تقرير/ شهاب
يستمر مسلسل التنسيق الأمني بين أجهزة السلطة والاحتلال الإسرائيلي دون انقطاع، رغم الظروف المأساوية التي تعصف بالحالة الفلسطينية، لا سيما في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة منذ أكثر من 15 شهرًا.
اعتقالات للمقاومين، ملاحقات لا تتوقف، وحصار مشدد على مخيم جنين، إلى جانب اشتباكات متواصلة مع عناصر المقاومة بحجة أنهم "خارجون عن القانون". السلطة تصرّ على خدمة أجندة الاحتلال وإظهار ولائها بشكل واضح.
في محيط مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، تصعّد أجهزة أمن السلطة حملتها ضد المقاومين، رافضةً مبادرات الحل المطروحة، ومتمسكةً بشرط خروج المقاتلين من المخيم أو تسليم أسلحتهم.
وقد أبدت "إسرائيل" دهشتها من الإصرار الذي أظهرته أجهزة أمن السلطة في جنين. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله: "عملية جنين قد تكون نقطة تحول إذا نجحت، مما سيسمح باقتلاع المسلحين في أجزاء أخرى من الضفة الغربية".
تكليف من الاحتلال
القيادي الفلسطيني عمر عساف أكد أن هناك أطرافًا في السلطة ما زالت تقبل بالدور الذي يرسمه الاحتلال لها في الضفة الغربية المحتلة. وأشار إلى أن التنسيق الأمني يتم بشكل واضح ومكشوف.
وأوضح عساف أن بعض أوساط السلطة في رام الله ما زالت مستعدة لأداء الدور الوظيفي الذي يطلبه الاحتلال، عبر ملاحقة المقاومين واعتقال كل من يخالف نهجها، مشددًا على أن ما يحدث في جنين مرفوض ومستهجن.
وأضاف: "الاحتلال يسعى لإيصال رسالة للسلطة مفادها أن وظيفتها أمنية فقط". مشيرا إلى أن هذه الوظيفة الأمنية يجب أن تُرفض تمامًا، لكن الواقع يشير إلى العكس.
وتساءل عساف: "ماذا يعني أن تقوم عناصر أمن السلطة بتفكيك العبوات؟ ماذا يعني ملاحقة المقاومين واعتقالهم؟ ماذا يعني حصار جنين واشتباك السلطة مع المقاومين؟".
وأكد أن هذه الممارسات تشير بوضوح إلى وجود من يقبل أداء الدور الذي كان يقوم به جيش لبنان الجنوبي سابقًا في جنوب لبنان.
عباس معادٍ للمقاومة
الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة أكد أن رئيس السلطة محمود عباس، بتخليه عن سلاح الثورة واستمراره في التعاون الأمني مع "إسرائيل"، يتحمل المسؤولية عن دماء جنين وغزة.
وأوضح أبو شمالة، في تدوينة نشرها عبر حسابه على موقع فيسبوك، أن شعبية عباس لا تتجاوز 15% بسبب سياساته المعادية للمقاومة، مؤكدًا أن عباس يعادي المقاومة من أجل خدمة مصالحه ومصالح الاحتلال.
وأضاف أن واجب المقاومة الوطني هو فضح سياسات عباس ومحاكمته بتهمة الخيانة العظمى وفقًا لقانون القضاء الثوري الفلسطيني لعام 1979.
لا ثقة بالسلطة
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي حسين لقرع إن رفض "إسرائيل" تزويد السلطة الفلسطينية بالأسلحة، رغم استمرار التعاون الأمني، يُظهر عدم ثقة الاحتلال بها وعدم رغبته في منحها دورًا في غزة.
وبيّن لقرع أن هذا التعاون الأمني طويل الأمد أدى إلى قمع المقاومة في الضفة. وأشار إلى أن من أمثلة عدم ثقة "إسرائيل" بحلفائها المطبّعين هو منع الإمارات من الحصول على طائرات F-35.
وأكد أن الاحتلال لا يثق بأحد، سواء كانوا عملاء صريحين أم مهادنين.
أما الكاتب السياسي ماهر أبو طير، فأكد أن ادعاء السلطة في رام الله بأنها تحمي الضفة من سيناريو غزة عبر معالجاتها الأمنية غير منطقي، موضحًا أن ما تقوم به السلطة في جنين يخدم مصالحها فقط.
وأوضح أبو طير، في تدوينة له، أن هذه الممارسات، بما في ذلك ملاحقة المقاومة وقطع الخدمات، تتزامن مع جرائم الاحتلال، مما يجعل الطرفين يستهدفان المقاومين.
وأضاف: "تسليم السلطة فلسطينيين لإسرائيل يعكس استمرار التعاون الأمني رغم مذابح غزة"، مشددًا على أن الاحتلال لا يحتاج لمبررات للاستمرار في احتلال الضفة.
وأشار إلى أن مخططات الاحتلال في الضفة مستمرة بغض النظر عن الوضع الأمني القائم.