يتفق كل من جرب الاضراب أو عايش السجون على أن ما حصل مع الشيخ الشهيد خضر عدنان هو عملية قتل متعمد، وليس مجرد إهمال طبي، أو حدث خارج عن الارادة .
فقد تكررت الإضرابات الفردية في السجون ربما مئات المرات ، منها عشرات المرات زادت مدتها عن (86) يوما أي مدة إضراب الشيخ الشهيد، وقد تعلم الاحتلال جيداً من خلال هذه التجارب كيف يتعامل مع جسد المضرب، وكم يصمد المضرب دون طعام، وكم يستطيع دون ماء ، ومتى يدخل مرحلة الخطر، وكيف يمكن أن تخدمه المدعمات. إن تناولها .. هذا أولاً..
أما ثانياً فمن خلال كل ماسبق من مرات فإن الاسير عندما يبلغ مرحلة الخطر، فإنهم يتعاملون معه بطريقة خاصة - ولا يسمحون له بأن يموت - ليس حرصاً عليه ، بل حذراً من نتائج ذلك، وبالتالي يعطونه الإبر المغذية أو المدعمات أو العلاجات التي تبقيه حيا ، حتى لو تضرر أجزاء من جسده .
لكن الذي حصل مع الشيخ خضر شئ آخر، فقد بات واضحاً أنهم لم يقدموا له كل ذلك، وأنهم تركوه عمداً ليموت ، فلم يعطوه ما يحفظ به حياته ويقيه الموت ... وتذرعوا بأنه كان وحيداً في زنزانته، وأن صحته تدهورت دون أن ينتبه لذلك أحد ، ولأن رجلاً له ثلاثه أشهر لم يأكل فيها شيئاً يمكن أن يترك وحيداً .. فماذا أرادوا من ذلك..
١. بعد الجولة المظفرة التي خاضها الاسرى تحت شعار (بركان الحرية أو الشهادة) ، والتي تمكنوا من خلالها كسر موقف بن غفير، واضطروه للتراجع عن إجراءاته، والرضوخ لشروط الأسرى ، والغاء العقوبات التي فرضت عليهم . كان لا بد لهذا المتطرف وهذه المنظومة من هجمة ارتدادية يصيب بها الاسرى، ويؤذيهم بذات السلاح الذي استخدموه " الإضراب " لذلك وجدنا أن بن غفير كان حاضراً على تفاصيل إضراب خضر عدنان ، ودعى مصلحة السجون الصهيونية إلى التصرف بحزم مع أي ردة فعل يقوم بها الاسرى.
٢. الرسالة الثانية والأهم التي أراد العدو إيصالها : أن يلقن من هم خلف الشيخ خضر من الأسرى درساً ، ويوصل لهم رسالة قطعية الدلالة أن الإضراب لن يجدي ، وأنه لا يمانع بأن يموت الأسرى في إضرابهم ، وأنه لا يخشى من نتائج ذلك.
وكانت بلاغة الرسالة - من وجهة نظره- في الشخص الذي ستصل الرسالة من خلاله، وهو الشيخ خضر فالشيخ رمز الإضرابات الفردية على وجه الخصوص .. والشيخ معروف بعزيمته وصلابته وإرادته التي لا تلين فقذ خاض الإضراب مرات ومرات، انتصر فيها مرة تلو الاخرى، وبالتالي أن "يكسر" هذا الرمز يعني أن عنوان هذا الشكل من المقاومة تحت هزيمته فما بالكم بمن خلفه..
أرى أن هذا ما أراد العدو قوله ، ومرة أخرى أقول مع ما شاهدناه وعايشناه وخضناه من إضرابات ، ومع التقدم الطبي الذي يتوفر لدى الاحتلال لا يمكن للشيخ خضر إلا أن يكون قد ترك ليستشهد - كما يقولون: مع سبق الاصرار..
في الجزء الثاني سنتحدث عن : هل نجح الاحتلال في رسائله ؟
وماذا بعد؟!
رحم الله شهيد الكرامة..