دعت مؤسسات حقوقية إلى فتح تحقيق في ملابسات اعتداء عناصر أجهزة أمن السلطة في جنين، على نجل الأسير القيادي في حركة فتح زكريا الزبيدي واعتقاله مساء أمس الجمعة، قبل أن يتم الإفراج عنه فجر اليوم.
وأدانت المؤسسات في بيانات منفصلة سلوك الأجهزة الأمنية بحق نجل "الزبيدي"، وعدته سلوك عصابات وخروجًا عن القانون وسلوكًا غير منضبط، داعية إلى إحالة العناصر المتورطين إلى القضاء.
سياسة القوة المفرطة
واستنكرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) الاعتداء على محمد الزبيدي، عادةً أنه يدلل على رغبة أجهزة أمن السلطة وإصرارها على تطبيق سياسة استخدام القوة المفرطة وغير المبررة ضد المواطنين ما يعرض سلامتهم الجسدية لخطر شديد.
وطالبت (حشد) النائب العام بفتح تحقيق جدي في ملابسات وظروف الاعتداء وسحل المواطن محمد الزبيدي؛ بما يضمن إحالة جميع المتورطين في ذلك للقضاء.
حالة عدم انضباط
من جهتها، استهجنت مجموعة "محامون من أجل العدالة" اعتداء أجهزة الأمن في مدينة جنين بالضرب المبرح بالهراوى على المواطن الزبيدي أثناء اعتقاله مساء أمس في الشارع العام.
وأكدت المجموعة أن هذا السلوك يعكس حالة عدم انضباط في صفوف عناصر الأمن، وتجاوزاً فاضحاً للقانون.
ودعت المجموعة إلى ضرورة كبح هذا السلوك المتكرر الذي بات يمثل نهجاً دائماً في التعامل بشّدة وعنف مع المواطنين دون أي مبرر.
وطالبت بضرورة إحالة العناصر المتورطين في هذا الاعتداء إلى القضاء لمحاكمتهم على هذه الأفعال المجّرمة والسلوكيات التي تنتهك حقوق الإنسان والقانون الأساسي الفلسطيني.
تجاوز فاضح للقانون
من جانبه، أدان الراصد الحقوقي بشدة استمرار الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في استخدام العنف والاعتداء الوحشي خلال عمليات الاعتقال التي تنفذها دون سند قانوني في الضفة المحتلة.
وقال الراصد إنه تابع باستهجان شديد اعتداء أجهزة الأمن في مدينة جنين بالضرب المبرح بالهراوى على المواطن الزبيدي أثناء اعتقاله، وسبق ذلك محاولة ملثمين تبين لاحقاً أنهم عناصر أمنية، خطف معلم من سيارة في الخليل.
وأكد الراصد الحقوقي أنَّ هذا السلوك يعكس حالة عدم انضباط في صفوف عناصر الأمن، ويمثل تجاوزاً فاضحاً للقانون، فضلاً عن كونه يمثل إهانة للحركة الأسيرة بالاعتداء على نجل أحد رموزها.
وأشار إلى أنَّ العنف الذي تمارسه أجهزة السلطة بات يعكس سلوك عصابات وليس أجهزة إنفاذ قانون.
كما أشار إلى أنَّ الاعتداءات في جنين بالتحديد تأتي كأحد أشكال الوكالة الصريحة عن الاحتلال، وهو ما كشفته مؤخراً تقارير إسرائيلية رسمية دون أي نفي من جانب السلطة.
وشدد على ضرورة كبح هذا السلوك المتكرر الذي بات يمثل نهجاً دائماً، محذرا من خطورة هذا السلوك والتصعيد في قمع المواطنين وتنفيذ الاعتقال التعسفي، ومطالباً بقرار فوري لهذه الانتهاكات ومحاسبة المتورطين فيها.
وكانت أجهزة السلطة، اعتدت في ساعة متأخرة من مساء الجمعة، على عدة شبان بينهم نجل الأسير الزبيدي في مدينة جنين قبل اعتقالهم، ورد مسلحون بإطلاق نار كثيف صوب عدد من مقراتها الأمنية.
وأظهر مقطع فيديو تداوله نشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي، لحظة قيام عناصر من أمن السلطة بالاعتداء بالضرب بالأيدي والهراوات على الشاب محمد الزبيدي.
وأفادت مصادر محلية أن العناصر الأمنية زجت بالشاب الزبيدي مع آخرين في أحد مركباتها واقتادتهم إلى جهة غير معلومة.
توتر في جنين
وعلى إثر ذلك، سادت حالة من التوتر الشديدة في المدينة وسمعت أصوات إطلاق نار كثيف في أكثر من منطقة بجنين، وسط استنفار واسع لعشرات المسلحين.
وأفاد شهود عيان أن المسلحين استهدفوا بأسلحة رشاشة عدد من المقرات الأمنية للسلطة التي بدورها استدعت عززت من انتشار قواتها في جنين.
#فيديو| استقبال نجل الأسير زكريا الزبيدي بعد اعتقاله والاعتداء عليه من قبل أجهزة أمن السلطة في #جنين، وتعرض مقر المقاطعة في المدينة لإطلاق نار في أعقاب عملية الاعتقال الوحشــية pic.twitter.com/nJSjh9HUyQ
— وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) January 8, 2022
ويعد زكريا الزبيدي أحد قادة كتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية خلال انتفاضة الأقصى وكان تمكن من الهروب من سجن جبلوع الإسرائلي شديد التحصين في سبتمبر الماضي ضمن أسرى "نفق الحرية" الستة، قبل إعادة اعتقالهم لاحقا.
يشار إلى أن مدينة جنين ومخيمها تشهد اشتباكات ومناوشات بين الفينة والأخرى مسلحين يتبعون لفصائل المقاومة الفلسطينية وقوات السلطة التي تتعقب من تزعم أنهم "خارجين عن القانون".
استهداف جنين
وكان رئيس السلطة محمود عباس أقال قادة الأجهزة الأمنية في مدينة جنين عقب المشاركة العلنية اللافتة لمسلحي كتائب القسام في تشييع جثمان القائد الوطني وصفي قبها يوم 12 نوفمبر 2021.
وشمل ذلك إيقاف عدد من كبار أعضاء المخابرات والأمن الوقائي والعسكري والمخابرات العامة، كل ذلك من الشرطة الزرقاء ومحافظ جنين.
ومطلع الشهر الحالي، أعلن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيف كوخافي، أنَّ قوات الاحتلال كانت على وشك تنفيذ عملية عسكرية واسعة في جنين قبل شهور لكن أجهزة أمن السلطة نفذت المهمة بضغط من الاحتلال.
ونقلت القناة 12 العبرية عن كوخافي قوله خلال جلسة مغلقة مع ضباط وسياسيين في كيان الاحتلال أن السلطة اعتقلت عدداً كبير من المقاومين، وصادرت أسلحة وعتاد، ودخلت إلى مخيم جنين بدلا عن قوات الاحتلال.
وتصاعدت المقاومة المسلحة في جنين بشكل لافت خلال الآونة الأخيرة، خاصة في الفترة التي تزامنت مع معركة "سيف القدس" في غزة والعدوان على القدس والضفة وأراضي الـ48.