معركة الأقصى بوابة معركة الوجود

بعد عام على طوفان الأقصى.. كيف حوّلت المعركة "المسجد الأقصى" في وعي الاحتلال إلى عقدة قدرة تهزه عميقًا

تقرير / شهاب 
قال الباحث المختص في شؤون القدس زياد ابحيص إن المقاومة تمكنت عبر المحطات المتتالية وآخرها معركة طوفان الأقصى، من تحويل الأقصى في وعي الاحتلال إلى عقدة قدرة تهزه عميقاً ويحاول مغالبتها.

وأوضح ابحيص في حوار مع وكالة شهاب للأنباء، أنه مع انطلاق طوفان الأقصى تكرست إضافة جديدة في نظر الاحتلال للأقصى باعتباره بوابة لتفريغ معركة طوفان الأقصى من معناها، إذ حرص على استدامة حصاره طوال مدة الحرب تقريباً، وعمل على إطلاق يد المستوطنين في فرض الطقوس التوراتية.

وأشار إلى أن هدف الاحتلال من ذلك هو إرسال رسالة بأن طوفان الأقصى لم يكبل يده عن العدوان، وأنه بات أكثر قدرة على العدوان على المسجد الأقصى، وبذلك بات عدوانه على الأقصى مؤشر حيوية وبقاءٍ في وعيه، وبذلك تكون المقاومة قد تمكنت عبر المحطات المتتالية من تحويل الأقصى في وعيه إلى عقدة قدرة تهزه عميقاً ويحاول مغالبتها.

ونبه ابحيص إلى أن الاحتلال يؤرخ بالتقويم العبري، وأن الذكرى الأولى لمعركة طوفان الأقصى بهذا التقويم ستأتي صباح الجمعة 25-10-2024، والاحتلال سيميل للنظر لهذا اليوم في هذا العام وفي الأعوام القادمة باعتباره بوابة معالجة عقدة السابع من أكتوبر باستعادة المبادرة والمباغتة، وهو ما يجب أن يوضع في الاعتبار في هذا العام وفي الأعوام القادمة.

ودعا ابحيص الكل الفلسطيني إلى المبادرة لخوض معركة الأقصى باعتبارها معركة وجود، مؤكدًا على أن الاحتلال بات يخوض على فلسطين حرب تصفية شاملة، تتجلى في قطاع غزة على شكل حرب إبادة، وفي الضفة الغربية على شكل مخطط تهجير، وفي الداخل المحتل عام 1948 بيهودية الدولة والترانسفير، وتجاه الشتات بشطب حق العودة، وتجاه العالم العربي بإلحاقه بالهيمنة الصهيونية النهائية على المنطقة، وهي تتجلى في القدس بمحاولة تحويلها إلى أورشليم العبرية، وفي المسجد الأقصى بتحويله إلى هيكل، هذه حرب واحدة متماسكة.

وقال ابحيص إن الصهيونية الدينية تنظر إلى تغيير هوية المسجد الأقصى وتحويله إلى هيكل بوصفها بوابة التصفية، معتبرة أن حسم هوية بيت المقدس هو نقطة الحسم الأصعب وأن حسمها سيعني حسم كل ما سواها، ومن هنا تغدو معركة المسجد الأقصى بوابة معركة الوجود.

وشدد على أن إفشال الاحتلال في مخطط تهويد المسجد الأقصى كفيل بإضعاف مسعاه للحسم على بقية الجبهات، بل ويشكل بوابة لفرض الهزيمة على وعيه مع فشله المتتالي في حسم هوية المسجد أمام الهبات والانتفاضات والحروب المتتالية.

الأعياد والعدوان على الأقصى

وقال ابحيص إن الصهيونية الدينية وعلى مدى أربعة عقود من صعودها، تتخذ من الأعياد التوراتية اليهودية مواسم عدوانٍ سنوية على الأقصى، وتصاعد عدوانها بدءاً من محاولة وضعها "حجر الأساس للهيكل" في 1990.

وبين أنها تعمل من خلال أربع موجات عدوان على الأقصى في كل عام، وهذه المواسم الأربع للعدوان هي: الفصح التوراتي الذي يتحرك ما بين شهر 3و4 من كل عام ميلادي، والذكرى العبرية لاحتلال كامل القدس –وهي مناسبة قومية صهيونية- وتأتي ما بين شهر 5 و6 في كل عام، ثم الذكرى التوراتية المسماة "ذكرى خراب الهيكل" والتي تتحرك ما بين شهري 7 و8 من العام الميلادي، وأخيراً يأتي موسم الأعياد الطويل الذي يتحرك ما بين شهري 9و10 من العام الميلادي، وهو الموسم الذي يبدأ يوم الخميس 3-10-2024.

وقال ابحيص إن عدوان موسم الأعياد الطويل على المسجد الأقصى هو موسم العدوان الأسوأ في كل عام، ونظراً لاستمرار تصاعد أجندة تهويد المسجد الأقصى المبارك وتحولها التدريجي إلى مركز الاهتمام الصهيوني، فإن هذه المناسبة تميل في كل عام لأن تكون موسم العدوان الأعتى على الأقصى منذ احتلاله وهذا يتكرر منذ 2015 مع استثناءات محدودة في سنوات 2017 و2021 نتيجة هبة باب الأسباط ومعركة سيف القدس وما فرضتاه من تراجع مؤقت للعدوان. 

وبين أن ما يجعل موسم الأعياد هذا مهيأً لذلك هو أنه يتكون من أربعة أعياد متتابعة: أولها رأس السنة العبرية ومدته يومان، ويأتي هذا العام يومي الخميس والجمعة 3+4-10-2024 وبدءاً منه تنطلق أيام التوبة العشرة التي تفصله عن "عيد الغفران" التوراتي والذي يأتي هذا العام يوم السبت 12-10 ونظراً لوقوعه في يوم سبت فمن المتوقع أن ينظم "اقتحام تعويضي" عنه وذلك يوم الأحد 13-10-2024، ثم يأتي عيد العرش التوراتي ويمتد على سبعة أيامٍ ما بين الخميس 17 وحتى الأربعاء 23-10 وأخيراً يختتم هذا الموسم بالعيد المسمى "يوم ختمة التوراة" والذي يأتي هذا العام يوم الخميس 24-10-2024. 

موسم الثورات


وتابع ابحيص، باختصار يمتد هذا الموسم من الأعياد على مدى 22 يوماً تتخللها 11 يوم عيد، ما يجعله موسم العدوان الأطول والأخطر، وهذا حوله عبر التاريخ الحديث إلى "موسم ثورات الأقصى" ففيه وقعت مجزرة الأقصى 1990 وهبة النفق 1996 وانطلقت انتفاضة الأقصى 2000 وانتفاضة السكاكين 2015، وأخيراً منه انطلقت الملحمة الكبرى على أرض فلسطين في السابع من أكتوبر 2023 صبيحة اليوم التالي لـ "عيد ختمة التوراة".

وبين ابحيص أن جماعات الهيكل المتطرفة –والتي هي واجهة تيار الصهيونية الدينية في تهويد المسجد الأقصى- تكرس هدفاً محدداً لكل موسم عدوان، فهدفها في الفصح التوراتي هو فرض القربان الحيواني داخل الأقصى، وفي الذكرى العبرية لاحتلال القدس أن تستعرض كل أشكال السيادة المزعومة عليه، وفي "ذكرى خراب الهيكل" أن تكسر الرقم القياسي للمقتحمين خلال يومٍ واحد، أما موسم الأعياد الطويل فتخصص فيه جماعات الهيكل هدفاً لكل مناسبة: ففي رأس السنة العبرية تسعى إلى نفخ البوق في المسجد الأقصى المبارك، وفي أيام التوبة تسعى إلى فرض "ثياب التوبة" البيضاء كملابس دينية تشابه ملابس طبقة الكهنة داخل الأقصى، وفي "الغفران" تسعى إلى تجديد نفخ البوق في وقت المغرب وإلى محاكاة قربان الغفران، وفي "عيد العرش" تحلم ببناء عريشة في الأقصى، وتعمل على إدخال القرابين النباتية إليه كما تحاول تسجيل أكبر رقمٍ للمقتحمين على مدى أسبوع، وأخيراً باتت تسعى اليوم في عيد "ختمة التوراة" إلى أن تفرض طقوس "زفاف التوراة" في الأقصى.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة