أحمد النجار

فلسطين بحاجة إلى إعادة الاعتبار لمؤسساتها الوطنية

لا يخفى على أحد الواقع الذي تعيشه القضية الفلسطينية برمتها سواء على صعيد وضعها الداخلي المتمثل في مؤسسة الرئاسة والحكومة والقضاء والأجهزة الأمنية، أو على صعيد الوضع الخارجي والمتمثل في وزارة الخارجية والسفارات ومنظمة التحرير، والذي يهيمن عليها رئيس السلطة وحركة فتح محمود عباس

المؤسسات الفلسطينية معطلة، فالمجلس الوطني لم ينعقد منذ إبرام اتفاقات أوسلو، بينما ما تزال مؤسسات السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية منقسمة سياسيًا وجغرافياً ومؤسسياً منذ يونيو 2007.

تعطيل المجلس التشريعي الفلسطيني بقرار من رئيس السلطة في الضفة وإغلاق مقره ، وغياب الرقابة التشريعية أدى إلى تجاوزات رئاسية وحكومية خطيرة وانتهاكات شبه يومية تنفذها الأجهزة الأمنية وصلت إلى حد الاغتيال السياسي كحالة اغتيال الناشط السياسي نزار بنات وقمع كل الرافضين لعملية الاغتيال، إضافة إلى الفساد الذي تغلغل في كل ركن داخل هذه المؤسسات ، مثل تعيينات كبار المسؤولين في تلك المؤسسات، وآليات عزلهم، والترقيات في الوظائف الحكومية للمناصب العليا، ووظائف السلك الدبلوماسي ، وهذا ما أظهرته دراسات حديثة، وأيد هذا الاعتقاد التقريرُ السنوي الذي أصدره مؤخراً الائتلاف الفلسطيني من أجل المساءلة والنزاهة (أمان)

أمّا حركة فتح باعتبارها الحزب المهمين على كل مقدرات السلطة مستفيدة من استفراد رئيسها محمود عباس بكل المناصب العليا، فتشهد في الوقت الراهن انقسامات داخلية أخذه في الاتساع، كان ذلك واضحا في القوائم التي تشكلت لخوض الانتخابات التي كانت من المقرر إجرائها في مايو 2021 قبل قرار عباس بإلغائها، لعدة أسباب كان أبرزها انقسامات حركة فتح الداخلية والخشية من الخسارة

عباس يهيمن على كافة مؤسسات السلطة بما فيها منظمة التحرير، حيث يعمل معه كل الممولين، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والإمارات، ودول عدة معنية بالحفاظ على بقاء السلطة بهذا الحالة لأسباب، أبرزها بقاء دور السلطة الوظيفي والذي يخفف التكلفة اليومية للاحتلال ويحمي المستوطنين، ويكبح جماح أي ملامح لانتفاضة قد تتبلور ضد الاحتلال في الضفة الغربية

الفسادُ في المؤسسات الفلسطينية، هيكلي متجذرٌ في النظام السياسي مِن قَبل حقبة أوسلو، والقضاء عليه بفاعلية يتطلب إعادة بناء تلك المؤسسات على أسس وطنية تطال النظام السياسي برمته، يؤدي إلى إيجاد نظامٍ رقابي تشريعي ومؤسسي فعال وقوي يحافظ على هذه المؤسسات ويحميها من الهيمنة والفساد.

فالمطلوب هو إعادة الاعتبار لمؤسساتنا الوطنية وذلك بإنهاء حقبة الانقسام وبناء مؤسسات قوية ومهنية وإجراء الانتخابات بصورة دورية، لتمكين الشعب من تحديد خياراته والاتفاق على برنامج سياسي موحد، وبذلك يكون لدينا مؤسسات وطنية مهنية معترف بها دوليا تمثل الكل الفلسطيني، عنوانها الشراكة من أجل التحرر والعودة.

وكي نبني مؤسساتنا ونعيد الاعتبار لها، مما سبق وعبر استقراء الواقع، لا فائدة من المراهنة على رئيس السلطة محمود عباس في ذلك؛ لذلك المطلوب اليوم هو الاستمرار في الحملات الشعبية الساعية لإعادة بناء مؤسساتنا، وعلى الجاليات الفلسطينية في الخارج أن تنظّم نفسها وتضاعف جهدها، وتكون مستعدةً لإجراء انتخاباتٍ تمثيليةٍ لاختيار أعضائها في المجلس الوطني، كذلك يمكن البناء على مبادرة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتي تمثلت في الآتي: 

  1. أن المدخل الوطني الأساس هو إعادة بناء المنظمة على أسس وطنية
  2. إجراء الانتخابات الشاملة باعتبارها مدخلاً لإنهاء الانقسام
  3. شكيل حكومة فلسطينية موحدة محررة من اشتراطات الرباعية الدولية
  4. الاتفاق على برنامج وطني سياسي يتحلل من اتفاقات أوسلو والتزاماته
  5. تشكيل قيادة وطنية موحدة تقود وتدير المقاومة الشعبية

إضافة إلى دعم كل المبادرات الوطنية التي تدعو إلى بناء المؤسسات الوطنية على أسس وطنية والتحرر من الهيمنة والعبودية، التي كان أخرها وثيقة إعلان عن الهيئة التأسيسية لانتخاب المجلس الوطني الفلسطيني.

المصدر : شهاب

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة