة ببداية العام، ثم انخفض العدد بنسبة 70% في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إذ هاجر فقط ألفا شخص إلى الكيان بين بداية أكتوبر/تشرين الأول ونهاية نوفمبر/تشرين الثاني.

وبحلول يونيو/حزيران 2024 ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن نصف مليون إسرائيلي غادروا بالفعل الكيان الصهيوني ولم يعودوا في الأشهر الستة الأولى من الحرب، ولا يُعلم ما إذا ما كان ذلك قرارا مؤقتا أم أنه سيتحول إلى هجرة دائمة.

وفي يوليو/تموز أكدت الصحيفة نفسها نقلا عما أوردته القناة الـ12 الإسرائيلية الإخبارية اعتمادا على بيانات المكتب المركزي للإحصاء أن عدد أصحاب الجنسية الإسرائيلية الذين غادروا بشكل دائم بعد طوفان الأقصى ارتفع بشكل كبير في الشهر الأول من الحرب، ثم انخفض العدد نسبيا في الأشهر التالية.

وفي هذا السياق، تذكر الصحيفة أن الإسرائيليين كانوا يهاجرون بالفعل بوتيرة مرتفعة منذ منتصف عام 2023.

وبحسب تلك الأرقام الجديدة التي ذكرتها الصحيفة الإسرائيلية، فقد هاجر نحو 12 ألفا و300 إسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولم يعد هؤلاء حتى يونيو/حزيران 2024، ثم غادر البلاد 30 ألف إسرائيلي على نحو دائم في الشهرين التاليين.

"أرقام كبيرة"

ويعد تعداد الإسرائيليين الذين هاجروا من دولة الاحتلال خلال الشهر الأول لـ"طوفان الأقصى" مفزعا، إذ تؤكد بيانات هيئة الإحصاء الإسرائيلية أنهم كانوا أكثر بنسبة 285% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022.

وقد أكدت القناة الـ12 في تغطيتها أن الأدلة تشير إلى أن جل من فروا من دولة الاحتلال من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 حتى مارس/آذار 2024 لا ينوون العودة مرة أخرى، وأنهم بدؤوا بالفعل الانتقال التام بحياتهم إلى خارج البلاد.

وفي السياق ذاته، أكد تقرير نُشر في يوليو/تموز الماضي عن معهد "سياسة الشعب اليهودي" أن ربع اليهود في دولة الاحتلال و40% من فلسطينيي الداخل أصبحوا يفكرون في الهجرة فور أن تتاح لهم الفرصة بسبب الحرب.

وبحسب صحيفة "جيروزاليم بوست"، فإن هذا الإحصاء يعكس انخفاض ثقة المواطنين في قيادة جيش الاحتلال.

ومما يلفت الانتباه في هذا التقرير أنه أوضح أن أصحاب التوجه اليميني في الكيان الصهيوني أصبحت الأغلبية العظمى منهم لا تثق في قيادة جيشها ولا حكومتها.

"ظاهرة واضحة"

وتخبرنا هذه التقارير مجتمعة عن حقيقة واضحة هي أن هجرة المواطنين اليهود من دولة الاحتلال الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول أصبحت ظاهرة واضحة لا يمكن تجاهلها رغم أن قصر المدة واختلاف معايير الإحصاءات يصعّبان مهمة الوقوف على حجمها بدقة، فضلا عن مآلها النهائي.

وفيما يبدو فإن المسؤولين في دولة الاحتلال فطنوا إلى ذلك الأمر حتى أن وزير المالية المنتمي إلى اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش أعلن في فبراير/شباط 2024 خطة لمنح مكافآت مالية للمهاجرين الجدد القادمين من الغرب إذا ما عاشوا ضمن ما سماها "الحدود الجنوبية أو الشمالية لإسرائيل"، أو في الضفة الغربية.

ومن الواضح أيضا أن الأشهر الماضية لم تشكل فقط تحديا سياسيا وأمنيا لدولة الاحتلال، وإنما فرضت أسئلة اجتماعية وديمغرافية صعبة، ليس فقط لأن الدولة التي طالما وُصفت بأنها لا تقهر تعرضت لهجوم مباغت مذل من جماعة لا تضاهيها بأي حال على المستوى العسكري، ولكن أيضا لأن قطاعات واسعة من المجتمعات في العالم أصبحت تنظر إليها بوصفها كيانا محتلا، وتعبر بوضوح عن كون استهدافها يعد مقاومة وليس إرهابا ويعبر عن تطلعات وطنية مشروعة بحكم العرف التاريخي والقانون الدولي كليهما.

المصدر : شهاب

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة