وجه مسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي "انتقادات شديدة" إلى رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في أعقاب قرار المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، أمس، بتأجيل "مسيرة الأعلام" الاستفزازية التي ينظمها المستوطنون واليمين في القدس المحتلة إلى يوم الثلاثاء المقبل.
ونقلت صحيفة "معاريف" اليوم، الأربعاء، عن المسؤولين الأمنيين قولهم إنه "يُشتم من إبقاء هذا الموضوع على الأجندة العامة رائحة اعتبارات سياسية وغير موضوعية وتسبب ضررا زائدا".
وأضافوا أنه "لا توجد أي مشكلة بإجراء مسيرة أعلام في القدس، طالما أنها ستجري ضمن خطة توافق عليها الشرطة ولا تمر في نقاط احتكاك في البلدة القديمة".
ورفض المسؤولون الأمنيون ادعاء اليمين المتطرف بأن إلغاء هذه المسيرة بمثابة "منح جائزة لحماس" بعد تهديدها بتصعيد وإطلاق قذائف صاروخية باتجاه "إسرائيل". وقالوا إن "قطاع غزة ليس القضية المركزية"، وأن "هذه مسألة داخلية قبل أي شيء آخر وثمة حاجة إلى استقرار الوضع في القدس بعد فترة متوترة وعنيفة ومعقدة جدا".
وأثنى المسؤولون أنفسهم على موقف المفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، وأنه "استعرض صورة الوضع باستقامة، وعمل مقابل المنظمين من أجل ألا تجري المسيرة ضمن مسار قد يقود مرة أخرى إلى توتر وتصعيد أمني".
وأضافوا أن "شبتاي قدم تفسيرا عقلانيا وأخرج الكستناء من النار من أجل رئيس الحكومة. ولذلك، فإن استمرار التداول في الموضوع إنما يلحق ضررا بإسرائيل وحسب، إذ أن التوتر يتزايد وتوفر لحماس فرصة كي تركب على الحدث وتتباهى بأنها تردع إسرائيل".
وأشار المسؤولون الأمنيون إلى أن "الولايات المتحدة تتوقع أيضا إبداء مسؤولية والسعي لاستقرار الوضع الأمني". وعبر جميع المسؤولين الأميركيين الذين التقوا وزير الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس في واشنطن، الأسبوع الماضي، عن قلقهم من التوتر في القدس.
وقال المسؤولون الأمنيون إن "الأميركيين كانوا منفتحين جدا للمصالح والاحتياجات الإسرائيلية بكل ما يتعلق بالتسلح وإعطاء ميزانيات للتسلح بسلاح دقيق وصواريخ اعتراضية للقبة الحديدية، وإلى جانب ذلك تمكنوا بطريقتهم من مطالبة إسرائيل بإبداء مسؤولية في استقرار الوضع الأمني حول القدس. ومسيرة أعلام تخرج عن السيطرة واستفزاز لا حاجة له، لن يساعد في هذا الموضوع بكل تأكيد".
وكان نتنياهو ووزير الأمن الداخلي، أمير أوحانا، قد أصرا على إجراء المسيرة الااستفزازية في الموعد الذي أعلن عنه منظموها، غدا الخميس، وتقرر خلال اجتماع الكابينيت تأجيلها إلى الثلاثاء المقبل، أي بعد يومين من تنصيب حكومة "كتلة التغيير"، الذي سيتم يوم الأحد المقبل.
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مصادر في "كتلة التغيير" تقديرها أن إصرار نتنياهو وأوحانا على إجراء المسيرة غدا كان غايته إشعال الشارع الفلسطيني ودفع احتجاجات عنيفة والتسبب بانفجار في "ائتلاف التغيير"، قبل المصادقة على تنصيب الحكومة.
وأضافت الصحيفة أن المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، قرر أمس أنه ليس بإمكان نتنياهو تعيين الهيئة التي ستحسم موضوع مسار المسيرة، وإنما عليه أن يعقد اجتماعا للكابينيت، بعد تحذيرات قادة الأجهزة الأمنية من تصعيد محتمل وعارضوا إجراء المسيرة. وكان شبتاي قد قرر إلغاء المسيرة بشكل نهائي.
ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو يعي جيدا الحساسية الدولية حيال قضية القدس، والولايات المتحدة والدول الأوروبية حذروا مرة تلو الأخرى، في الأسابيع الأخيرة، أثناء العدوان على غزة وبعده، من "استفزازات إسرائيلية" في القدس المحتلة.
ووفقا للصحيفة، فإنه في الأيام الأخيرة، وبعد النشر عن إجراء هذه المسيرة، وصلت إلى المستوى السياسي في "إسرائيل" أسئلة استيضاحية حول الموضوع من دول عديدة. "وإجراء المسيرة من شأنه أن يقود إلى أزمة دبلوماسية كبيرة ووضع صعوبات أمام إمكانية استمرار الاتصالات من أجل التهدئة".
وأشارت الصحيفة إلى أنه بقراره تأجيل المسيرة، "اتخذ نتنياهو قراره الأول كرئيس للمعارضة، ودحرج حبة البطاطا الملتهبة إلى أيدي رئيس الحكومة القادم، نفتالي بينيت. وقد تبدو هذه الخطوة أنها ستتحول إلى الأزمة الأولى في حكومة الوحدة الهشة: فقد أوضح بينيت اليميني أن حكومته ستكون ذات طابع ’يميني ناعم’ وسيجد صعوبة في أن يفسر لناخبيه لماذا يعمل على إحباط المسيرة".
وأضافت الصحيفة أن "غانتس، نائب رئيس الحكومة بينيت ابتداء من يوم الأحد المقبل، هو الذي أصر على شمل التنسيق مع الشرطة في قرار الكابينيت النهائي. ويقدرون في حزب "كاحول لافان" أن هذا القرار سيزيل موضوع المسيرة عن الأجندة ويسمح لبينيت بدخول هادئ إلى منصبه".