تقرير ماذا يحدث في "مسلخ" أريحا التابع لأجهزة أمن السلطة؟

الضفة الغربية – وسام البردويل

تواصل أجهزة السلطة سياسة القمع والاعتقالات الممنهجة على الخلفية السياسية والأمنية وخاصة الفلسطينيين المطلوبين لأجهزة الأمن الإسرائيلية لتنفيذهم عمليات ضد أهداف إسرائيلية أو غيرها، بالتزامن مع حملة الاحتلال المتواصلة واليومية في الضفة الغربية التي يعتقل خلالها عشرات المواطنين.

ويصل عدد المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية إلى 72 معتقلا يقبعون في سجون السلطة في مختلف محافظات الضفة ومن أبرزها، سجن أريحا الذي يعتبر من أسوء سجون السلطة بحسب شهادة معتقلين سابقين.

ويقع سجن أريحا في مدينة أريحا، والذي تعرض للاقتحام من قبل القوات الصهيونية في 16/4/ 2006 لاعتقال أمين عام الجبهة الشعبية احمد سعدات على خلفية قتل وزير السياحة الصهيوني "رحبعام زئيفي".

ويُنقل إلى السجن المعتقلين السياسيين وغيرهم الذين تصنفهم السلطة بحسب تقديراتها أو تقديرات الاحتلال "شديدي الخطورة"، ونظراً للسرية غير الطبيعية التي تفرضها إدارة سجن أريحا عليه، فلا يمكن تحديد عدد نزلائه على وجه الدقة.

من جانبه، تحدث كنعان مصطفى سعيد شتات لوكالة شهاب قصة اعتقاله من قبل أجهزة السلطة وما يدور من انتهاكات داخل السجن أريحا أريحا.

غير قانوني

وقال شتات "إنه بتاريخ 17-8-2013 , كنت في بيتي الواقع في بلدة بديا، وهو محاط بسور ارتفاعه مترين من كل الجهات وعند السادسة مساء قبيل المغرب تفاجأت بثلاثة أشخاص وهم يعتلون سور المنزل من الجهة الغربية وكانوا بلبس مدني ولم يدخلوا من بوابة المنزل من الجهة الشمالية ودون استئذان ودون مراعاة لحرمة المنزل ودون أن يعرّفوا عن أنفسهم ودون أن يبرزوا بطاقاتهم العسكرية".

وأضاف لم يكن بحوزتهم مذكرة توقيف قانونية ولم يكن معهم أي تبليغ لمراجعة مخابرات سلفيت ولم يبرزوا أي شيء حيث اعتلوا سور البيت في الجهة الغربية كما ذكرنا وقاموا باعتقالي من داخل منزلي عنوة وبقسوة، وكانوا يجرّوني جراً.

وتابع" وأثناء اعتقالي كانوا يشتمونني مثل: يا كلب ويا حيوان وغير ذلك من الألفاظ القاسية واقتادوني إلى مخابرات سلفيت وتعرفت بعدها عليهم وهم نضال واصف عبد المجيد علي احمد من بلدة كفل حارس يعمل لدى جهاز المخابرات بسلفيت وسلام حسن محمد بكر من قرية قيري قضاء سلفيت ويعمل لدى مخابرات سلفيت وعسكري ثالث من نابلس يعمل لدى مخابرات سلفيت أعرف أوصافه ولا أعرف اسمه".

وعند وصول شتات إلى مقر مخابرات سلفيت مساءً تم نقله في مساء اليوم التالي إلى مقر مخابرات أريحا مؤكدا أنه عند وصلوه إلى مقر مخابرات سلفيت تم الاعتداء عليّه من قبل أفراد الجهاز ويبلغ عددهم أكثر من خمسة وباشروا بضربه في كل أنحاء جسده ولمدة عشر دقائق تقريباً.

 ونوه شتات أنه عندما وصل إلى مقر مخابرات أريحا قاموا بوضعه في زنزانة طولها متر وعرضها أقل من متر ولا يوجد بها تهوية سوى طاقة في أعلى الزنزانة طولها أقل من عشرين سنتمتر وعرضها عشرة سنتمتر وبدون فرشة أو غطاء أو وسادة على الأرض.

ولفت إلى أن طول فترة الاعتقال وحتى 25-8-2013 بقي ماكث على الأرض، وخلال مكوثه في الزنزانة في مخابرات أريحا تم تعذيبه بأشد أنواع العذاب.

الاعتداء بالضرب

وذكر شتات بعضا من أنواع العذاب التي تعرض لها داخل السجن حيث تم ربطه بحبال في اليدين من الخلف وتم تعليقه من الخلف بشد الحبل إلى أعلى واليدين إلى أعلى وهما من الخلف ولفترات طويلة، أدى ذلك إلى فقدانه الوعي عدة مرات وعندما كان يفقد وعيه كان أحد الحراس يدلو عليه بدلو من الماء وكانوا بعد ذلك يسحبوه في ممرات بين الزنازين جراً وهو معصّب العينين ومقيد اليدين إلى الخلف.

وتابع "ومن أساليب التعذيب أيضاً والتي مورست معي أنه تم إجلاسي على كرسي صغير جدا وبدون ظهر ثم ربط القدمين تحت الكرسي وشد الرأس والظهر إلى أسفل في الجهة المعاكسة، أدى ذلك إلى إصابتي في ظهري وألم حاد جداً وأصبت بالديسك ولا زلت أعاني منه حتى الآن، وخلال فترات تعذيبي كنت أسمع أناس مثلي معتقلين يصرخون ويبكون من شدة التعذيب والألم وفي ذات مرة رأيت أحدهم وبالصدفة حيث تم ربط رجليه بحبل وتم رفعها إلى الأعلى".

وأضاف" كان أحد الحراس يضرب المعتقل على رجليه ببربيش يستخدم لخطوط المياه في البيوت وهذا البربيش سميك وقاسي، ومؤلم جداً، وكان المعتقل يصرخ ويبكي ويستغيث ولا أحد يجيب ولا أحد يرحمه وكلما كان يصرخ كان الضرب يشتد أكثر وعلى أنحاء أخرى من جسده".

الشتائم والتخوين 

وأضح شتات أنه وفي إحدى جلسات التحقيق بتهمة حيازة السلاح ، جاء محقق وعرّف أنه من مخيم الدهيشة وكان ممتلئ الجسم وسمين، أجلسه على كرسي في غرفة التحقيق وأخذ يضربه على رجليه وساقيه بمقدمة حذائه وبشكل متواصل أدي لفقدانه الوعي عدة مرات ونقل على إثرها إلى الخدمات الطبية.

 وبعد ارجاعه للتحقيق مرة أخرى أزال المحقق الغطاء عن عينيه وبقي مقيد اليدين إلى الوراء وهذه الحالة طوال فترة الاعتقال واجلسه على الكرسي مرة أخرى وأخذ يقول "أنت بدّك تموت هون "وأخذ يضربه بقدمه ويديه على كل أنحاء جسده بالإضافة إلى الشتائم، ويقول" يا حيوان يا كلب يا أخو الساقطة" وأخذ يسب على زوجته وأبنائه وأبيه وأمه وأخواته واتهمه بالجاسوسية.

ورد كنعان شتات على اتهامات المحقق ماذا تجسست؟ فأجابه المحقق "أنا بدي اخليك جاسوس" ومن شدة الضرب وقع شتات عن الكرسي فقام بضربه بقدميه وكان معه حارس آخر وأخذا يضربان بقدميهما في كل انحاء جسمه وعلى رأسه حتى فقد الوعي مرة أخرى وعدت إلى الوعي ونقل إلى مستشفى أريحا.

ونوه إنه داخل التحقيق يتم توجيه تهم كثيرة للمعتقل بخلاف ما وجه إليه أو ما كتب في المحضر ، مثل الانتماء لحماس أو للفصائل ، أو المشاركة في فعاليات وغيرها من التهم العارية عن الصحة على حد قوله .

انتحال شخصية

وقال كنعان شتات إنه أدخل المستشفى تحت اسم آخر وأوصى الطبيب بأن يبقى في المستشفى لخطورة حالته حيث كان وضعه الصحي متدهور جدا بالإضافة إلى فقد أكثر من خمسة كيلوغرام خلال أقل من خمسة أيام من شدة التعذيب.

وتابع "بعد أن انتهى الطبيب من معاينتي تم إرجاعي إلى مقر المخابرات في أريحا ووضعوني في الزنزانة نفسها وطلبت فرشة ووسادة وغطاء ولكن لم أحصل على شيء منها ومكثت ف جهاز المخابرات في أريحا حتى أفرج عني".

ولفت أنه خرج من السجن بكفالة من المحكمة في تاريخ 25-8-2013 الساعة 12 مساء في منتصف الليل علماً ان قرار المحكمة بالإفراج عنه تم الساعة العاشرة صباحاً وأخذوا يماطلون في الإفراج عنه حتى منتصف الليل.

مسلخ أريحا

ونوه شتات أن الصليب الأحمر وهيئة حقوق الانسان زاراه في مقر جهاز مخابرات أريحا وشرح لهما كل التفاصيل التي جرت معه داخل السجن.

وأوضح أن الصليب وهيئة حقوق الإنسان أعلموه أن الجهاز رفض في بداية الأمر أن يزوروه وقالوا لهم إنه ليس عندهم وبعد إلحاح منهم وإصرارهم على زيارتي ومشاهدة وضعي الصحي في ذلك الوقت تمت زيارتي، واطلعوا على وضعي الصحي المتدهور والمزرى جراء التعذيب الوحشي والهمجي.

ووصف شتات سجن أريحا بـ "المَسْلَخ " أو مقر الإجرام بحقوق الإنسان لما يدور داخله من انتهاكات لحقوق البشر والمعتقلين.

وتابع "استدعاني مدير الجهاز ويدعى أبو الليث وقال لي أنت بدك تروّح، بس اسألك حدا ضربك أو حدا سب عليك؟ فقلت له كل ما جرى معي كان بعلمك وتوجيهاتك وكل الضرب الذي ضربتموني إياه والشتائم وبعدها تسأل عن ذلك وكأنك لا تعرف شيئاً.

ولفت إلى أنه مدير الجهاز ولا أحد من المحققين أو الحراس يستطيع عمل شيء مع المعتقل دون علم المدير حيث سمعه مرة وهو يقول للمحقق عني إذا بدو يموت خليه يموت مش أول واحد بموت، كسّروه ما بدي يروح ساغ سليم وكان ذلك قبل جلسة تحقيق معي.

وقال شتات "عندما واجهته بذلك قال أنا بحقق مع اللي ضربوك أو شتموك"، مضيفا أنه عند خروجه من جهاز مخابرات أريحا وكان وضعه الصحي كارثي للغاية وما إن وصل للبيت إلا أن أبيه وأمه وزوجته وإخوته كادوا لا يعرفونه فقد تغير حاله وشكله من شدة التعذيب الذي تعرض له.

 يشار إلى أن الكثير من المعتقلين السياسيين يتم تحويلهم من مناطق مختلفة في الضفة إلى مقر اللجنة الأمنية، وهناك يتم التحقيق المركزي معهم، ويتم تعذيبهم دون وجه حق، كان آخرهم اعتقال الصحفيين: سامي الساعي، محرر الأخبار في تلفزيون الفجر الجديد بطولكرم، ومحمد سعيد جهابشة، مقدم البرامج في اذاعة مرح بالخليل.

المصدر : شهاب

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة