آدم محمد عراقي يبلغ من العمر (52 عاما) انطلق من بريطانيا قبل أكثر من 6 أشهر؛ مطلع أغسطس/آب الماضي، سيرا على الأقدام، قاصدا مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، التي يتوقع الوصول إليها في يوليو/تموز القادم، ويواصل آدم السير وأمامه عربة ذات 3 عجلات يستخدمها لنقل أغراضه التي يحتاج إليها في الرحلة، وتلقى الدعم والمساعدة من الكثيرين في البلدان التي مر بها دون أن يطلب ذلك.
يقول آم عن اتخاذه قرار الذهاب سيرا على الأقدام إلى مكة المكرمة: "بعد فرض حظر التجول بسبب جائحة كورونا، شغلت نفسي بقراءة القرآن وفهمه، وبعد سنة ونصف من الدراسة العميقة في القرآن استيقظت في يوم ما من النوم ووجدت في صدري شيئا في داخلي يقول لي اذهب سيرا على الأقدام إلى مكة".
ويضيف، أنه في بداية ذلك الشعور كان يرى أن الفكرة جنونية وكان يريد أن يتجاهل هذا الشعور، لكن الأمر كان يراوده "مثل البركان في صدره" -حسب وصفه- فقرر صنع عربة سهلة الدفع مزودة بخلية شمسية بحجم صغير ليصطحبها في رحلته الطويلة يضع عليها ما يحتاج إليه من أغراض، واستعان لإنجاز هذه العربة بورشة في بريطانيا، مشيرا إلى أن الورشة عند إنجاز العربة رفضت تقاضي أي مبالغ منه بعدما علموا أنه ينوي الذهاب بها في رحلة طويلة إلى الحج.
وعن طريق رحلته يؤكد آدم أنه لم يتعرض لمضايقات سوى توقيف الشرطة له في دول عدة للاستفسار بعد استغرابهم وضعه، مشيرا إلى أن كثيرا من الناس ساعدوه في طريق رحلته لكنه لم يطلب المساعدة من أحد، ويؤكد أن ما يقوم به هو لوجه الله وليس من أجل تسجيل الأرقام القياسية.
وصل آدم مؤخراً إلى تركيا ويعتزم الدخول إلى سوريا، ومنها إلى الأردن، ثم إلى المدينة المنورة في السعودية ليبقى فيها بانتظار موسم الحج، ثم يسير مجددا قاصدا مكة المكرمة.
ويتابع حديثه "بعد انتهاء الحج سأرجع العربة معي إلى بريطانيا لأنها صارت جزءا مني ولا أستطيع التخلي عنها"، لافتا إلى أنه ليس لديه تنسيق مع سلطات الحج في السعودية للسماح له بأداء المناسك، لكن توجد محاولات من قبل بعض أصدقائه لحصول على فيزا للدخول.
يحب المغامرة
تقول ابنته داليا إن والدها شخص مُجد في عمله، فقد كان يحرص على توفير جميع حاجات أسرته، وإنه شخص منفتح وصادق، يعامل الجميع باحترام ويكره الغيبة.
وتضيف "والدي كان دائما شخصا مغامرا، نحن نملك بيتا متنقلا (مقطورة) منذ عام 2010، واعتدنا دائما السفر به إلى دول عديدة، في كل عطلة صيف كنا نشد الرحال دون وجهة محددة لأنه شخص لا يحب البقاء في مكان واحد مدة طويلة".
وتشير إلى أن والدها كان دائما يتطلع إلى اكتشاف أماكن جديدة، مبدية سعادتها كون والدها قد يكون أول شخص سيسافر مشيا على الأقدام من بريطانيا إلى مكة المكرمة.
وتصف داليا ما قام بها والدها بأنه أمر رائع لأنه من الصعب جدا السفر على الأقدام مسافة آلاف الكيلومترات للوصول إلى مكة، معتبرة أن وقت الرحلة مناسب جدا، ففي هذه الفترة التي يمر فيها العالم بظروف سلبية من الجميل رؤية شيء إيجابي، ومن الجميل رؤية الناس يتعاونون بينهم، يشاركون الحب نفسه نحو دينهم، ويظهرون أن روح الإنسانية لا تزال موجودة.
وتقول إنها تتواصل معه يوميا في كل مرة يأخذ فيها قسطا من الراحة، مؤكدة أنها ليست قلقة بشأن الرحلة لأنه كان قرارا قد اختاره بنفسه، وما دام سعيدا فإنها سعيدة أيضا.
لله في خلقه شؤون
ويصف غسان يحيى دحلة صديقه آدم بالقول "ألخّص قصته بأنه شخص يمشي على الأرض ولكنه لا يسكنها، بيننا نحسه ونلمسه ولكنه روح لا ينتمي إلينا، هو من أوسط الناس وعامتها، حاد الطبع والطبيعة يحب بقوه ويغضب بقوة".
ويضيف دحلة أنه تعلم من آدم أن "لله في خلقه شؤون يضع سره كيفما يشاء وفيمن يشاء، ليس من الواجب على أحد أن يكون عالما أو مثقفا حتى يفهم الطريق إلى الله أو سر الوجود، فليكن كما يكون سيهدي الله به الناس".
وبخصوص رحلة آدم سيرا على الأقدام، يقول دحلة إن "الله يطوي له الأرض طيا، كلما توقعنا أنه ربما سيواجه صعوبات في هذا البلد أو تلك المنطقة، تهلّ عليه الناس بالمساعدة والدعم من المسلمين وغير المسلمين على حد سواء".