خاص / شهاب
ارتقى المطارد عبد الحكيم شاهين، الذي طاردته قوات الاحتلال الإسرائيلي واعتقلته بعد الاشتباك معه وإصابته بجروح خطيرة، بعيد ملاحقته ومحاولة اعتقاله قبل ساعات فقط على يد أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في نابلس.
"عبود" كما يطلق عليه في شوارع وأزقة البلدة القديمة في نابلس، ليس الشهيد ولا الأسير الأول بل سبقه العشرات والمئات من مقاومي الشعب الفلسطيني، الذين تلاقهم مطرقة الاحتلال الإسرائيلي وسندان السلطة الفلسطينية التي تسعى لعرقلة ومحو كل أشكال المقاومة بالضفة الغربية المحتلة.
حيث تواصل السلطة ملاحقة المقاتلين والمطاردين الفلسطينيين وسجنهم وتعذيبهم، وإفشال كمائنهم وعبواتهم المتفجرة التي يحاولون فيها التصدي لقوات الاحتلال التي تتوغل في كل لحظة لشوارع ومدن ومخيمات الضفة الغربية.
وخلال معركة "طوفان الأقصى" التي يتعرض شعبنا لأكبر إبادة جماعية، زادت السلطة ملاحقة المقاومين واستهدافهم في محاولة لإثبات نفسها للاحتلال الإسرائيلي بأنها قادرة على ضبط إيقاع الضفة الغربية، وعدم تطور المقاومة فيها ليعيش الاحتلال بأفضل أيامه بفضل التنسيق الأمني.
ووفق محللون فإن سلوك السلطة لا يأتي في الإطار السياسي الذي يسعى لتعزيز الصمود أو البقاء الفلسطيني، وهذا الأمر يعتبر محاولات من قبل السلطة للعب في الوقت الضائع في المعلب الخطأ وفي المرحلة الحالية لتثبيت نفسها في المشهد السياسي وهذا غير مقبول من قبل الاحتلال.
وأفادت مصادر صحفية أن أجهزة أمن السلطة أطلقت النار، مساء أمس الاثنين، تجاه مركبة تقل مطاردين للاحتلال في مدينة طوباس في محاولة لاغتيالهم، وعلى إثر ذلك اندلعت اشتباكات مسلحة بين عدد من المقاومين رداً على محاولة اغتيال المطاردين، بينما تجمع عشرات المواطنين في مكان الاستهداف منددين بجريمة السلطة.
وتنشط أجهزة أمن السلطة في جمع المعلومات الأمنية عن عناصر المقاومة وتحركات كل منهم وأي عمليات ينوون تنفيذها بهدف إحباطها أو تسليمها للاحتلال لقتلهم أو اعتقالهم ضمن التنسيق الأمني المستمر منذ اتفاق أوسلو.
سلوك عار
القيادي الفلسطيني عمر عساف، وصف محاولة قوات أمن السلطة، اغتيال مقاومين في الضفة الغربية المحتلة، بأنه "سلوك عار".
وقال عساف، في تصريح خاص بوكالة "شهاب" للأنباء، إنه من العار أن تواصل السلطة سلوك الاعتداء على المقاومين ومن يساندهم بهذا الشكل.
واعتبر أن ما وقع أمس في طوباس شكل ذروة من إحدى الذرى للوصول إلى هذه الحالة من البؤس، بأن يكون هناك مطارد تطارده أجهزة السلطة هو والاحتلال، ويستشهد على أيدي الأخير، وقبل ساعات كانت الأجهزة الأمنية تلاحقه في نابلس.
وأضاف أن الأكثر بؤسا أن هذا يجري في هذه الظروف التي يتعرض فيها شعبنا بغزة لدمار وجرائم متواصلة من الاحتلال الذي يواصل توسيع الاستيطان وتدنيس المقدسات، وأيضا بالتوازي مع تدمير لبنان، مستدركًا: "في المقابل تقوم السلطة بمثل هذا الدور في التعاون والتنسيق الأمني مع الاحتلال".
ويرى أن هذا السلوك يزيد من عزلة السلطة، التي لا يحظى سلوكها بتأييد شعبي، مستطردا: "إذا كانت السلطة تحصل على 5% في استطلاعات الرأي العام، فهي في ظل هذا السلوك وبعده لن تحصل على أي شيء".
واستنكر عساف، استمرار تهرب السلطة من تنفيذ القرارات الصادرة عن الهيئات الفلسطينية في المجلسين المركزي والوطني، بوقف وإلغاء التنسيق الأمني مع الاحتلال.
وأردف قائلا: "السلطة بهذا السلوك تزيد من عزلتها عن الشعب وعن مسار النضال الوطني الفلسطيني، ما يعطي مؤشرا أنها يجب أن ترحل اليوم قبل الغد، هي وأجهزتها".
محاولة لإثبات نفسها
ومن جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق، إن ما تقوم به السلطة في رام الله من خلال ملاحقتها للمقاومين واستهدافهم لا يأتي في الإطار السياسي الذي يسعى لتعزيز الصمود أو البقاء الفلسطيني، مضيفًا أن هذا الأمر يعتبر محاولات من قبل السلطة للعب في الوقت الضائع في المعلب الخطأ وفي المرحلة الحالية.
وأكد القيق خلال تصريح خاص لوكالة "شهاب" للأنباء، أن السلطة تلعب في الوقت الضائع في المسار السياسي للقضية الفلسطينية، مضيفًا أن "الإسرائيلي" لا يريد للفلسطينيين دولة.
وأضاف أن السلطة تقوم بكل شيء في الضفة لمحاولة تثبيت نفسها في المشهد السياسي وهذا غير مقبول من قبل الاحتلال.
وشدد القيق أن صلاحية السلطة في رام الله انتهت بالنسبة للإسرائيلي، مبينًا أن هذا الأمر واضح بشكل كبير خلال الفترة الماضية.
منع حقِّ تقرير المصير
كما قال مدير مجموعة محامون من أجل العدالة الحقوقي مهند كراجة، إن السلطة في رام الله تضع مانعًا وتحاول محاربة حق تقرير المصير الذي يسعى له الشباب الفلسطيني في الضفة، مضيفًا أن حق تقرير المصير للفلسطيني كفلته المحافل الدولية وكفله العالم.
وأكد كراجة خلال تصريح خاص لوكالة "شهاب" للأنباء، أن السلطة تمارس قمعها وهيمنتها وتمارس منهجية الملاحقة خلال الفترة الأخيرة لمن يحارب الاحتلال من أجل تقرير المصير، موضحًا أن السلطة تحارب المقاومين وتلاحقهم وهي بالتالي تخالف الحق في تقرير المصير التي كفلته المحافل الدولية.
وأضاف أن السلطة تستهدف النشطاء السياسيين وتلاحق المقاومين وتقمع الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والأسرى المحررين، مشيرًا إلى أن السلطة لا تتوقف عن نهجها المخالف للشعب الفلسطيني.
وأوضح الحقوقي كراجة، أن الخطير في الأمر أن السلطة تمارس نهج التعسف بحق من يمارسون حق تقرير المصير من خلال إطلاق النار عليهم واستشهاد بعضهم وإصابة بعضهم على يد أفراد أجهزة السلطة.
وطالب كراجة السلطة بالتوقف عن ممارساتها بحق الأحرار في الضفة تحديدًا في ظل الحرب المتواصلة على الفلسطيني. ودعا السلطة لإعطاء الفلسطيني المساحة الكاملة ليمارس حقوقه التي منحتها له الشرعية الدولية.
خدمة مجانية للاحتلال
ومن جانبها، قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن "استمرار ملاحقة أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية، للمقاومين ومصادرة أسلحتهم وكشف عبواتهم، وإطلاق النار عليهم ومحاولة اعتقالهم، هي ممارسات مدانة ومستنكرة، وخارجة عن كل الأعراف والقيم الوطنية".
وأكدت، أن هذه الممارسات اللاوطنية تتعارض مع مهام الأجهزة الأمنية في حماية شعبنا والدفاع عن المواطنين في مواجهة إجرام الاحتلال الذي يسفك الدماء في الضفة وغزة، لا سيّما في ظل معركة طوفان الأقصى المجيدة.
ودعت حماس قيادة السلطة لكف يد أجهزتها الأمنية عن مقاومينا الأبطال في الضفة الغربية، ووقف تغولها على شعبنا الذي يمارس حقه الطبيعي في مواجهة الاحتلال، فشعبنا الفلسطيني الذي يعاني ويلات الاحتلال واعتداءات مستوطنيه، ويتطلع للحرية والاستقلال، في أمسّ الحاجة لسلطة تحميه وتدعم خياره في المقاومة، لا سلطة تقمعه خدمة للاحتلال وقطعان مستوطنيه.
كما قالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إن اقتحام الأجهزة الأمنية للسلطة لأحياء بعض المدن في الضفة الغربية المحتلة، وملاحقة واعتقال المقاومين الفلسطينيين كما جرى في البلدة القديمة في نابلس اليوم وفي طوباس بالأمس، وقبلها في العديد من مخيمات شمال الضفة وخاصة في مخيمات نور شمس وجنين وطولكرم وتفكيك العبوات الناسفة في ظل حرب الإبادة التي يتعرض لها شعبنا في الضفة كما في غزة، يقدم خدمة مجانية للاحتلال بدلاً من أن تشكل هذه الأجهزة درعاً واقياً للمقاومة والمقاومين وتدافع عن حاضنتها الشعبية.
وأضافت الجبهة، أن استمرار هكذا ممارسات واعتداءات للأجهزة الأمنية من شأنه أن يكرس النظرة الشعبية لها باعتبارها أجهزة ذات وظيفة مشبوهة ولا تنتمي لشعبها، كما أنها ترسل رسالة مفادها: (أن كل الحديث عن استعادة الوحدة الوطنية التي رسم طريقها اتفاق وإعلان بكين الذي حسم واحداً من أهم المواضيع الخلافية المتعلق بحق شعبنا في ممارسة كافة أشكال النضال، إنما هو ذر للرماد في العيون ويفتقر للجدية من القيادة السياسية للسلطة التي تأتمر هذه الأجهزة بها).
وصباح اليوم، أبلغت الهيئة العامة للشؤون المدنية وزارة الصحة باستشهاد المطارد عبد الحكيم مأمون عبد الحميد شاهين (33 عاماً) بعد اعتقاله مصابًا بجروحٍ خطيرة خلال اشتباكٍ مسلح مع الاحتلال في نابلس. ويُذكر أنّ الشهيد شاهين، اشتبك مع قوات الاحتلال المُقتحمة للبلدة القديمة في نابلس، قبل إصابته واعتقاله.
وأكدت مصدر صحفية، أنّ إصابة شاهين واعتقاله جاء بعد ساعات فقط من محاولة الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقاله.