في الخامس والعشرين من يونيو عام 2006م، أسرت المقاومة الفلسطينية الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط من داخل دبابته، خلال عملية عسكرية شرق محافظة رفح.
سُجلت عملية أسر شاليط والاحتفاظ به حيًا في قطاع غزة لخمس سنوات كإحدى أعظم عمليات المقاومة الفلسطينية لما تلاها من صفقة تبادل للأسرى مشرفة.
يوافق اليوم الثامن عشر من أكتوبر الذكرى العاشرة لصفقة وفاء الأحرار التي حررت بموجبها المقاومة الفلسطينية 1027 أسيرًا، جُلهم من أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات، مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
صفقة توجت جهودًا عظيمة للمقاومة الفلسطينية، وصمودًا وجلادة منقطعة النظير لأبناء شعبنا الفلسطيني، في حين وصمت الاحتلال بعار الهزيمة بعدما فشل في استعادة جنديه بالوسائل جميعها.
تفاصيل الصفقة
أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس آنذاك خالد مشعل التوصل لاتفاق تبادل أسرى في 11 تشرين أول 2011م، بعد مفاوضات مُضنية عبر أكثر من وسيط بين قيادة حماس والكيان الصهيوني، إلا أن الوسيط المصري نجح في إتمام الصفقة، لتتم عملية التبادل على مرحلتين.
أُنجزت المرحلة الأولى من صفقة "وفاء الأحرار" في الثامن عشر من أكتوبر بالإفراج عن 450 أسيرًا، إضافة إلى جميع الأسيرات وعددهن 27 أسيرة، بينهن 5 أسيرات محكوم عليهن بالسجن المؤبد.
وأُفرج في المرحلة الأولى عن 315 أسيرًا محكومًا عليهم بالمؤبد من أصل 450 حُكموا بالسجن ما مجموعه 92 ألف سنة، حكموا بها إثر عمليات بطولية نتج عنها مقتل 1120 جنديًا ومستوطنًا.
وأفرج الاحتلال في المرحلة الثانية من الصفقة في الثامن عشر من ديسمبر عن 550 أسيرًا فلسطينيًا من السجون الإسرائيلية محكومون بما يقدر بـ 2300 سنة.
وقد اشترطت المقاومة الفلسطينية أن يكون الأسرى المفرج عنهم في المرحلة الثانية من المحكومين على خلفية وطنية أو أمنية وليست جنائية، وألا يكونوا من الأسرى الذين أوشكت مدة سجنهم على الانتهاء.
إبداع المقاومة
ظهر إبداع المقاومة في يوم تسليمها الجندي جلعاد شاليط إلى الوسيط المصري الذي سيسلمه إلى الاحتلال، في عملية أمنية معقدة جدًا.
وجهت كتائب القسام عشرات السيارات المتطابقة في الشكل إلى معبر رفح، وكان شاليط في إحداها، ووسط الترقب، دخل شاليط في تمام الساعة 10:05 صباحًا إلى الجانب المصري من معبر رفح والقائد الشهيد أحمد الجعبري قابض على يده إلى جانب مجموعة كبيرة من مقاتلي القسام.
إنجاز حقيقي
وتعد صفقة وفاء الأحرار إنجازًا تاريخيًا حقيقيًا لمشروع المقاومة، كما مثلت انتصارًا كبيرًا للشعب الفلسطيني، ورسمت الصفقة لوحة وطنية مشرقة، إذ شملت أسرى من القوى والفصائل الفلسطينية كافة لتتجلى بذلك الوحدة الوطنية في أبهى صورها.
وشملت الصفقة كذلك أسرى فلسطينيين من الأراضي الفلسطينية كافة، من قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة والأراضي المحتلة عام 1948 والقدس المحتلة، كما شملت أسرى من الجولان السوري المحتل؛ وهو ما يعكس حرص المقاومة على شمولية الصفقة.
وحدة الظل
وفي أعقاب أسر شاليط أسست كتائب القسام وحدة الظل عام 2006م، لتكون الوحدة السرية المكلفة بإخفاء شاليط والاحتفاظ به داخل قطاع غزة، وتصبح واحدة من أهم الوحدات العاملة في الكتائب، فيما كشفت كتائب القسام وبقرار مباشر من قائدها العام محمد الضيف في يناير عام 2016م عن وحدة الظل المكلفة بتأمين الأسرى "الإسرائيليين" الذين تأسرهم الكتائب وتخفيهم عن الاحتلال وعملائه.
واستطاعت وحدة الظل أن تحقق نجاحًا استخباراتيًا منقطع النظير على مدار خمس سنوات، إذ أفشلت كل محاولات الاحتلال الإسرائيلي بأدواته وأجهزته الاستخبارية كافة للوصول إلى أي معلومة أو طرف خيط حول مكان احتجاز شاليط.
بعد مرور عشر سنوات على صفقة وفاء الأحرار، لا تزال كتائب القسام تحكم قبضتها منذ عدة سنوات على عدد من الأسرى من جنود العدو، وتبذل الغالي والنفيس للتوصل إلى صفقة تبادل جديدة لإطلاق سراح الأسرى من سجون الاحتلال.