خاص - شهاب
بات سيناريو "التفكك والانهيار" يتهدد جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، لاسيما بعد شروع المئات من جنود الاحتلال في قوات الاحتياط باحتجاجات تعبر عن رفضهم الاستمرار بالخدمة العسكرية، حال تم إقرار "التعديلات القضائية" التي تصر الحكومة اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو، على تمريرها.
وفي خضم الأزمة السياسية المحتدمة في "إسرائيل"، أعلن المئات من جنود الاحتلال في قوات الاحتياط بتشكيلاته المختلفة، كجهاز العمليات الخاصة التابع لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، ووحدة "8200"، والمئات من كبار الضباط في سلاح الجو وغيرها؛ عدم الاستمرار بالخدمة لو أُقرّت ما تسمى "الإصلاحات" أو "التعديلات" القضائية.
ويرى مراقبون، أنّ تسرب الخلاف السياسي إلى قوات الاحتياط، والتي تضطلع بنسبة 70 % من الجهد الحربي الذي يقوم به الجيش "الإسرائيلي"؛ يؤشر إلى احتمالية قوية لتفكك الجيش، الذي يشكل "عصب بقاء الدولة"، ما سيفضي نهايةً -حال استمرت الخلافات- إلى انهيارها.
"ترك الخدمة العسكرية"
الباحث في الشأن "الإسرائيلي"، صالح النعامي، ذكر أنّ "مخاوف تفكك الجيش الإسرائيلي باتت تسيطر على الجدل العام داخل الكيان، لاسيما في ظل توافر العديد من المظاهر التي تبرر طرح تلك المخاوف".
وأوضح النعامي في تصريحات تابعتها وكالة "شهاب" للأنباء: "أنّ قطاعات كبيرة من المنضوين تحت قوات الاحتياط بجيش الاحتلال، شرعوا في حركة احتجاج واسعة، مفادها أنهم أعلنوا بشكل واضح وصريح عدم مواصلتهم للخدمة في الجيش حال أقرت الحكومة الإصلاحات القضائية".
وبيّن أنّ "المئات من المنضوين في جهاز العمليات الخاصة التابع لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) -الذي يحتكر القيام بالعمليات العسكرية خلف خطوط العدو وفي الخارج-، والمئات في وحدة (8200)، ووحدة التجسس الالكترونية التابعة للجيش أعلنوا بأنهم لن يواصلوا الخدمة في قوات الاحتياط حال تم إقرار الإصلاحات القضائية".
ووفق النعامي، فإن الأمر ذاته ينطبق على المئات من كبار الضباط في سلاح الجو -الذي يعد العصب الرئيس للجيش الإسرائيلي- وقّعوا على عرائض تؤكد أنهم لن يواصلوا الخدمة في سلاح الجو حال تم إقرار الإصلاحات"، مشيرًا إلى أنّ "بعضهم بالفعل أعلنوا توقفهم عن الخدمة في سلاح الجو".
وذكر النعامي، أن توقف الآلاف من كل هذه التشكيلات العسكرية الإسرائيلية، ستؤدي في النهاية إلى شلّ جيش الاحتلال.
"الكيان يذبل"
كما يرى الباحث في الشأن الإسرائيلي، أنّ ما يشهده الكيان الإسرائيلي من صدع مجتمعي غير مسبوق؛ سيجعل الدافعية للخدمة العسكرية في جيش الاحتلال، يزداد سوءًا، علمًا بأنها متدنية منذ أشهر بعيدة.
وتطرق النعامي، إلى مقال المعلق العسكري في صحيفة يديعوت أحرنوت، رون بن يشاي، الذي تحدث عن رفض الخدمة العسكرية "الرمادي"، وهو أنّ المنضوين في قوات الاحتياط لا يتوجهون لحضور الدورات والتدريب، ولا يمتثلون لأوامر قادتهم باستدعائهم للخدمة العسكرية.
وأشار النعامي إلى أن بن يشاي، ذكر أنّ بعض الوحدات العسكرية تتغيب بنسبة 50 إلى 70 % عن الدورات العسكرية، مبينًا أن ذلك يدل على ما أحدثه الصدع الداخلي في الجيش، والذي سببته التعديلات القضائية.
وذكر أنّ "الصدع الداخلي بدأ يتسرب إلى الأجهزة الاستخبارية المهمة في الكيان، إذ أنه لأول مرة في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي، نرى أن جهاز (الموساد) سمح لضباطه من رتبة مقدم فدون ذلك، بالمشاركة في التظاهرات ضد حكومة إسرائيل".
كما لفت النعامي، إلى أن 450 من كبار الضباط السابقين في جهاز المخابرات الداخلية "الشاباك"، وقعوا على عرائض وشرعوا في حركة احتجاجية ضد الإصلاحات القضائية، موضحًا أن ذلك من الممكن أن يفضي إلى تفكك الجيش الإسرائيلي، بسبب ما أقدم عليه نتنياهو لخدمة مصالحه الشخصية.
وبحسب الباحث في الشأن الإسرائيلي، فإنّ كيان الاحتلال "يذبل"، داعيًا الكل الفلسطيني إلى التوحد، لاستغلال أوضاع الكيان المتأزمة من أجل تحقيق إنجازات على صعيد التحرير ومواصلة المقاومة.
"عدة أبعاد"
أما الخبير في الشأن "الإسرائيلي" سعيد بشارات، يرى أنّ الخطوات الاحتجاجية في الجيش تشكّل خطرًا كبيرًا على الدولة كونها تتعلق بالجيش الذي يعتبر عصب الكيان، مشيرًا إلى أن لها عدة أبعاد، منها ما يتعلق بالجيش نفسه وخطرها عليه، ومنها ما يتعلق بالجيل الجديد الذي يتجند للجيش.
وبيّن بشارات في حديث خاص بوكالة "شهاب" للأنباء، أنّ "الاحتجاجات في صفوف الجيش ستؤثر عليه وعلى قدرته في أداء المهام الذي تطلب منه بظل الأزمة السياسية الحالية، مع من يكون؟ ومن مَن يتلقى التعليمات؟ ولأي قرار سيتبع؟، كل ذلك سيؤدي إلى حالة إرباك في أوساطه".
وذكر بشارات أن "أثرها على الجيل الجديد، يكمن في إنه فعلًا يوجد أزمة سياسية، وهذه الأزمة خلقت حالة (أنا لا أنتمي لأي طرف)، ما يعني أن هذا الانتماء بات لا يعنيني كجندي إسرائيلي سواء للدولة التي يحكمها مسؤولين دينيين أو أي طرف آخر انقلب عليها سواء قضائيًا أو غيره".
"عصيان وانهيار"
ووفق بشارات، فإنّ الاحتجاجات ستؤثر كذلك على التفكير المستقبلي لكيان الاحتلال في معركته مع عدوه، كيف ستكون استجابة الجندي لأوامر قيادته حال اندلعت الحروب؟، في ظل أن كل طرف أصبح له جيشه، إذ أنّ المستوطنين مسيطرين على الجيش، وأيضا الجيش يوجد جزء منه لا يرضى أن يُقاد بهذه الطريقة، بالتالي خلقت حالة الرفض والأزمة الحالية.
وأوضح الخبير في الشؤون "الإسرائيلية"، أنّ دخول سموتريتش في وزارة الجيش سيؤثر على طريقة أداء الجيش وقيادته، مشيرًا إلى أنّ الاحتجاجات داخل الجيش، هي "لتصحيح المسار"، ومن الممكن أن تتطور تدريجيًا من تمرد وعصيان أوامر إلى أن تؤدي إلى الانهيار.
وتصاعدت حدة الأزمة السياسية التي يعيشها الاحتلال الإسرائيلي على خلفية حالة التجاذب بين الأحزاب الإسرائيلية بسبب قانون "الإصلاح القضائي" ورفض القوى المحسوبة على المعارضة لهذا القانون في حين يسعى الائتلاف الحكومي للانتهاء من تمريره سريعًا.
وتقضي الخطة بتقويض ما تسمى "المحكمة العليا" والالتفاف على قراراتها والحد من صلاحيات السلطة القضائية، مقابل تعزيز مكانة وصلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية (الحكومة والكنيست)، من خلال إجراء تغييرات جذرية في السلطة القضائية من شأنها المس بنظام الحكم في "إسرائيل"
وتمكن الخطة، الحكومة والأحزاب السياسية من التحكم في لجنة اختيار القضاة في المحاكم الإسرائيلية عبر تعيين أعضاء في اللجنة من الأحزاب والسياسيين، ومنع إشراك القضاة في عضويتها، إلى جانب الحد من صلاحيات المستشار القضائي للحكومة، وكذلك المستشارين القضائيين لمختلف الوزارات، حيث تمنح الصلاحية للوزير تعيين أو إقالة أي مستشار قضائي في مكتبه.
كما وستسهم في تشريع ما يسمى "قانون فقرة التغلب" الذي سيؤدي إلى تقويض صلاحيات المحكمة العليا وتقييدها في كل ما يتعلق بإلغاء قوانين للكنيست أو قرارات للحكومة أو قرارات وأوامر صادرة عن المؤسسة الأمنية والعسكرية، من خلال تصويت أغلبية عادية في الكنيست (61 عضوا) على قرارات المحكمة.
وعكست التظاهرات الأخيرة التي شهدتها مدن مختلفة مثل "تل أبيب" و"غوش دان" بالإضافة إلى حيفا والقدس المحتلة والتعامل الأمني مع المتظاهرين حجم الشرخ السياسي الذي وصلت إليه المنظومة السياسية "الإسرائيلية" في الفترة الأخيرة.
وتصاعدت وتيرة التحذيرات الأمنية والشرطية الإسرائيلية بالإضافة إلى رئيس الاحتلال من إمكانية ولوج الإسرائيليين في حرب أهلية داخلية، فيما تحذر المنظومة الأمنية المتمثلة في جهاز أمن الاحتلال العام "الشاباك" من تصاعد إمكانية حدوث عمليات اغتيال سياسي.
اقرأ/ي أيضا.. بالفيديو| رئيس الشاباك الأسبق: حكومة نتنياهو إرهابية قد تقودنا لحرب أهلية خلال أسابيع
ويشهد الكيان الإسرائيلي مظاهرات أسبوعية حاشدة ضد "التعديلات القضائية"، ودارت أمس الأربعاء مواجهات واشتباكات بين المتظاهرين وشرطة الاحتلال، التي اعتقلت العشرات منهم، وسط تحذيرات من تطور الأوضاع إلى حرب أهلية.
اقرأ/ي أيضا.. مظاهرات ومواجهات بين المستوطنين وشرطة الاحتلال في "تل أبيب"
وقبل الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة في شهر نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي أبدى عددًا من الساسة الإسرائيليين وقادة الجيش السابقين وبعض المسؤولين في المنظومة الأمنية ومفكري الاحتلال خشيتهم من عدم وصول دولتهم المزعومة عمر الثمانين استنادًا للواقع السياسي وآخر مرتبط ببعد توراتي.