المتابع لسير العملية الانتخابية يسجل الكثير من الملاحظات حول حقيقة التوجه نحو الانتخابات وخلفية القرار الذي اتخذه رئيس السلطة محمود عباس بشكل مفاجئ, وكانت الصدمة بموافقة حماس على إجرائها وتسهيل العمل عليها.
عشرات الانتهاكات سجلت أمام لجنة الانتخابات في الضفة الغربية , حيث تقوم بها الأجهزة الأمنية, واعترفت لجنة الانتخابات القائمة على إجرائها بوقوع تهديدات وتلقيها العشرات من الشكاوى حول ذلك، وهناك مكالمات مسجلة لتهديدات تصدر عن الأجهزة ضد المرشحين وإجبارهم على الانسحاب لصالح قوائم حركة فتح، إلى جانب تبني قوائم انتخابية تفوز بالتزكية نظراً لطبيعة تلك البلدات والقرى التي ينظمها البعد العائلي وتتبع هذا الأسلوب منذ فترة.
ووفق إعلان لجنة الانتخابات فإن هناك 181 مجلساً محلياً تقدم فيها قائمة واحدة فقط، جميعها بالضفة الغربية، وبالتالي تعد فائزة بالتزكية، وهي تشكل 43.5 % من المجالس المحلية، وهناك 38 مجلسا لم يتقدم لها أي قائمة، وجميعها بالضفة، وبذلك الانتخابات ستجري في 196 مجلسا بينها 25 في قطاع غزة.
إلى جانب حملات اعتقال وتعذيب ضد نشطاء الأطر النقابية والطلابية واعتقال المسؤولين عن الحملات الانتخابية كما حدث مع أسامة الفاخوري نجل الكاتبة لمى خاطر على خلفية نشاط والدته المناهض للسلطة وسياستها القمعية, وسياسة التنسيق الأمني مع الاحتلال، وكذلك مع الشاب باسل فليان وتعرضه لتعذيب وحشي في مقر الأمن الوقائي برام الله.
العملية الانتخابية تسير باتجاه تعميق الانقسام وفرض سطوة الأجهزة الأمنية, وإقصاء واضح لكل المعارضين وحتى المقربين من السلطة والمنطوين تحت لواء منظمة التحرير، حيث تعرضت قوى اليسار لتهديدات بالقتل في حال الاستمرار بالترشح, والأمر ذاته تعرض له المستقلون من المرشحين.
من الواضح أن السلطة اتخذت قرارها بإفشال الانتخابات وحصرها في قطاع غزة لاعتقادها أنها يمكن أن تنجح بفعل حملتها الدعائية القائمة على شيطنة قطاع غزة وحركة حماس وتبرئة الاحتلال من الحصار وحملات التدمير, التي شنها الاحتلال من خلال ثلاث حروب شهدتها غزة في السنوات الأخيرة.
فتح دفعت بقوائمها المعلنة في الانتخابات في قطاع غزة, مما يدلل على أنها تستفيد من الحالة الأمنية المريحة لها في قطاع غزة لمنافسة القوائم التي تدعمها حركة حماس, وصولاً إلى مرحلة النتائج التي تحمل سيناريوهين، الأول يرتبط بفوز فتح في الضفة الغربية وإقصاء حركة حماس من الضفة الغربية, بفعل الإجراءات التي تتم, وتحقيق الرغبة الإسرائيلية باجتثاث حماس هناك، وفي نفس الوقت تتقدم فتح على حماس في قطاع غزة وتستغل ذلك لإقصاء حماس وتفريغ البلديات من دورها لتوريط حماس بذلك.
بينما السيناريو الثاني هو فوز حماس في الضفة الغربية وتقدمها في قطاع غزة مما يسقط المخطط الفتحاوي باتجاه إقصاء حماس وحينها ستلجأ لاستمرار حملتها ضد حماس ومحاولة نزع الشرعية عنها، وقد تقدم على خطوة تأجيل الانتخابات إن تيقنت من السيناريو الأخير, مما يضعنا أمام مزيد من الانقسام بدلاً من الشراكة.