الحرم الابراهيمي هو المسجد الثاني في فلسطين من حيث رمزيته. ارتبط اسمه بأبينا إبراهيم أبو الأنبياء و"أول المسلمين" كما وصف نفسه في كتاب الله. واليهود كذلك ينظرون له بقداسة عالية، ولذلك كان استهدافه مبكراً، ومتكرراً، لكنهم نجحوا فيه فيما لا زالوا يحاولونه في المسجد الأقصى. فقد نجحوا فى تقسيمه زمانياً ومكانياً منذ عقود.
لقد كانت مجزرة الحرم الابراهيمي في 1994/2/25 مدخلاً لهذا التقسيم، فعوقبت الصُحبة وكوفئ القاتل.. ومنذ ذلك الحين والحرم الابراهيمي يعاني إجراءات الاحتلال، من تضييق وقضم وتركيب بوابات الكترونية ومنع أذان وممارسات عنصرية متكررة لكنها لم تلاقي من كل طرف إلا الصمت..
في الاسابيع الأخيرة هبت الجماهير والمقاومة والساحات نصرة للمسجد الأقصى، تأثراً بالمشاهد التي نقلها الإعلام التي حملت صور جنود الاحتلال وهم ينكلون بالمصلين والمعتكفين والمرابطين.. لكن المشاهد التي شاهدناها بعد ذلك في الحرم الابراهيمي أشد مرارة وقسوة وألماً والحرم لا بواكي له.
رأينا ذلك الصهيوني وهو يصور أرجاء المسجد من الداخل، وقد أخلي من المصلين المسلمين، ورفع سجاده ومصاحفه، وامتلأ بالمصلين اليهود، وهو يُعرّف - ذاك الصهيوني - بالأماكن والزوايا على انها أماكن دينية يهودية مقدسة.
رأينا المتطرف (بن غفير) مع حشد من كبار المتطرفين، وهم يرقصون في القاعة الرئيسية للحرم برقصاتهم التلمودية..
رأينا أعلام الكيان الاسرائيلي وهي مرفوعة بكثافة على مبنى الحرم من جميع جهاته، ترفرف دون حياء، وكأنه مبنى حكومي أو معسكر
احتلالي...
رأينا ألعاباً نارية تنطلق من على الحرم ومن باحاته احتفالاً. بأعياد صهيون، فلأسماءه أضواء، وأرجاءه أصوات، وعلى جدرانه زينة وإنارات..
رأينا ورأينا ورأينا..
كل هذا تراه الأعين وقد غضت طرفها، وتسمعه الآذان وقد أغلقت مسامعها.. فتتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول على نسقه..
ولكن الحرم الإبراهيمي لا بواكي له ...!!