خاص - شهاب
حصلت وكالة (شهاب) للأنباء على نسخ من محاضر التحقيق مع شخصيات رفيعة في السلطة الفلسطينية في ملف اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات.
وتكشف الوثائق، تفاصيل ما تحدثت به قيادات من السلطة وحركة فتح للجنة التحقيق التي تم تشكيلها برئاسة اللواء توفيق الطيراوي في أكتوبر 2010.
وكان الطيراوي، قد أصدر بتاريخ 1 نوفمبر/تشرين ثاني 2022 بيانًا أكد فيه أن وثائق تحقيق تتعلق بوفاة عرفات "تمت قرصنتها وتسريبها". وشدد الطيراوي على أن تلك الوثائق "سرية لضمان سلامة سير التحقيق، إلى حين الوصول إلى الحقيقة الكاملة" المتعلقة بأسباب وفاة عرفات.
اقرأ/ي أيضا.. تسريب وثائق تحقيق مع شخصيات رفيعة باغتيال "أبو عمار" .. الطيراوي: تمت قرصنتها
وتوفي ياسر عرفات "أبو عمار" في مشفى باريس العسكري في 11 نوفمبر 2004 بعد فترة من الحصار الإسرائيلي له في مقر المقاطعة برام الله وسط الضفة الغربية، فيما تم تشكيل لجنة التحقيق بعد مرور ست سنوات على اغتياله.
وكانت قناة الجزيرة كشفت في تحقيق استقصائي لها عن إمكانية وفاة عرفات بمادة البولونيوم المشعة.
وتكشف الوثيقة الجديدة جلسة شهادة عقدت بتاريخ 4 مايو/آيار 2014 ميلاني، لرئيس الحكومة برام الله وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، حاليًا محمد اشتية، الذي عمل مع الرئيس الراحل ياسر عرفات منذ عام 1996، حيث كان (أبو عمار) رئيسا مباشرًا له، في المجلس الاقتصادي الفلسطيني ورئيس مجلس المحافظين.
وردًا على سؤال (خلال زياراتك للرئيس أبو عمار، هل كنت تعتقد بأن الجو الأمني مناسب وعلى قدر كافٍ من الحماية للرئيس؟)، أجاب اشتية: "إذا أردنا الحديث عن اجراءات لشخص كأبو عمار بدون أدنى شك فهو بحاجه إلى جو أفضل من الذي كان به، فهذه هي كانت شخصية الرئيس ابو عمار فهو كان رجل منفتح وشعبي وتربطه علاقة بكل الناس، فقد كان الرئيس ابو عمار رجل استثنائي".
كما سُئِل اشتية خلال التحقيق، حول العمليات الاستشهادية في الانتفاضة وما إذا كان الهدف منها التأثير على أبو عمار وإنهاء دوره أو أنها كانت طابع عسكري محض هدفها الاساسي زيادة عدد القتلى. ورد اشتية: "أي عمليه في الدنيا لابد أن يكون لها بعد سياسي ونحن في فتح اخذنا المنظمة من الكفاح المسلح وأنا برأيي ان حماس أرادت أن تخطف منظمة التحرير وان تخطف القيادة الفلسطينية بالعمليات التي قامت بها. المشكلة الأكبر اننا تشاركنا في الميدان دون أن يكون عندنا فهم سياسي مشترك وأدوات مشتركة وبالتالي ذهبت انت معهم واعطيتهم هذا المجال في ظل الظروف الأمنية السائدة دون أن يكون هناك اتفاق مشترك بينكما على أي شيء، لذلك أصبح كل شيء يقومون به عبارة عن جرف لقاعدتك الشعبية هذا حسب تقديري".
وردًا على سؤال (هل تعتقد أنه تم اغتيال ياسر عرفات بعيدا عن رفع الغطاء السياسي الدولي والعربي والفلسطيني؟)، قال اشتية: "الواضح من مسلسل الاحداث ان الغطاء الدولي والعربي والفلسطيني قد انكشف وياسر عرفات اصبح في حالة حصار. هذه هي الخطوات التمهيدية التي أدت إلى أن يصبح ياسر عرفات ضحية لأي شيء كان".
واستدرك قائلا: "لكن بالمجمل العام انا أرى ان كل الاغطية وبالأخص الغطاء الفلسطيني قد تكشفت واحده وراء الأخرى، فعندما يبقى الرئيس ياسر عرفات فترة تحت الحصار ولا يقوم أي أحد بزيارته حتى من المقربين ولا يقوم أي أحد من العرب بالاتصال عليه فهذه كانت رسالة واضحة، وحسب رأيي ان كل مجريات الامور من بعد كامب ديفيد الى تاريخه هي عمليا كانت تسير بنفس الاتجاه".
وحينما تم سؤاله حول اعتقاده بأن هناك فلسطينيين قد ساهموا في تشجيع الدول الغربية والعربية والأجنبية على رفع الغطاء عن ابو عمار، قال اشتية: "أنا بتقديري أن المواقف النضالية والكفاحية والسياسية الثابتة التي اخذها الرئيس ابو عمار من كامب ديفيد الى تاريخ استشهاده هي التي سلسلت الامور وكل ما يأتي في داخل ذلك يعتبر تفاصيل".
وأضاف: "أصبح هناك حالة نضالية مثلها الرئيس ابو عمار، من تابع تلك الاحداث يصل إلى نتيجة أننا كمسؤولين حول الرئيس كان أدائنا سيء للغاية ولم يخدم الرئيس فضلا عن تخوفات أبو عمار من سحب الصلاحيات والرؤى السياسية الجديدة".
ووفق اشتية، فإن هناك بعض الفلسطينيين كانوا مشاركين في المطالبة بتغيير النظام السياسي أو تعديله، وقال: "بالمجمل العام ما حصل هو عملية كسر احتكار ياسر عرفات للسلطة، فالمطلوب عندما أصبح أبو عمار يشكل حالة وطنية ويرافقها أن تكون مركزية الأمور كلها في يده وأصبح هذا الشيء واضح للعيان".
وفي سياق التحقيق، سُئل اشتية حول ما إذا كان يؤيد محمود عباس بخصوص تقليص صلاحيات ياسر عرفات، وأجاب: "انا موقفي واضح مع توزيع الصلاحيات، لكن ضد تطور هذه المسألة واستغلالها باتجاه تهيئة مناخ سياسي استغل لإنهاء أبو عمار سياسيا وجسدياً".
واعتبر اشتية في شهادته أن اللغط الذي حصل في الفترة التي كان يتم فيها أخذ جزء من صلاحيات أبو عمار وأخذ موافقته عليه، كان له تأثير على أبو عمار، وعقب قائلا: "أن يقوم الشخص بالشيء بمحض ارادته مختلف تماما على ان يكون مفروض عليه، فما يجب علينا ان نقوم بإدراكه أننا شعب تحت الاحتلال".
أما سؤال (من له مصلحه فلسطينيا بقتل الأخ ياسر عرفات؟)، فقد ردّ اشتية عليه خلال التحقيق بالقول "أي انسان يخدم المصلحة الاسرائيلية". وحينما سُئل )بشكل أكثر تحديدا في الساحة الفلسطينية يخدم المصلحة الاسرائيلية؟)، اكتفى بالإجابة "الخدم الموجودين لإسرائيل وهم كثر". دون توضيح أو تفاصيل أخرى.
وحول التباطؤ بعلاج حالة عرفات وأخذ فترة طويلة بعد استشهاده من أجل أن يقوموا بتشكيل لجنة تحقيق، قال: "في حكومة أبو علاء (أحمد قريع) عام 2005، قام بتشكيل لجنة بقيادة ذهني الوحيدي وزير الصحة وقبلها كان جواد الطيبي، ولكن اللجنتين كانتا تدرسان التقرير الفرنسي فقط، ولكن التحقيق لم يأخذ منحى جدي".
وفي ختام جلسة التحقيق مع محمد اشتية، قال رئيس لجنة التحقيق الوطنية الخاصة باغتيال الرئيس الشهيد ياسر عرفات، اللواء توفيق الطيراوي إنه طلب مقابلة مع الروس كي يطرح عليهم ثلاث أسئلة وطلب أن يتم تسجيل الأسئلة والأجوبة، وكانت الأسئلة كالتالي: أولا هل كانت وفاة أبو عمار طبيعية قالوا لا، س: هل كانت وفاة أبو عمار بسبب التقدم في العمر؟ والإجابة كانت لا، س: هل مات ياسر عرفات بسبب المرض؟ وقالوا لا.
وأضاف الطيراوي: "فقد قالوا إنهم وجدوا مادة في جسم الأخ أبو عمار بكميات كبيرة ولا يعرفون ما هي وهم يبحثون في كل المكتبات ولكنهم لم يجدوا لها اسم ولكنهم وجدوا التركيبة الكيميائية لها وهل يبحثون إن كانت مادة سامة أم لا، فأنا سألتهم إن كانت من الأرض أو من الطبيعة فقالوا لا، لهذا نحن مستمرين بقرارنا بالتحقيق".