بعد عام من الانتظار وغياب العلاج

مرضى السرطان بغزة :"أسماءنا قد يصلها الدور على قائمة السفر للعلاج أو قائمة الموت المؤجل"

لا شىء يتوقف فى غزة ، كل معاناة مع الوقت تصبح أوسع وأصعب وأقرب إلى النهاية، مع استمرار الحرب وتفاقم الأوضاع وإغلاق المعابر.

واحدة من أبرز أشكال المعاناة مرضى السرطان الذين انقطعوا عن عالجهم بشكل كامل منذ عام تقريبا، بعد أن دمر الاحتلال مستشفتان كانتا تقدمان خدمة العلاج لهم، مستشفى "عبد العزيزالرنتيسى" المخصصة لعلاج الاطفال، و مستشفى الصداقة التركي.

ومنذ عام تقريبا تُسجّل بينهم أكثر من 50 حالة وفاة شهريا، ونحو 200 حالة سرطان جديدة تضاف الى قائمة المرضى فضلا عن وجود أكثر من 16 ألف ملف لمرضى الأورام بالقطاع.

فقدنا الأمل

طارق شنيورة "17 عاما" يقول لـ "شهاب":" كان أخر علاج تلقيته منذ أكثر من عشرة شهور، ومنذ ذلك الوقت انتظر على قائمة انتظار طويلة من المرضى للخروج للعلاج ، قبل اغلاق معبر رفح كان هناك املا بالمغادرة لكننا اليوم جميعا ندرك اننا على قائمة انتظار الموت لا أكثر.

  ويضيف:" أنهكني المرض مع نقص الأدوية حتى المسكنات لم تعد متوافرة وهذه ليست معاناتى وحدى بل هى معاناة أكثر من عشرة الاف مريض سرطان موجود فى غزة فى ظروف صحية كارئية.

فى حين تقول مروة الحلاق" 30 عاما" : "لا أتلقى أي علاج إلا بعض المسكنات والمحاليل وأنتظر أي فرصة للسفر للعلاج خارج قطاع غزة عبر تحويلة طبية، أترقب ذلك على أحر من الجمرمنذ من يزيد عن تسعة أشهر فهي فرصتى الوحيدة للعلاج."

وترى مروة أن واقع المرضى يزداد صعوبة يوميا بعد يوم ، فلا أسرة للمرضى فى حال أحتاج المريض للمبيت فى المستشفى أما واقع العلاج فالأمور من سيء إلى أسوء الآن على سبيل المثال لا يوجد أي مضادات حيوية او مسكنات عامة ولا علاجات متخصصة.

وتتابع غالبية المبادرات لاجلاء المرضى تقوم على اجلاء الأطفال وهذا جهد مقدر للمؤسسات الدولية فالاطفال الحلقة الأضعف والأكثر انتهاكاً طيلة فترة الحرب ومع ذلك نأمل ان تقوم واحدة من هذه المبادارات عبر منظمة الصحة العالمية لإجلاء المرضى الشباب وكبار السن، لأننا جميعا فقدنا الأمل فى العلاج او الحياة .

أما نورة "26عاما" تقول : "أعاني من الموت البطيء، لا استطيع الوقوف أو السير مطلقًا اصرخ طوال الليل بسبب الألم الذي أصاب جسمي، لا يوجد علاج منذ أن تم تدمير مستشفي الصداقة التركي من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي وهو المستشفى الوحيد الذي كنت أتلقى العلاج فيه، كان من المفترض أن أتلقى أكثر من جلسة للعلاج الكيميائي لكن هدم الاحتلال الإسرائيلي للمستشفى حرمني من ذلك، كنت على قائمة الانتظار للسفر إلى جمهورية مصر العربية لكن إغلاق معبر رفح البري أحال بيني وبين سفري للعلاج."

وتتابع أذهب يوميًا للمستشفي من أجل الحصول على بعض المسكنات القوية أو بعض العقاقير التي تساعد على النوم لكن دون جدوى لا يوجد علاج داخل المستشفيات، كنا نقضي يومًا كاملا ونحن نبحث عن مسكن للألم، نبحث أيضًا داخل الصيدليات ولكن دون جدوى."

 

مهددين بالخطر

من جانبه يقول الدكتور محمد أبو ندى، رئيس مشفى الصداقة التركي، المختص في علاج مرضى السرطان في قطاع غزة: إن مرضى السرطان يشعرون بمعاناة شديدة جدًا في ظل عدم توفر علاج أو بدائل لعلاجهم داخل القطاع، إذ إننا يوميًا نفقد مرضى مصابين بالسرطان من دون القدرة على توفير أي خدمة علاجية.

ويضيف مع استمرار إغلاق معبر رفح بسبب السيطرة الإسرائيلية وبسبب العملية العسكرية على مدينة رفح، ازداد الوضع صعوبة وسوءًا، إذ يمنع الجيش الإسرائيلي آلاف المرضى من تلقي العلاج اللازم خارج قطاع غزة موضحًا أن هذه القرارات بمثابة حكم بالإعدام الميداني لهؤلاء المرضى، وتحويل حياتهم وحياة ذويهم إلى جحيم في ظل انعدام الأدوية والعلاجات اللازمة".

وأوضح أبو ندى أن ما نسبته 35% وأكثر من حالات مرضى السرطان في القطاع هم لأطفال دون سن 15 سنة.

من جانبه يقول إسماعيل الثوابتة مدير المكتب الاعلامى الحكومى: "أن الاحتلال يمنع سفر 25 ألف مريض وجريح لديهم طلبات سفر وتحويلات للعلاج في الخارج، وبسبب هذا المنع 3 آلاف مريض بالسرطان قضوا منذ بداية الحرب الحالية في السابع من تشرين الأول الماضي، والباقون مهددة حياتهم بالموت بسبب سياسة الاحتلال غير الإنسانية وغير الأخلاقية بسبب منعهم من السفر لتلقي العلاج».

وأضاف الثوابتة: "إن إسرائيل تمنع دخول شاحنات المساعدات الإنسانية والمستلزمات الطبية والوفود الصحية، والأدوية والعلاجات، كما تمنع إدخال المساعدات بأنواعها المختلفة، مما ساهم في تأزيم الواقع الصحي والإنساني بشكل خطير".

وشدد على أن الكارثة الإنسانية تتعمق في قطاع غزة على كل الأصعدة جراء إغلاق المعبر الوحيد الذي يربط غزة بالعالم الخارجي.

الاستهداف الممنهج

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان:"أن عشرات حالات الوفاة تسجل يوميًّا لمرضى وكبار سن غالبيتهم نتيجة غياب الأدوية أو العلاج أو عدم توفر رعاية صحية ملائمة، وهؤلاء لا يتم احتسابهم رسميًّا ضمن ضحايا الهجوم الإسرائيلي المستمر، مشيرًا إلى أن معطيات وزارة الصحة تشير إلى ارتفاع نسبة الوفاة في قطاع غزة بشكل كبير خلال الأشهر الماضية مقارنة بالفترة نفسها من العامين السابقين، وأنه لوحظ وجود علاقة بين ارتفاع حالات الوفاة وخروج المستشفيات عن الخدمة وانهيار النظام الصحي نتيجة الاستهداف الإسرائيلي الممنهج.

وقال الأورومتوسطي إن تدمير المستشفيات والمرافق ووسائل النقل الطبية ومنع إدخال الأدوية والأجهزة الطبية وقتل واعتقال الكوادر الطبية يأتي في مقدمة جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023، لتقتل على نحو بطيء من لم تقتله الهجمات على نحو مباشر، من خلال الحرمان من العلاج والغذاء الضروريين، والمواد الأخرى التي لا غنى عنها للبقاء.

وشدد على أن تدمير القطاع الصحي هو ركن أساسي للخطة المنهجية والمنظمة وواسعة النطاق التي تنفذها إسرائيل لتدمير حياة الفلسطينيين في القطاع، والقضاء عليهم، وتحويل وطنهم إلى مكان غير قابل للحياة والسكن ويفتقد لأبسط مقومات الحياة والخدمات الأساسية، من خلال جرائم متكاملة، أخطرها الاستهداف المنهجي وواسع النطاق للقطاع الصحي وإخراجه عن الخدمة بالتدمير والحصار، وإيصاله إلى نقطة اللاعودة، وحرمان الفلسطينيين من فرص النجاة والحياة والاستشفاء، وحتى من المأوى.

 

 

 

 

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة