تقرير عامٌ على الطوفان.. المقاومة تحرم نتنياهو من سحب ورقة الأسرى لديها

عامٌ على الطوفان.. المقاومة تحرم نتنياهو من سحب ورقة الأسرى لديها

خاص – شهاب

 تمكنت فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام في السابع من أكتوبر 2023، من أسر ما يزيد عن 200 جندي ومستوطن إسرائيلي، بعد هجوم كبير شنته القسام على مستوطنات غلاف غزة.

وأعلنت حركة حماس بعد أيام من السابع من أكتوبر أصدرت حركة حماس، مذكّرة بعنوان: "هذه روايتنا.. لماذا طوفان الأقصى؟"، شرحت فيها الأسباب المحقة والعادلة التي دفعت الشعب الفلسطيني ومقاومته إلى ملحمة "طوفان الأقصى"، بعد عقود من الاحتلال الإسرائيلي والجرائم والانتهاكات.

وأوضحت الحركة في المذكرة أنّ أحداث 7 أكتوبر 2023 يجب أن توضع في سياقها الأوسع، حاثّةً على استحضار حالات النضال التحرّري في العالم في التاريخ المعاصر.

وعن أهداف المقاومة في الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر، أكدت الحركة أنّ "طوفان الأقصى" استهدفت المواقع العسكرية الإسرائيلية، وسعت لأسر جنود الاحتلال ومقاتليه، من أجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.

وشدّدت على أنّ الهجوم تركّز على فرقة غزة العسكرية الإسرائيلية والمواقع الإسرائيلية في مستوطنات "غلاف غزة"، حيث "تمّ تجنّب استهداف المدنيين، وخصوصاً النساء والأطفال وكبار السن"، على اعتبار ذلك "التزاماً دينياً وأخلاقياً، يتربّى عليه أبناء حماس".

كما أكدت أنّ "مقاومتنا منضبطة بضوابط وتعليمات ديننا الإسلامي الحنيف، وجناحها العسكري يستهدف جنود الاحتلال ومن يحملون السلاح ضد شعبنا"، لافتة إلى "أنّنا تعاملنا بصورة إيجابية مع ملف المدنيين الذين تم أسرهم في قطاع غزة، وسعينا منذ اليوم الأول لإطلاق سراحهم بالسرعة الممكنة".

صفقة تبادل

وبعد جهود مضنية وحثيثة، تمكن الوسطاء من الوصول إلى صيغة بمقتضاها تبرم صفقة تبادل مع الاحتلال الإسرائيلي، وفق بنود معينة.

ففي نهاية شهر نوفمبر، أطلق الاحتلال سراح 240 أسيراً فلسطينياً، 107 منهم أطفال، وثلاثة أرباعهم لم تتم إدانتهم بارتكاب جريمة، وفي المقابل، أطلقت حماس سراح 105 مدنيين، من بينهم 81 إسرائيلياً و23 تايلانديًا وفلبينيًا واحدً.

وأظهرت كتائب القسام خلال عملية التبادل، التزمها الكبير بالتعامل الإنساني مع الأسرى لديها وخاصة المدنيين.

وأظهرت المشاهد بعض الاسرى الإسرائيليين من النساء والأطفال، وهم يودعون مقاتلي القسام والابتسامة على وجوههم والتحية، وهو ما أثار جدلاً واسعًا على مواقع التواصل، خاصة في ظل إعلان أطباء إسرائيليين وذوي الأسرى عن تمتعهم بحالة صحية جيدة وتعاملهم بشأن إنساني.

وما لفت الانتباه في فيديوهات القسام المنشورة، أن المحتجزين الإسرائيليين وجّهوا التحية لعناصر الكتائب، لحظة إطلاق سراحهم ونقلهم إلى سيارات الصليب الأحمر، حيث ودعهم أحد المقاتلين بالقول: “إلى اللقاء الآن”، وبادلته سيدة وطفلتها التحية وهما تبتسمان.

وما أثار الانتباه أيضا أن القسام أجرى تسليم دفعات من الأسرى في مناطق كان الاحتلال متوغل فيها وأجرى فيها جرائم كبيرة، خاصة ساحة فلسطين وسط مدينة غزة.

خطوة القسام اعتبرها متابعون ومختصون، بأنها فشل كبير للاحتلال يقابله نجاح وإبداع تكتيكي في سياق الحرب الشرسة القائمة التي طالت الحجر والشجر والبشر.

عقيدة التحرير

مع اقتراب الحرب على غزة "طوفان الأقصى" من العام، عادت قضية تحرير الأسرى من سجون الاحتلال لتكون الملف التطبيقي الأول لدى المقاومة ضمن الضرورة التي تحوّلت إلى عقيدة لدى الفلسطينيين مهما كان ثمنها، وبات الحديث اليوم عن تبييض السجون ضمن صفقة كبيرة في نهاية الحرب.

على مدار الصراع مع الاحتلال كانت قضية الأسرى أحد الملفات الهامّة التي أراد الاحتلال من خلالها وقف وتفكيك العمل المقاوم، حيث اتخذ سياسة مشدّدة لاعتقال الفلسطينيين بهدف جمع المعلومات، وبهدف معاقبة من يعملون في المقاومة، وبهدف عزل المقاومين عن الجماهير التي كانت تتأثّر بأعمالهم المقاومة.

وخلال سنوات الصراع مع الاحتلال كثّف الاحتلال عمليات الأسر للمقاومين، وبلغت الأعداد في بعض الأحيان عشرات الآلاف، وهو ما فرض على المقاومة وضع ملف الأسرى على رأس أولويات العمل المقاوم، والتفكير في حلول لهذا الملف، ولم يجد الفلسطينيون وسيلة سوى أسر جنود الاحتلال لمبادلتهم بالأسرى.

وحينما فشلت كلّ الوسائل في الإفراج عن الأسرى في سجون الاحتلال، تحوّلت قضية أسر الجنود بهدف إجراء صفقات تبادل مع الوقت من عمليات اضطرارية ضمن العمل المهني لقوات المقاومة، إلى عقيدة يحملها المقاتلون في الفصائل الفلسطينية، ما بين تخطيط وتجهيز، وفكر قتاليّ خلال المعارك، وبات كلّ مقاتل يرى أن أحد الأهداف السامية التي يقوم بها خلال المعركة أن ينفّذ عملية أسر لجنود العدو.

الحالة الشعبية ساعدت في تحويل عمليات أسر الجنود من ضرورة إلى عقيدة، إذ بات يرى المواطنون أن تنفيذ عمليات تبادل الأسرى جزء من حالة الانتصار على العدو، وهو ما جعل قيادة المقاومة والمقاتلين توّاقين لتحقيق جزء من النصر، عبر ترسيخ عمليات أسر الجنود ومبادلتهم بالأسرى في سجون الاحتلال.

فيما كان للأحكام العالية التي أصدرتها محاكم الاحتلال على المئات من الأسرى الفلسطينيين، دور بارز في تحرّك المقاومة للتفكير في تنفيذ عمليات أسر بهدف التبادل وإنهاء معاناة قد تستمر لسنوات طويلة، وذلك يعود إلى البعد الإنساني والأخلاقي والثوري الذي لا يقبل فيه أن يدفن الكثير من الأسرى داخل الزنازين لسنوات طويلة أو مدى الحياة.

محاولات فاشلة

وخلال عام من حرب الإبادة على قطاع غزة، والدخول البري لمعظم مناطق قطاع غزة، جرت محاولات عدة لتحرير الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية.

أول تلك المحاولات، هي دخول قوات خاصة للمخيم الجديد بالنصيرات وسط قطاع غزة، عبر سيارات خاصة بمنظمات دولية، لكن يقظة مقاومي القسام حالت دون ذلك وكشفت القوة الخاصة واشتبكت معها، وأوقعتها بين قتيل وجريح، إضافة إلى مقتل الأسير الإسرائيلي.

كما أجرى الاحتلال محاولتان اعتبرهما ناجحتان بتحرير أسرى من رفح وكذلك أربعة من النصيرات بعد ارتكاب مجزرة كبيرة ارتقى خلالها ما يزيد عن 280 فلسطينياً وإصابة ما يقارب 1000 شخص.

المحاولات الناجحة لم تؤتي ثمارها كما حلم نتنياهو، فكان مفعولها لا يدوم أكثر من 24 ساعة لتعود المطالبات من أهالي الأسرى الإسرائيليين بإبرام صفقة مع المقاومة، وأن نجاح محاولة لا يعني نجاح غيرها، وقد تعرض باقي الأسرى للخطر.

استراتيجية جديدة

طبّقت فصائل المقاومة الفلسطينية قراراً يبدو أنها اتخذته عقب ارتكاب جيش الاحتلال مجزرة مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة، في الثامن من حزيران الماضي.

وقال الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة في تصريح مقتضب بعد تحرير الاحتلال 6 جثث لأسرى إسرائيليين:" نتنياهو وجيش الاحتلال وحدهم من يتحملون المسئولية الكاملة عن مقتل الأسرى بعد تعمدهم تعطيل أي صفقة لتبادل الأسرى لمصالح ضيقة، علاوةً على تعمّدهم قتل العشرات منهم من خلال القصف الجوي المباشر".

وأضاف أبو عبيدة:" نقول للجميع وبشكلٍ واضحٍ أنه وبعد حادثة النصيرات، صدرت تعليماتٌ جديدة للمجاهدين المكلفين بحراسة الأسرى بخصوص التعامل معهم حال اقتراب جيش الاحتلال من مكان احتجازهم".

وتابع:" إصرار نتنياهو على تحرير الأسرى من خلال الضغط العسكري بدلاً من إبرام صفقةٍ سيعني عودتهم إلى أهلهم داخل توابيت وعلى عوائلهم الاختيار إما قتلى وإما أحياء".

وحدة الظل

وبعد هذا السرد يمكن القول بأن وحدة الظل التابعة لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكرى لحركة حماس، تمكنت من هزيمة المخابرات الإسرائيلية في حرب الأدمغة التي جرت خلال عام من العدوان الإسرائيلي على غزة، ونجحت هذه الوحدات في إخفاء عشرات الأسرى الإسرائيليين دون أن يتمكن الاحتلال من تحديد أماكنهم.

وتعد "وحدة الظل" من أكثر الوحدات العسكرية أهمية في كتائب القسام، وتحافظ على سريتها بشكل كبير للغاية، لحساسية المهمة التي تأسست من أجلها، وهي "تأمين الأسرى الإسرائيليين" في غزة وإبقاؤهم في دائرة المجهول، لضمان عمليات تبادل أسرى ناجحة مع الاحتلال الإسرائيلي.

توكل مهمة الإشراف على الوحدة العسكرية إلى القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، وقد كشف النقاب عن وجودها لأول مرة بعد مرور 10 أعوام على تأسيسها في عام 2016، بعد تولي مهمة تأمين الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط التي انتهت بصفقة تبادل أسرى ناجحة.

وتسند إلى الوحدة مهام خطيرة منها إبقاء كافة الأسرى في دائرة المجهول، إحباط جهود الاحتلال الإسرائيلي للوصول إلى الأسرى، معاملة الأسرى بكرامة واحترام وفق أحكام الدين الإسلامي وتوفير الرعاية التامة لهم المادية والمعنوية، أخذ في الاعتبار معاملة جيش الاحتلال للأسرى الفلسطينيين.

المصدر : شهاب

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة