تقرير/ شهاب
في تطور لافت على مسار المفاوضات، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أمس الجمعة، موافقتها المشروطة على مقترح قدّمه الوسطاء، يتضمن إطلاق سراح خمسة أسرى من الاحتلال لديها، بينهم جندي يحمل الجنسية الأمريكية وهو على قيد الحياة، إضافة إلى جثامين أربعة آخرين من مزدوجي الجنسية.
وجاءت هذه الخطوة بعد دراسة معمقة من قبل قيادة الحركة، التي أكدت جاهزيتها لاستئناف المفاوضات ضمن إطار يضمن تنفيذ الاحتلال لالتزاماته كاملة.
وبينما تفتح هذه الموافقة بابًا جديدًا أمام المساعي الدبلوماسية، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى استجابة الاحتلال لهذا التطور، وما إذا كان ذلك سيشكل اختراقًا حقيقيًا في ملف التهدئة.
حماس تُحكم قبضتها
وفي ذات السياق، قال الكاتب السياسي أحمد الكومي إن حركة حماس أظهرت مجددًا قدرتها على إدارة المفاوضات بثبات ومرونة عالية، دون المسّ بالثوابت الفلسطينية أو تقديم تنازلات مجانية.
وأضاف الكومي أن إعلان الحركة عن موافقتها المشروطة على مقترح الوسطاء لاستئناف المفاوضات تضمّن الإفراج عن الجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، الحامل للجنسية الأمريكية، إضافة إلى جثامين أربعة آخرين من مزدوجي الجنسية، مقابل مطالب فلسطينية أساسية تشمل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وفتح المعابر والانسحاب من محور صلاح الدين.
وأوضح أن هذا الموقف يضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في زاوية ضيقة؛ إذ إن موافقته ستجبره على العودة إلى الاتفاق رغمًا عنه، بينما سيؤدي رفضه إلى صدام مباشر مع الإدارة الأمريكية وتصاعد الضغوط الداخلية من المجتمع الإسرائيلي، الذي يطالبه بإعادة الأسرى.
تصعيد محتمل
ويرى الكاتب السياسي يوسف أبو وطفة أن الفجوة بين موقفي حماس وإسرائيل لا تزال واسعة، خاصة في ظل غياب دور فاعل للوسطاء الذين لم يتمكنوا من جسر الهوة بين الطرفين.
وقال أبو وطفة إن اجتماع المجلس الوزاري المصغر (الكابينيت) الإسرائيلي المرتقب يزيد من احتمالات التصعيد العسكري في غزة، حيث يسعى الاحتلال إلى الضغط على المقاومة من خلال تكثيف الضربات الجوية والاستهداف المباشر.
وأضاف أن التصريحات الأخيرة الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين، من بينهم مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، تؤكد أن الاحتلال والأمريكيين يسعون لإفراغ غزة من الأسرى قبل تنفيذ أي مخططات مستقبلية تتماشى مع رؤيتهم للمرحلة القادمة.
وتابع: "يأتي هذا في وقت تواصل فيه المقاومة الفلسطينية فرض شروطها، مما يجعل من الصعب على الاحتلال تنفيذ مخططاته دون مواجهة المزيد من العوائق".
نتنياهو في مأزق
أما الكاتب السياسي إياد القرا، فيشير إلى أن حماس تناور بذكاء، مستغلة التعقيدات التي يواجهها نتنياهو داخليًا وخارجيًا.
وقال القرا إن موافقة الحركة على مقترح الوساطة لم تضع الاحتلال في موقف صعب فحسب، بل زادت الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما الرضوخ للضغوط الأمريكية وقبول الصفقة بشروط المقاومة، أو الاستمرار في التصعيد العسكري، مما يزيد من عزلته داخليًا ويعمّق الانقسامات داخل حكومته.
وأوضح القرا أن الأزمة تتفاقم مع تصاعد الخلافات بين نتنياهو والأجهزة الأمنية، إضافة إلى التحديات الاقتصادية وصراعات الميزانية، مما يحدّ من قدرته على اتخاذ قرارات حاسمة.
وختم قائلا: "في ظل هذه الظروف، تسعى حماس إلى ترسيخ مطالبها، لا سيما في ملف الأسرى ووقف إطلاق النار، مما قد يؤدي إلى إعادة رسم المشهد السياسي والعسكري في المنطقة".