خاص _ شهاب
في ظل الأوضاع المتوترة والمتسارعة في قطاع غزة، تصاعدت الدعوات الدولية والإقليمية لتطبيق مقترح المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط "ويتكوف" كوسيلة لإيجاد حل طويل الأمد للحرب المستمرة في القطاع منذ أكثر من عام ونصف.
حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" أظهرت بشكل واضح رغبتها في التهرب من هذه المبادرة التي كانت تأمل فيها القوى الدولية لإحلال الهدوء في المنطقة بشكل كامل بدلاً من قبول التسوية السياسية.
يواصل الاحتلال تمسكه بحلوله العسكرية التي تفضي إلى مزيد من التصعيد في المنطقة، مما يعكس تراجعاً في التوجه نحو الحوار وأزمة جديدة تدفع نحو العودة إلى الحرب على غزة، رغم كل السيناريوهات تحديدًا في هذه الأوقات العصيبة، يظل الأمل في إيجاد مخرج سياسي بعيد المنال، بينما تستمر الحرب في ظل ظروف إنسانية صعبة.
موافقة ومرونة
الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، أكد أن حركة حماس أبدت انفتاحًا واستعدادًا جديًا للتعاطي مع خطة "ويتكوف" التي تقضي بتمديد وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مقابل إطلاق سراح خمسة أسرى "إسرائيليين"، من بينهم الأميركي "إيدان ألكسندر"، مقابل عدد كبير من المعتقلين الفلسطينيين.
وأوضح المدهون خلال حديث خاص لوكالة "شهاب"، أن حماس تعاملت مع المبادرة بمرونة ولم ترفضها، بل ناقشت تفاصيلها مع الوسطاء، وأبدت رغبتها في تسليم الأسرى خلال فترة التهدئة المقترحة التي تبلغ 55 يومًا، لكنها فوجئت بعدم وجود أي ضمانات من الوسطاء بشأن التزام الاحتلال.
وأشار إلى أن "إسرائيل" قابلت النقاشات بشن عدوان واسع على القطاع، ما عرقل الجهود وفضح عدم نيتها التوصل إلى تهدئة، حيث ترفض تقديم أي التزام جاد مقابل الإفراج عن الأسرى، وتطالب بإطلاق سراح 11 أسيرًا دفعة واحدة.
وشدد المدهون أن المشكلة تكمن في التعنت "الإسرائيلي"، محذرًا من تبني الإدارة الأمريكية للموقف "الإسرائيلي" المتشدد، ما قد يؤدي إلى إفشال المبادرة.
ودعا إلى تنفيذ المبادرة وفق رؤية متكاملة تشمل وقف العدوان، وانسحاب الاحتلال، وإدخال المساعدات، وتفعيل المفاوضات، مشددًا على أن حماس لا تزال مستعدة للتعامل الإيجابي مع الخطة ضمن معادلة تبادل الأسرى والتهدئة المتدرجة.
لماذا عادت الحرب؟
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، إن ادعاء "إسرائيل" استئناف الحرب على غزة بسبب رفض حماس صفقة الأسرى هو دعاية كاذبة.
وأوضح عرابي خلال حديث خاص لوكالة "شهاب"، أن "إسرائيل" كانت قد استعادت أعدادًا كبيرة من أسرها عبر وقف إطلاق النار، وكان من الممكن إتمام صفقة أفضل لولا تعنت رئيس الحكومة "الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو.
وأضاف أن "إسرائيل" لم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار، إذ تجاهلت إدخال المساعدات الإنسانية ورفضت إجراء مفاوضات المرحلة الثانية، في سعي منها لتحويل الاتفاق إلى تبادل أسرى بدعم أميركي.
كما أشار عرابي إلى أن "إسرائيل" رفضت المقترحات العربية لإدارة غزة وإعادة إعمارها، واستمرت في سياسة التجويع والحصار.
وأكد أن عودة الحرب تفسر بعوامل داخلية "إسرائيلية"، أبرزها محاولة نتنياهو التهرب من الملاحقة القضائية، بالإضافة إلى صراع اليمين "الإسرائيلي" على السلطة.
النقاش متواصل
كما قال الناطق باسم حركة حماس، عبد اللطيف القانوع، إن مقترح "ويتكوف" وعددًا من الأفكار الأخرى لا تزال قيد النقاش مع الوسطاء، مؤكدًا أن الاتصالات لم تتوقف من أجل إتمام الاتفاق.
وأوضح القانوع خلال تصريح صحفي، أن "رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو هو المعطل لتنفيذ الاتفاق، ويضع بقاء حكومته فوق حياة الأسرى وتنفيذ التفاهمات".
وفيما يخص إدارة قطاع غزة، أكد القانوع أن الحركة لا تسعى لتولي أي دور إداري، مشيرًا إلى موافقة حماس على تشكيل لجنة إسناد مجتمعي لا تتضمن الحركة، وأن ما يعنيها هو "التوافق الوطني والالتزام بمخرجاته".
وحول استئناف العدوان على القطاع، أشار القانوع إلى أن ذلك تم "بغطاء أمريكي"، داعيًا إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى ممارسة الضغط على الاحتلال للعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار، بدلًا من أن تتحول إلى طرف في الصراع.
ويمكن القول أن موافقة حركة حماس على مقترح الهدنة مع شرط أن يكون جسرًا للمرة الثانية تمثل خطوة مهمة في سياق الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة.