خاص _ شهاب
سيارات مفخخة، اغتيالات عن طريق الطائرات المسيرة، عمليات اغتيال في الشوارع العامة، هذه بعض الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، في إشارة إلى موجة العنف التي باتت تضرب المجتمع الإسرائيلي ضمن حالة الفوضى وتصفية الحسابات بين عصابات المافيا الإسرائيلية.
هذه الظاهرة التي باتت تنتشر في جميع أنحاء المجتمع الإسرائيلي وتضرب أطنابها في كل مكان وزمان تتزامن مع تفاقم حدة الانقسام والاستقطاب السياسي الذي كشف سوءة النظام الديمقراطي وعجز الحكومات المتعاقبة في فرض الأمن وتحقيق مبدأ التعايش بين الفسيفساء المتناقضة للمجتمع الإسرائيلي
توسع المافيا في دولة الاحتلال له أسباب كثيرة، لا سيما في ظل تعدد الجنسيات، والعائلات اليهودية المشرفة على المافيا في "إسرائيل".
المختص في الشأن الإسرائيلي عادل ياسين، قال إن المجتمع الإسرائيلي مجتمع متعدد الجنسيات ومتناقض الثقافات بين غربية وشرقية وإفريقية، موضحًا أنه يحتوي كذلك على مجموعات مصابة بداء الأنا وعدم تقبل الآخر ومحاولة كل جماعة الحفاظ على كيانها أولًا وإجبار الجماعات الأخرى الخضوع لرؤيتها.
وتابع ياسين خلال حديث خاص لوكالة "شهاب" للأنباء، أن الأمر في المجتمع الإسرائيلي قد تجلى بوضوح حينما حرص الغربيون على فرض سيطرتهم والتفرد في إدارة شؤون "الدولة" والتحكم في مفاصلها وإقصاء الشرقيين، ومنعهم من تولي مناصب رفيعة وفي المقابل حاول الشرقيين إثبات وجودهم وحضورهم.
وأوضح أن هذا الأمر يعني أن ما شاهدناه خلال الفترة الماضية هو امتداد لخلافات متجذرة بين الشرقيين والغربيين منذ خمسينيات القرن الماضي واتساع رقعته مع زيادة عد الحريديم والمتدينين وبدء مرحلة صراع وخلافات غير مسبوقة حول القضايا السياسية وطابع "الدولة" ما بين "إسرائيل" الأولى التي تحاول الحفاظ على دولة ذات نمط غربي حسب رؤية مؤسسيها الأوائل وبين "إسرائيل" الثانية ذات طابع ديني بما ينسجم رؤية الأحزاب الحريدية والدينية القومية.
وأكد المختص ياسين أن كل ما حدث في الفترات السابقة في دولة "إسرائيل" ساهم في انعدام حالة الاستقرار في الحلبة السياسية وتكرار الانتخابات لخمس مرات في غضون سنوات معدودة.
وبين أن تناقض الثقافات كان أحد أسباب تفشى الجريمة في الكيان خصوصًا مع بدء الهجرة الروسية التي تميزت بتبني أساليب عصابات المافيا في جمع الأموال وانتقال هذه الظاهرة لعصابات الإجرام المحلية التي عملت في الكيان في مجال المخدرات والسوق السوداء.
وأشار المختص ياسين إلى أن أخطر ما يميز هذه المرحلة هو تزامن انتشار ظاهرة العنف والقتل مع حالة الانقسام في الكيان، وهو ما يشكل تهديد حقيقي على تماسك الكيان وقدرته على الصمود أمام التحديات الخارجية كما أنه يثبت بأن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على مدار السنوات الماضية فشلت في أهم مهامها وهو التعامل مع التهديدات الداخلية وفرض الأمن.
حالة الفوضى وفقدان الأمن في المجتمع الإسرائيلي، انعكس على فلسطينيي الداخل فقد ارتفع عدد ضحايا جرائم القتل في المجتمع العربي منذ بداية العام الحالي 2023 إلى 74 قتيلاً بينهم 6 نساء وطفلان.
ويشار إلى أن غالبية الجرائم، لم تقبض فيها الشرطة على القتلة ولم تعتقل أي مشتبه به، وسط مؤشرات بتواطؤ أجهزة الأمن مع منظمات الإجرام.
وأعلنت لجنة المتابعة العليا لقضايا فلسطينيي الداخل المحتل، أمس الإثنين عن سلسلة احتجاجات على تصاعد عمليات القتل، محملة حكومة الاحتلال مسؤولية عدم قيام الشرطة الإسرائيلية بأي إجراء يردع عصابات الجريمة.
واعتبر رئيس لجنة متابعة قضايا الجماهير العربية، محمد بركة، "انتشار الجريمة في الوسط العربي قضية سياسية من الدرجة الأولى"، مشيرًا إلى أن الجريمة تتفشى أمام صمت المؤسسة الإسرائيلية وعدم قيام جميع مؤسساتها المعنية بأي عمل لمواجهة الجريمة.
وشدد بركة على أهمية استمرار الاحتجاجات الشعبية والمشاركة الواسعة في خيمة اعتصام ستقام لمدة ثلاثة أيام الأسبوع المقبل أمام مكتب رئيس حكومة الاحتلال، إلى جانب تظاهرات وأعمال احتجاجية مختلفة.
وقال بركة، لن تكون الخيمة مجرد تعبير عن الاحتجاج، فمن خلالها سنطلق صرخة محلية وعالمية، إذ سندعو ممثلي سفارات وسلك دبلوماسي وإعلاميين وسياسيين لإطلاع الرأي العام المحلي والعالمي على ما نعاني منه، جراء سياسات الحكومة بكل ما يتعلق بظاهرة الجريمة والعنف.
وتابع بركة، "السلاح غير القانوني منتشر بشكل واسع، وجرائم القتل تنفذ تحت سمع ومعرفة المؤسسة الحاكمة، وكل هذا منع مجتمعنا العربي من العيش بأمان، والانشغال بأنفسنا بدل القضايا السياسية والمصيرية التي نخوضها".