"الاشتباك الأكبر منذ الانتفاضة الثَّانية"..

"عمليّة يافا": تفاصيل التنفيذ ودلالة التوقيت.. ماذا عن "الحلقة المفقودة" في الرِّواية "الإسرائيليَّة"؟!

"الاشتباك الأكبر منذ الانتفاضة الثَّانية".. ما المختلف في عملية يافا؟ ولماذا تعد استثنائية؟

مساء الثلاثاء ووسط اقتراب الحرب الإسرائيلية على غزة من إتمام عامها الأول، والتصعيد الجاري في لبنان، نفذ فلسطينيان عملية وسط مدينة تل أبيب (يافا).

ونشر الإعلام العبري، تفاصيل حول العملية الفدائية التي وقعت عملية "تل أبيب"، ووصفها بأنها الأكبر منذ الانتفاضة الثانية عام 2000. وفي التفاصيل، ذكرت تقارير عبرية، أن شابين من مدينة الخليل تسللا إلى داخل المحتل وطعنا جندياً واستوليا على سلاحه وفتحا النار على المستوطنين في أحد القطارات في يافا، مما أسفر عن مقتل 7 مستوطنين وإصابة 17 آخرين بعضهم بجراح حرجة.

وأضافت، أن "المنفذان دخلا عربة القطار الخفيف التي توقفت في المحطة وأطلقا النار على الركاب، ثم واصلا سيرهما على الأقدام في شارع القدس حتى أطلقت الشرطة النار تجاههما، ما أدى لارتقائهما على الفور.

وأشار البيان إلى، أن المنفذين هما محمد مسك (19 عامًا)، الذي استشهد في موقع العملية، وأحمد اليموني (25 عامًا)، الذي أصيب بجروح خطيرة، كان بحوزتهما سلاح من نوع M16، خزائن للذخيرة، وسكين، وهما من سكان الخليل وليس لديهما سجلات اعتقال سابقة.

جاءت هذه العملية بعد يوم واحد فقط من ذكر موقع "والا" أن الجيش رفع من تأهبه على خلفية التحذيرات من وقوع عمليات انتحارية (استشهادية) قبيل الأعياد وفي ظل الضغوط التي تمارسها قوات الاحتلال على الضفة، وما صحب هذا التصعيد من اعتقال لعدد من الفلسطينيين بعدة مدن وقرى في الضفة.

وعلّقت وسائل الإعلام العبري على الحدث، أن الصور من "تل أبيب" تذكرنا بالسابع من اكتوبر، شيء لا يُصدق.

وووصفت العملية بالاستثنائية من أكثر من زاوية فمن جهة وصل منفذاها من أقصى جنوب الضفة الغربية رغم الإجراءات الأمنية المشددة في الضفة وبين الضفة وإسرائيل.ومن جهة أخرى وقعت قبيل حلول الذكرى السنوية الأولى لمعركة طوفان الأقصى وبدء العدوان على قطاع غزة، كما أن العملية تزامنت مع هجوم على قاعدة نتساريم العسكرية جنوبي مدينة غزة وإطلاق مئات الصواريخ من جنوب لبنان وإيران باتجاه "إسرائيل".

تبرز في "إسرائيل" مخاوف من عودة مشاهد التفجيرات في حافلات ومطاعم وأسواق تجارية، بعد تهديد حركة حماس باللجوء إليها ردا على استمرار "مجازر الاحتلال".

وتتصاعد، منذ ما توعدت به كتائب القسام، عقب عملية "تل أبيب" الأولى في أغسطس الماضي،  بأن "العمليات الاستشهادية بالداخل المحتل (إسرائيل) ستعود للواجهة، طالما تواصلت مجازر الاحتلال وعمليات تهجير المدنيين واستمرار سياسة الاغتيالات".

وتوقفت ذروة هذه العمليات في 2006، ومنذ هذا العام وقعت عمليات متفرقة، كان آخرها تفجير عبوة ناسفة داخل محطة للحافلات في مستوطنة راموت بالقدس المحتلة عام 2022.

وأبرزت وسائل إعلام إسرائيلية وعيد الكتائب بالعودة الى التفجيرات، وطفت على السطح مخاوف من مشاهد الانتفاضة الثانية (الأقصى)، التي بدأت عام 2000.

ما المختلف في عملية يافا؟ ولماذا تعد استثنائية؟

وبتقدير مدير مركز يبوس للدراسات سليمان بشارات فإن هناك حلقة مفقودة في الرواية الإسرائيلية بشأن العملية وسرقة سلاح أحد الجنود "ربما لأن إسرائيل لا ترغب في تقديمها، في محاولة للتقليل من شأن العملية ولتجنب إحداث حالة خوف في الشارع الإسرائيلي، خاصة في مدن رئيسية كبرى".

وأضاف بشارات، "إذا سلمنا بالرواية الإسرائيلية بدخولهما "إسرائيل" دون سلاح فهذا يدل على وجود إصرار فردي لدى الشابين برؤية فكرية أيديولوجية جعلتهما يبحثان عن أي وسائل يمكن استخدامها، وهذا يعطي انطباعا بأن الاحتلال يواجه الشعب الفلسطيني كله".

وتابع، أن العمل المقاوم الآن لم يعد ضمن خارطة منهجية إنما "ذئاب منفردة، مما يشتت الجهد الاستخباري الإسرائيلي من جهة ويدفع باتجاه مشاركة مجتمعية أوسع من جهة أخرى، وهذا ما كانت تخشاه إسرائيل دائما".

وتأتي العملية فيما يستمر إغلاق مداخل المدن والبلدات الفلسطينية بالحواجز والبوابات الحديدة منذ بدء العدوان على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

أما مدينة الخليل التي خرج منها المنفذان فتعيش على وقع حصار وإجراءات عسكرية إسرائيلية مشددة بعد عملية قرب حاجز ترقوميا العسكري غربي المدينة وأدت إلى مقتل 3 من عناصر الشرطة الإسرائيلية في الأول من سبتمبر/أيلول الماضي.

وكما بالنسبة لمنفذ عملية ترقوميا فإنه ليس لمنفذي عملية يافا سوابق أمنية وفق المصطلح الإسرائيلي، ولم يسبق اعتقالهما لأسباب تتعلق بمقاومة الاحتلال.

ووفق إعلان للجيش الإسرائيلي، تعمل في الضفة الغربية الآن 6 ألوية بالتوازي مع العملية العسكرية المستمرة، خاصة في مخيمات ومدن شمالي الضفة، كما تعمل الحراسات على الطرقات والمستوطنات بتعزيزات كبيرة.

وهنا يقول بشارات إن "إسرائيل" مهما حاولت أن تُظهر أنها قادرة على ضبط الميدان في المواجهة مع الفلسطينيين فقد فشلت في المقاربة العسكرية والأمنية "فالاعتقال والهدم واستهداف البنية التحتية والعقوبات الجماعية والاغتيالات ثبت فشلها على مدى التاريخ".

وتابع أن إسرائيل "تخطئ كل مرة في استخدام الأدوات والمنهجيات ذاتها في التعامل مع الفلسطينيين، إذ إن ما يجري من جرائم إسرائيلية على امتداد الأراضي الفلسطينية يشكل عامل توتير نفسي يولّد تلقائيا ردود فعل غير متوقعة".

دلالة التوقيت

وبالنظر إلى وقت وقوع عملية يافا فقد وقعت فيما كانت طواقم الإسعاف الإسرائيلية تجلي الجرحى، في وقت دوت فيه صفارات الإنذار في أغلب المدن الإسرائيلية تحذيرا من قصف إيراني بمئات الصواريخ الباليستية استهدفت قواعد عسكرية.

كما جاءت في وقت أعلنت فيه وسائل إعلام إسرائيلية عن هجوم نفذه عشرات المسلحين استهدف نقاطا عسكرية في محور نتساريم الذي يحتله الجيش جنوبي مدينة غزة، وبالتزامن مع سقوط عشرات الصواريخ التي أطلقها حزب الله وهزت القرى والمدن شمالي إسرائيل.

لكن بشارات لا يعتقد بوجود رابط بين العملية وصواريخ حزب الله والصواريخ الإيرانية، ويستبعد وجود تخطيط مسبق لتكون متزامنة "بل قد تكون بمجرد الصدفة، حيث اجتهد الشابان في اختيار التوقيت".

وأعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، الأربعاء، مسؤوليتها عن عملية يافا التي نفذها شابان من مدينة الخليل، مساء أمس، وأسفرت عن مقتل 7 إسرائيليين وإصابة 16 آخرين بجراح متفاوتة، وتوعدت بـ"المزيد من العمليات" خلال الفترة المقبلة.

وفي تفاصيل العملية التي نفذها الشابان محمد راشد مسك وأحمد عبد الفتاح الهيموني، بحسب بيان القسام، جاء أن الاثنين تمكنا "من التسلل إلى داخل أراضينا المحتلة، وطعن أحد جنود الاحتلال والاستيلاء على سلاحه الآلي، ثم تنفيذ العملية في موقعين مختلفين".

وقالت كتائب القسام إن "قادم الأيام ستحمل" المزيد من العمليات انطلاقا من "مختلف مناطق الضفة" الغربية المحتلة داخل المدن الإسرائيلية "طالما واصل الاحتلال إبادة شعبنا وأطفالنا في غزة".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة