خاص - شهاب
بعد سنوات من منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال معدات الصيد إلى قطاع غزة، شارفت هذه المهنة على التوقف تمامًا، ودخل المعاملون فيها بحالة بطالة مستشرية، وبينهم الصياد محمد جربوع (30 عامًا) الذي توقف عن عمله لمدة عشر سنوات.
ويقول جربوع في لقاءٍ خاص، إنه يعمل في مهنة صناعة وترميم المراكب منذ صغره، والتي تعلمها من والده وجده من قبله، وقرر اتباع طريقهما وامتهانها وتوريثها لأبنائه من بعده.
لكن منع الاحتلال بدخول مواد أساسية، وعلى رأسها (الفايبرغلاس) أو (الغراء)، تسبب بتوقفه عن العمل لمدة عشرة سنوات.
وتستخدم هذه المادة لعلاج الفجوات التي تظهر في المراكب، وتُعتبر من أقوى المواد التي يستخدمها الفنيين في الإصلاح.
وأشار جربوع إلى أن السماح بإدخال المادة، التي تتحول من الحالة السائلة إلى الصلبة وتحمي القوارب من تسرب المياه، مجدداً إلى قطاع غزة بعد انقطاعها، أعاد له عمله الذي فقده واستأنف العمل في ورشته الخاصة.
ولفت إلى الضرر الذي لحق بقطاع الصيد هذه المادة الأساسية، حيثُ أن ذلك لم يؤثر عليه فقط، بل اضطر عشرات الصيادين إلى ترك عملهم بسبب تعطل المراكب، وعدم القدرة على إصلاحها.
وقال إن "المراكب التي يمتلكها الصيادون في وضعها الحالي لا تصل إلى 3 أميال داخل البحر، بينما يسمح الاحتلال بالإبحار إلى 12 ميلاً"، مُشيرًا إلى أن الاحتلال رغم سماحه بالوصول إلى هذه المسافة إلا أنه معني وبشكل غير مباشر بمنعهم من الوصول إليها عبر منع المواد الأساسية للصيانة.
وأضاف أن عدد العاملين في مهنته يتضاءل بشكل كبير، ومهددة بالتوقف بأي لحظة، في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، ومنع إدخال هذه المواد والمعدات الخاصة بالصيد. لكن رغم التحديات الراهنة، يحرص جربوع على تعليمها لأبناءه لتبقى قائمة في عائلته على مدار الأجيال القادمة.
وأوضح أن هذه المهنة صعبة ومعقدة لاعتمادها على الخبرة والهندسة وتراكم المعرفة بشأنها، لذا فإن تعلمه إياها منذ الصغر على يد أبيه وجده ساعدته على إتقانها.
وذكر أن ارتفاع الأسعار قلص الطلب على صناعة المراكب، حيث أن العديد من المواد الخام زادت أسعارها إلى أكثر من الربع، وبالتالي أصبح عمل الفنيين يعتمد بشكل على التصليح والصيانة بشكل أكبر تفادياً للتكلفة العالية.
وعلى نفس الصعيد، تحدث الصياد وائل أبو ريالة (39 عاماً) عن امتهانه الصيد منذ عقدين من الزمن، ولكن الأعطال التي أصابت مركبه ومنع دخول مادة الغراء، تسببت بتوقفه عن الإبحار منذ عامين وأكثر، ما اضطره إلى العمل بأجرة يومية في مركب صيد آخر.
لكن بعد إدخال المادة مؤخراً، أوضح أبو ريالة أنه سارع إلى إصلاح مركبه للعودة إلى سابق عهده وتحسين الوضع الاقتصادي لعائلته التي عاشت أوضاعاً صعبة بعد توقف عمله على القارب.
وطالب المؤسسات الدولية المعنية بالضغط على الاحتلال لضمان حق الصياد الفلسطيني في الحصول على لقمة عيشه في ظل الانتهاكات المتكررة من قبل قوات الاحتلال ضد الصيادين من استهداف مباشر أثناء ممارسة عملهم، وعرقلة ومنع إدخال المعدات الأساسية مثل المحركات ومعدات التشغيل والصيانة والتصليح.
وحذّر من توقف معظم الصيادين عن العمل في ظل هذه الانتهاكات والحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ أعوام، مشيراً إلى أن الاحتلال يتلاعب بلقمة عيش الصيادين، من خلال تحديد مساحات الصيد المسموح بها، دون أي معايير واضحة.