محمد صبحة

الانتخابات الطلابية.. دروس ودلالات

بالأمس جرت انتخابات مجلس الطلبة في جامعة بير زيت، هذه الجامعة التي أرى أنها رمز لحرية التعبير والعمل النقابي التشاركي. فقد تميزت هذه الجامعة بادارتها التي نجحت بنسبة كبيرة ان تكون على الحياد، وأن تحفظ حق الطالب الانتخابي ونشاطه اللامنهجي. وكانت النتيجة كما يعلم الجميع فوز الكتلة الاسلامية.

قبل أيام قليلة كانت الانتخابات الطلابية في جامعة النجاح، كبرى جامعات الوطن، ومن أكثرها أهمية. وكانت النتيجة ايضا فوز الكتلة الاسلامية رغم ان هذه الجامعة العريقة تتعرض منذ زمن طويل لأشكال من العسكرة.

وقبل ذلك جرت الانتخابات الطلابية في الخليل وبيت لحم وفازت فيها حركة الشبيبة، وربما لم تحظ بذات الاهتمام الاعلامي، لتميز جامعتي النجاح وبير زيت في الحجم والأهمية والتركيز الاعلامي.

لا شك ان انتخابات الجامعات لها دلالات ومؤشرات، وان كنت لا أحب المبالغة في الأمر لدرجة اعتباره انتصار حاسم، ومعركة مصير،

وبدء عهد جديد ... وكل هذه التعبيرات القطعية، لكن لا بد من تسجيل جملة ملاحظات، من وحي التجربة الذاتية السابقة، ومن المشاهدة والمتابعة الاعلامية الحالية:

اولا / النتائج في كل مرة تؤكد ان لا أحد بإمكانه ان يلغي الآخر. لا هذا الطرف الذي يقمع ويضيق، ولا ذاك الطرف الذي يدعي الحق الصوابية.

الكل موجود ولو لم يرغب البعض. بل والكل شريك في هذا الوطن، الأمر الذي يستدعي البحث في كيفية التجميع والتوافق، لا بكيفية الاقصاء والالغاء.

ثانيا / مشاركة الطلبة بشكل فاعل في الانتخاب واقبالهم على حضور المناظرة والنسبة العالية من التصويت تشير إلى تعطش الطالب للسلوك الانتخابي، والايمان بضرورة ان يختار المرء من يمثله.

عندما تقررت انتخابات المجلس التشريعي التي تم الغاؤها شاركت فيها 36 قائمة وهو مؤشر على هذا التعطش، والرغبة الجامحة بأن يشارك الكل في صناعة القرار الفلسطيني عبر الوسائل الديمقراطية. فالعملية الانتخابية في فلسطين للأسف موسمية، ورائع إلغائها متوفرة، ولعل أسهلها التذرع بالاحتلال.

ثالثا / المناظرات الطلابية مؤشر لما يحب ان يسمعه الطالب بل والشارع، ودليل على مؤشر الاهتمام ووجهة التركيز. فتركيز الشباب المناظرون والكتل الطلابية من خلفهم على معاني كبيرة كالمقاومة، ونقد التنسيق الأمني، وعلى الاسرى والشهداء، وعلى التجاوزات في حقوق الإنسان والحريات، مؤشر على ادراكهم ان هذا ما يؤثر في الناخب اكثر مما يؤثر فيه الحديث عن معرض قرطاسية وما شابه، مع اهمية الانشطة النقابية. فشارعنا الفلسطيني مسيس بنسبة شبه مطلقة، والقضية الكبرى بكل ابعادها حاضرة في ذهنه ووعيه، يعيش همومها وآلامها وتطلعاتها

رابعا / قد يرى البعض اسفافا في بعض تعبيرات واساليب المناظرة، وهذا صحيح احيانا، فشريحة الشباب أكثر حماسا واندفاعا، كما ان تكرار انقطاع العملية الانتخابية تجعل من الطلبة اقل خبرة، ثم ان الأحداث التي تجري وخاصة في القمع الداخلي من اعتقال سياسي وغيره يجعل المواقف حادة تجاهها، ويجعل من تعرض للأذى أكثر تحاملا. إنما الأمر ليس على اطلاقه، فالحماسة والاندفاع والحرارة والحرقة... أمورا ليست سلبية كلها. فانتظام العملية الانتخابية، ومشاركة الجميع فيها، وإعطاؤها قدرا عاليا من الحرية، مع توجيه إيجابي من التنظيمات ومن الحاضنة المجتمعية يهذب ويشذب، ويقلل من السلبيات التي لن تنتهي، ويعزز الثقافة الانتخابية السليمة.

حمى الله شبابنا.. وجامعاتنا.. منارات لهذا الوطن

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة