السماء تُمطر نارًا... وواشنطن تحيك الشروط: غزة تصمد على جبهتين

غارات إسرائيلية على قطاع غزة

تقرير - شهاب

أعادت التصريحات الأخيرة لمبعوث إدارة ترامب، ستيف ويتكوف، تسليط الضوء على الدور الأمريكي في إدارة العدوان الإسرائيلي على غزة، وسط محاولات لترويج تسوية مبكرة تُدمج فيها مراحل الحرب تحت مظلة تفاوض غير متكافئ، ما اعتبره مراقبون ضغطًا سياسيًا مباشرًا على المقاومة الفلسطينية ومحاولة لتهميش جوهر القضية الوطنية.

ويتكوف ألمح إلى خطوط حمراء مرسومة في واشنطن، تسمح لإسرائيل بهامش عسكري محدود دون منحها غطاءً سياسيًا مطلقًا، في مشهد يعكس حالة ارتباك وتقييم متردد للموقف داخل الإدارة الأمريكية.

محاولة تفاوضية رخيصة

الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق اعتبر أن تصريحات ويتكوف تعبّر عن "محاولة تفاوضية رخيصة" تقودها إسرائيل بموافقة أمريكية، تهدف للضغط على المقاومة الفلسطينية وإجبارها على القبول بتسويات مؤقتة، يتم من خلالها تجاوز المرحلة الثانية من الحرب ودمجها ضمن حلول أمنية على حساب الحقوق السياسية.

وأوضح القيق أن إسرائيل تتحرك ضمن هامش عسكري محسوب، لكنها لا تملك أفقًا سياسيًا يُقنع الشارع الإسرائيلي والدولي بجدوى الحرب، وهو ما يُفسر عدم تكرار الخطاب الغربي المعتاد حول "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". وأضاف أن غياب هذا الخطاب يعكس وجود تفاهمات ضمنية، تم انتهاكها من قِبل إسرائيل، ما يضعها في موقع المُحرَج حتى أمام حلفائها.

وأشار إلى أن الحملة الإعلامية والعسكرية التي أطلقها نتنياهو بدعم من بعض وسائل الإعلام العربي لم تحقق أهدافها، وهو ما يدفع الإدارة الأمريكية للوقوف على الهامش، في محاولة لمراجعة المشهد قبل انفلات الأمور من السيطرة.

تشويه الأولويات

من جانبه، قال المحلل السياسي سليمان بشارات إن تصريحات ويتكوف تكشف عن انحراف خطير في مقاربة المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، للصراع في غزة، حيث يتم التعامل معه كأزمة إنسانية عابرة، لا كقضية تحرر وطني تستدعي حلولًا سياسية عادلة.

وأضاف بشارات أن هذا التوصيف يفتح الباب أمام مبادرات مشبوهة تُطرح تحت عناوين التهدئة والإعمار، لكنها في جوهرها تسعى لتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها الحقيقي. وأشار إلى أن التعامل مع غزة كملف أمني أو إغاثي يُعد اختزالًا مخلًا، يخدم أهداف الاحتلال في إعادة صياغة الواقع السياسي وفق مقاساته الخاصة.

وشدّد بشارات على أن ما يجري حاليًا يمثل تحولًا خطيرًا في طريقة إدارة الصراع، حيث تتقاطع العمليات العسكرية مع خطاب سياسي مرن ظاهريًا، لكنه مشحون بضغوطات كبرى على الأطراف الفلسطينية.

ووفق تصريحات المحللين فإن ما يُراد تمريره في هذه المرحلة ليس وقف إطلاق نار فقط، بل فرض معادلة جديدة تُجبر المقاومة على التراجع من دون مكاسب حقيقية، مقابل تهدئة مشروطة بضمانات دولية غير واضحة.

في هذا السياق، يرى مراقبون أن المرحلة القادمة قد تكون أكثر حساسية، وتتطلب يقظة سياسية وإعلامية، تحصّن الموقف الفلسطيني من محاولات التلاعب بالمصطلحات والمسارات، وتُفشل أي محاولة لتجاوز الحقوق الثابتة تحت أي عنوان تفاوضي.

المصدر : شهاب

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة