"ضحّينا بأولادنا وبيوتنا في سبيل الله"

تقرير عيد أضحى غير مسبوق على الغزيين.. عجزٌ عن التضحية وشعور بالحزن العميق

أنا تاجر مواشي من 50 سنة، لكن لا أذكر أن مر علينا سوق بهذا السوء، بهذه الكلمات عبر الحاج مصطفى أبو مدين (75 عامًا) عن الحالة الصعبة لـ "سوق الحلال" في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة قبل يوم واحد من عيد الأضحى المبارك.

وقال أبو مدين لوكالة "شهاب"، أسعار الأضاحي هذا العام جنونية ولا يصدقها عقل، ولا توجد في أي مكان في العالم، وذلك بسبب الحصار ومنع الاحتلال الإسرائيلي مرور الأضاحي إلى قطاع غزة عبر المعابر التي يحكم إغلاقها.

وتابع، "الناس بتيجي على السوق بتسأل وما بتشتري بسبب ارتفاع الأسعار، وبسبب نفاد ما تبقى لديهم من أموال بعد أكثر من ثمانية أشهر من الحرب، مردفًا: لا أظن أن 2% من أهل غزة يستطيعون التضحية هذا العام.

وأردف أبو مدين، "الأسعار ارتفعت إلى 4 أو 5 أضعاف عن العام الماضي في الأعلاف والمواشي، فقد كان كيلو لحم الخروف 5 دينار واليوم بات السعر بـ 25 و30 دينار، فيما كان سعر رطل العلف 7 شيكل واليوم بات بـ 25 شيكلًا".

وأضاف، أغلب الناس لا يعرفون طعم اللحم طوال الأشهر الماضي، والآن ينتظرون بعض الجمعيات على أمل الحصول على بعض اللحم خلال عيد الأضحى.

الحرب قضت على المواشي

في زواية أخرى في سوق الحلال في دير البلح والتي باتت مكتظة بمئآت آلاف النازحين، وقف الشاب محمد السميري إلى جانب رأس من الغنم في محاولة لبيعهم قبل حلول عيد الأضحى دون أن يتمكن من ذلك.

يقول السميري لوكالة "شهاب"، في العام الماضي بعت 20 رأسًا من الغنم والخراف لكن هذا اليوم أجد صعوبة في بيع رأسين فقط بسبب ارتفاع الأسعار وانعدام القدرة الشرائية لدى المواطنين بسبب ارتفاع الأسعار بصورة غير مسبوقة.

وتابع السميري، منذ ما يزيد عن ثمانية أشهر وقوات الاحتلال تمنع مرور المواشي الى قطاع غزة، ما أدى إلى نفاذ المواشي من القطاع عدا عن نفوق عدد كبير منها بسبب الحرب والقصف الإسرائيلي ونفاذ الأعلاف، وما يتوفر الان هي المواشي البلدية الغير مستوردة.

وأردف، الخروف الذي كان سعره العام الماضي 200 دينار أردني (ألف شيكل تقريبًا) أصبح اليوم ثمنه ألف دينار (5000 شيكل تقريبًا)، معقبًا: هذه الأسعار لم تمر علينا في حياتنا.

أسعار غير معقولة

الشيخ محمود أبو هولي(45 عامًا) وقف هو الآخر وسط سوق الحلال سعيًا لبيع عدة رؤوس من الغنم والخراف، لكنه وجد صعوبة كبيرة في ذلك بسبب الارتفاع الكبير في السعر وعدم قدرة المواطنين على الشراء.

يقول أبو هولي لوكالة "شهاب"، أنا أعمل في تجارة الحلال منذ 16 عامًا، ومنذ ذلك الحين لم تمر علي أي سوق بهذا السوء، من ناحية غياب العرض وارتفاع الأسعار بصورة غير معقولة.

وتابع أبو هولي، الناس بتتفرج وبتسأل وبتمشي، كلهم نفسهم يشتروا أضاحي ويفرحوا أهلهم ويأدوا هذه الشعيرة، لكن ما في معهم مصاري بعد ما يزيد عن ثمانية أشهر من الحرب التي استهلكت جيوبهم وما لديهم من أموال.  

وبيّن أن السبب الرئيس لارتفاع الأسعار هو الحصار الإسرائيلي ومنع مرور الأعلاف والمواشي عبر المعابر، مشيرًا إلى أن الأسعار ارتفعت إلى 5 أضعاف سعرها الحقيقي.

ضحينا بأولاد وبيوتنا

 بين جنبات سوق الحلال الذي سرعان ما أغلق أبوابه بسبب انعدام الاقبال، وجدنا الحاج خليل أبو نضال (60 عامًا) يعاين أسعار وأنواع الأضاحي في السوق، لكنه لم ينجح في شراء أي منها بسبب ارتفاع أسعارها بصورة غير مسبوقة.

يقول أبو نضال النازح من معسكر جباليا شمال قطاع غزة لوكالة "شهاب"، قررت أن اشتري خروف للتضحية به هذا العام ولكن عندما أتيت إلى السوق صعقت من أسعار الخراف والأضاحي هذا العام، ولم أتمكن من العثور على أضحية يتناسب سعرها مع قدرتي المادية.

ويتابع الحاج الستيني، كل واحد نفسه يضحي، وكل واحد نفسه في الخير، لكن ما في اليد حيلة والناس وضعها صعب ومأساوي، ومن يستطيع أن يشتري أضحية لا يتجاوز عددهم 1 % فقط وسيندمون بسبب عدم كفاية الأضحية لأهل بيته وأصدقاءه والجيران.

 ويستدرك أبو نضال قوله، صحيح أننا هذا العام لن نستطيع تقديم الأضاحي لكننا قدمنا أبنائنا وبيوتنا ومزارعنا فداء لديننا ووطننا، ونسأل الله أن يتقبل منا.

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة