خاص _ شهاب
في ظل الظروف القاسية التي يعيشها قطاع غزة، خرجت مسيرات شعبية غاضبة في شوارع القطاع تعبيرًا عن رفضها الشديد لاستمرار الحرب التي تلتهم الأرواح وتدمر البنية التحتية.
هذه المسيرات، التي قادها سكان القطاع رغم المخاطر المحدقة، حملت صوتًا موحدًا يطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقف ما وصفوه بـ "الإبادة" المتواصلة، حيث يعاني المدنيون من ويلات الحرب وقسوة الحصار.
وبينما صدحت هتافات المحتجين وسط الأنقاض، كانت رسالتهم واضحة: ضرورة إنهاء الحرب وحماية المدنيين في غزة، في مشهد يعكس إرادة صلبة في المطالبة بالعدالة والسلام.
لم يكن هذا الهدف الذي يريده بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، بل أرادوا تأليب الرأي العام ضد المقاومة، وطالبوا على صفحاتهم ومنصاتهم الرقمية بالخروج بمسيرات تطالب المقاومة بوقف الحرب، كأنها هي من ترفض وقف شلال الدماء. وهذا ما كان يريده الاحتلال، فقد استغل الناطق باسم جيش الاحتلال، أفخاي أدرعي، وغيره هذه المطالبات، ونشروها على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي داعين أن أهل غزة لا يريدون المقاومة ويريدون إنهاء الحرب كأنها صاحبة القرار.
حملة شرسة قوبلت بحملة أخرى من قبل أبناء الشعب الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي، تمثلت في الوقوف مع المقاومة ونبذ دعوات الفتنة التي يريدها الاحتلال في قطاع غزة، ووقف حملات التحريض ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
"من يطالب بتسليم سلاح المقاومة إما جاهل لم يقرأ التاريخ"، هكذا عبر نشطاء على مواقع التواصل عن غضبهم بسبب الدعوات للخروج ضد المقاومة ومطالبتها بتسليم سلاحها في قطاع غزة، ووقف حملات التحريض ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة قال خلال تغريدة له على موقع "إكس"، إن إعلام الاحتلال "الإسرائيلي" بدأ يتحدث بفرح وحبور عن المسيرات التي خرجت في غزة وكأنها ضد المقاومة، موضحًا أن الماكينة الإعلامية "الإسرائيلية" تعمل لتشجيع أهل غزة للخروج ضد حركة حماس.
وأضاف أبو شمالة أن هذه المسيرات تأتي ضمن خطة رئيس الأركان "الإسرائيلي" الحالي "إيال زامير"، والتي تعتمد على الضغط على أهل غزة حتى يتمردوا على حركة حماس، والتوسل لإسرائيل من أجل وقف إطلاق النار.
وأوضح أبو شمالة أنه بعد إسقاط حكم حماس ووقف إطلاق النار، تبدأ الخطوة التالية، وهي تهجير أهل غزة طوعًا أو غصبًا.
إعلام العدو الإسرائيلي بدأ يتحدث بفرح وحبور، ويطالب بتشجيع أهل غزة للخروج ضد حركة حماس!
— د. فايز أبو شمالة (@FayezShamm18239) March 25, 2025
ويقولون: هذه خطة رئيس الإركان الإسرائيلي الحالي إيال زامير والتي تعتمد الضغط على أهل غزة، حتى التمرد على حركة حماس، وتوسل إسرائيل كي توقف إطلاق النار.
وبعد إسقاط حكم حماس، ووقف إطلاق النار،…
أما في تغريدة الصحفي الفلسطيني محمد هنية، فقد تساءل بشكل واضح: "هل عندما ألقت منظمة التحرير سلاحها ووقعت اتفاقيات "السلام"، توقف الاحتلال عن قتل الفلسطينيين؟"، متابعًا تساؤلاته: "هل توقف الاحتلال عن سرقة الأرض؟ هل كفّ عن هدم البيوت وتهجير العائلات؟"
وقال إن الواقع الذي يعيشه الفلسطيني يجيبك، مشيرًا إلى أن الاحتلال زاد في القتل، وتوسع في الاستيطان، وتمادى العدو أكثر حين لم يجد من يردعه.
وتابع حديثه قائلًا: "من يطالب بتسليم سلاح المقاومة، إما جاهل لم يقرأ التاريخ، أو جبان يريد للجميع أن يشاركه ذلّه، تريد أن تعيش؟ انتزع حقك بالقوة، فالحرية لا تُمنح لمن يتسوّلها، والكرامة لا تُصان بالاستسلام".
وختم الصحفي هنية تغريدته: "إن كنت تبحث عن حياة، فقاتل من أجلها، أو ستجد نفسك مصلوبًا أمام العالم، مجرد عبد ينتظر إذنًا بالتنفس".
هل عندما ألقت منظمة التحرير سلاحها ووقّعت اتفاقيات “السلام”، توقّف الاحتلال عن قتل الفلسطينيين؟
— mohammed haniya (@mohammedhaniya) March 26, 2025
هل توقف عن سرقة الأرض؟ هل كفّ عن هدم البيوت وتهجير العائلات؟
الواقع يجيبك: زاد القتل، توسع الاستيطان، وتمادى العدو أكثر حين لم يجد من يردعه.
من يطالب بتسليم سلاح المقاومة، إما…
من جهته قال الناشط الفلسطيني عزات جمال إن هذه الحرب فاضحة بحق؛ هناك من يظهرون الطهارة والحرص على الدم الفلسطيني، وهم معجونون بالقذارة والنذالة، يروجون للانبطاح.
وأوضح خلال تغريدة له على موقع "إكس"، أن من يروجون لدعاية الاحتلال لا يختلفون عنه، مضيفًا أن هذه الفئة تسعى لانتصار الاحتلال بسبب حقدهم الأعمى على المقاومة، "احذروهم فهم العدو!"
هذه الحرب فاضحة بحق؛ هناك من يُظهرون الطهارة والحرص على الدم الفلسطيني، وهم معجونون بالقذارة والنذالة يروجون للانبطاح، لا يختلفون عن الاحتلال الذي يشن حرب الإبادة على #غزة بل تثوق أنفسهم لانتصار الاحتلال بسبب حقدهم الأعمى، احذروهم فهم العدو!#غزة_الفاضحة #شبكة_افيخاي
— عزات جمال 🇵🇸 (@3zJamal) March 25, 2025
وفي بوست له، قال الناشط ياسين أبو العز إن حملة التحريض الممنهجة التي يقوم بها "طراطير وسحيجة فتح" تكون موجهة من مخابرات السلطة والاحتلال، وأحيانًا يتطوعون في تقديم المعلومات لأسيادهم.
وتابع: "كل ذلك يجعلهم متورطين في التخابر مع الاحتلال وأيديهم ملوثة بدماء أبناء شعبنا، ويجب محاسبتهم قانونيًا ووطنيًا على ذلك مثلهم مثل أي متخابر".
وفي تغريدة له على حسابه في موقع "إكس"، أكد الصحفي الفلسطيني علي أبو رزق أن حق الناس في التظاهر والتعبير عن معاناتهم هو حق فطري وأخلاقي، مكفول في كل الأوقات، سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل.
وأوضح أن التظاهر من أجل وقف الحرب هو هدف نبيل، لكن القرار بوقف الحرب لا يتوقف على الفلسطينيين أو المصريين أو العرب، بل هو قرار أمريكي "إسرائيلي" بامتياز.
وأشار أبو رزق إلى أن الشاب المقاوم يتمنى وقف الحرب أكثر من أي شخص آخر، بعد أن أصبحت هجمات الاحتلال لا تقتصر على المقاومين فقط، بل طالت حتى الأشخاص الذين يساهمون في التخفيف من معاناة الشعب، مشيرًا إلى استهداف مدراء التعليم في غزة كمثال على ذلك.
ورغم صدق نوايا الناس وحاجتهم الملحة لوقف الحرب، بين أبو رزق أن التظاهر في الظروف الحالية قد يقوي موقف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في طاولة المفاوضات، ويمنحه فرصًا أكبر للمضي قدما في مشروع التهجير.
وأضاف أن التظاهرات إذا كانت موجهة للعالم وللمؤسسات الدولية، فإنها قد تكون أداة ضغط فعالة، لكن استغلالها لأغراض سياسية قد يضر بالقضية.
وفي هذا السياق، أشار إلى توقيت التظاهرات الذي جاء في وقت صعب للغاية، بعد تمرير الميزانية "الإسرائيلية"، ما قد يعطي نتنياهو ذريعة لمواصلة هجماته والتضييق على الفلسطينيين، مستغلاً أي تظاهرات تحدث ضدهم.
وختم أبو رزق بالقول إن قمع هذه المظاهرات مرفوض بشدة، ويجب الاستماع لآلام الناس ومطالبهم، وتوجيه التظاهرات نحو الجهات التي تملك قرار وقف الحرب.
١- حق الناس في التظاهر والتعبير عن قهرها وآلامها وحاجاتها وتطلعاتها الأصل أنه حق فطري وأخلاقي، وحق مكفول اليوم وأمس وغدا
— Ali Abo Rezeg (@ARezeg) March 25, 2025
٢- التظاهر لوقف الحرب هدف نبيل جدا جدا، ولكن قرار وقف الحرب ليس فلسطينيا ولا مصريا ولا عربيا، قرار وقف الحرب أمريكي وإسرائيلي بامتياز
٣- إذا كنت تتمنى وقف…
من جهته نشر الإعلامي محمد عثمان بوستًا له على موقع "فيس بوك"، قال فيه إن بعض الحسابات والصفحات تجاوزت الناطقين باسم جيش الاحتلال في روايته.
وأوضح: "بتلاقي الاحتلال يقصف منازل موظفين في وزارات مدنية بغزة، مثل الأوقاف والتربية والتعليم، واستشهد الموظفون مع عائلاتهم"، متابعًا: "الاحتلال لم يعلن أنه اغتال شخصية أو أي أحد، ولكن هناك صفحات وحسابات تقوم بالنشر وتقول إنه يعمل مع حكومة حماس ويقومون بالدعاء عليهم".
وأشار عثمان إلى أن هذا الأمر لا يعني أنهم يعملون بمعزل عن الاحتلال، إنما جزء من ماكينته، ماكينة الشائعات والحرب النفسية، وفي بعض الأحيان كمقدمة لاستهدافات أخرى مع تبريرها.
وختم منشوره قائلًا: "عشان ما حدا يتفلسف ويقول إني بتهم حدا بينتقد الحركة بغزة، فأنا بحكي عن وقائع وأفعال وأحداث بعينها، واللي بدو ينتقد ينتقد!"
ما بين الخروج بمسيرات منددة بوقف الحرب وإسناد المقاومة، ودعوات أخرى تحريضية ضدها، عبر كثيرون من أبناء الشعب الفلسطيني عن رفضهم القاطع للدعوات المشبوهة التي يدعمها الاحتلال بكل أذرعه الإعلامية، وتساندها السلطة التي لم تفعل أي شيء لغزة على مدار عام ونصف.