التّسمم يزيدها..

تقرير شمال غزة يموت جوعًا.. فمن يلبي نداء المحاصرين الجوعى؟

700 ألف إنسان في مدينة غزة وشمال القطاع بلا طعام ولا شراب ولا دواء ولا حليب للأطفال، ضمن سياسة التجويع التي تفرضها حكومة الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين، وسط تحذيرات شديدة من التداعيات الخطيرة لاتساع رقعة المجاعة هناك.

وبات الأطفال والنساء والشيوخ بلا طعام ولا شراب منذ فترة طويلة، إذ ينتظر عدد منهم في الشمس والحر وسط طوابير طويلة أملًا في الحصول على قليل من الطعام الموزع عليهم من التكيات والجمعيات الخيرية في الشوارع والأزقة.

كما انتشرت مشاهد وصور تظهر أطفالًا هُزلى يعانون من سوء التغذية، في ظل انعدام المواد الأساسية جراء منع الاحتلال دخول المساعدات إلى شمال قطاع غزة.

أوراق الشجر بديلاً

وحذر الناطق باسم المكتب الإعلامي الحكومي في غزة تيسير محيسن من أن المجاعة تقترب بشكل سريع في محافظتي غزة والشمال، مطالبًا المجتمع الدولي بإلزام الاحتلال بفتح المعابر وإدخال المساعدات.

وقال محيسن إن شبح المجاعة "يكبر يوماً بعد يوم"، مما يُنذر بارتفاع أعداد الوفيات بسبب الجوع، خاصة بين أكثر من مليون طفل باتوا تحت التهديد المباشر لسوء التغذية، من بينهم 3500 طفل باتوا أقرب للموت بسبب سوء التغذية وانعدام الغذاء وانعدام المكملات الغذائية وانعدام التطعيمات.

وأضاف أن الأوضاع الإنسانية متدهورة بشكل خطير في محافظات قطاع غزة بسبب "منع إدخال المساعدات والغذاء والدواء كأداة للضغط السياسي".

بينما أكد المكتب الإعلامي أن لا سلع في محافظتي غزة والشمال والناس قد يضطرون إلى أكل أوراق الشجر.

وشدد على أن الاحتلال الإسرائيلي يصرّ على إغلاق المعابر، وعلى عدم إرسال ما يكفي من مواد غذائية ومساعدات إنسانية لسكان غزة، فضلًا عن الاحتياجات الأخرى، سواء أكانت المستلزمات الطبية أو المعدات التي تساعد على إنقاذ الناجين من القصف.

التسمم يزيد الطين بلة

كما أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة رصد حالات تسمم غذائي بين النازحين في مدينة بيت لاهيا شمالي القطاع، بعد تناولهم أغذية منتهية الصلاحية.

وقالت وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 60 نازحاً في مركز إيواء في بيت لاهيا، غالبيتهم من الأطفال، تعرضوا لتسمم غذائي نتيجة تناول أطعمة فاسدة، وتشهد مراكز الإيواء هناك نقصاً حاداً في المواد الأساسية الغذائية في ظل استمرار الحرب التي دخلت شهرها التاسع.

وأرجعت لجنة الطوارئ في وزارة الصحة في غزة سبب تلف الأغذية إلى انتظار شاحنات المساعدات التي تحمل بداخلها معلبات لفترات طويلة تحت أشعة الشمس، ما أدى إلى فسادها.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إن "النازحين يتناولون أغذية معلبة منتهية الصلاحية نتيجة للنقص الشديد في الطعام بالقطاع".

ومن جهتها، ذكرت السيدة سميرة أبو سلطان ما حدث في مركز إيواء "الشيماء" في بيت لاهيا، حيث تعرض أكثر من 60 طفلاً للتسمم، وتقول أبو سلطان إن "ستة من أحفادها عانوا من الإسهال والقيء، قبل أن يُنقلوا إلى مستشفى كمال عدوان".

وقالت إحدى المصابات بالتسمم وردة غبن، "إنها وابنتها أصيبتا بالتسمم بعدما شربتا عصيراً فاسداً، إذ لا يتوفر طعام يسد الجوع هناك".

كما اشتكى أحد الأطفال المصابين أيضاً: "ليس هناك ما نأكله، فلا خضراوات ولا فواكه ولا أي شيء، اضطررنا لشرب العصير لسد جوعنا".

فهل من مُجيب؟

وبعد تعدد أبعاد وأوجه المجاعة، أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا وسم (هاشتاغ) "#شمال _غزة_يموت_جوعًا".

وتفاعل ناشطون من مختلف دول العالم مع الوسم، مطالبين بأوسع حراك لإجبار الاحتلال على وقف عدوانه على القطاع، ووقف استخدام التجويع كسلاح، ونقل معاناة الأهالي وتسليط الضوء على الأوضاع المأساوية التي يعيشها الناس.

وتداول الناشطون مقاطع توثق المجاعة التي يعاني منها أهالي الشمال بسبب الحصار الإسرائيلي، ونشروا صورًا لأطفال قد برزت عظامهم وغارت عيناهم وشحبت وجوههم وتجعد جلودهم وكأنهم هياكل عظمية، بسبب نفاد الغذاء.

ونشر الصحفي أنس الشريف، عبر حسابه الخاص على منصة أكس، مقطعاً يظهر طفلاً رضيعاً قد برزت عظامه بسبب نفاد الغذاء، وعلّق قائلاً "الأطفال بتموت من الجوع، هذا الطفل بجسده الهزيل يشرح المعاناة بتفاصيلها الموجعة والمؤلمة!".

كما ونشر مقطع فيديو يظهر مجموعة من الأطفال ينتظرون خلال طوابير طويلة مطلقين نداء وصرخات في ظل اشتداد المجاعة في شمال قطاع غزة.

وتحت وسم "#شمال_غزة_يموت_جوعًا"، كتبت أسماء جبري: "في الفقه الحنبلي: إذا مات أحدهم جوعًا، فعلى جيرانه دفع الدية، أجاع الله من أجاع أهل غزة، وحرمه ملذات الدنيا والآخرة".

من جهته، نشر المدون أسامة دمور، صورة لأحد أطفال غزة تبدو عليه آثار الجوع، وكتب: "لن أعتذر عن قسوة المشهد، هذه الصورة ملخص لما يحدث، أنقذوا المسلمين في قطاع غزة، وكثفوا النشر لإنقاذ المسلمين في شمال غزة، حيث لا يسمح بوصول أي شيء".

ونشر ناشطون أيضا مقاطع فيديو تظهر وفاة أطفال في شمال غزة بسبب سوء التغذية الناتج عن سياسة التجويع التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي بحق السكان.

هذه المشاهد جميعها وثقتها عدسات المصورين لتفاقم المجاعة في شمال قطاع غزة الذي يتعرض للحصار الخانق من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ عدة أشهر، فهل يتحرك المجتمع الدولي لاجبار الاحتلال على ادخال المساعدات بشكل كافي للقطاع؟.

وكانت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة قد خلصت في وقت سابق إلى أن "إسرائيل" استخدمت التجويع كأسلوب حرب، محذرة من أثر ذلك على سكان غزة على مدى عقود قادمة مع نتائج سلبية خاصة للأطفال، مشددة على أن ذلك يُعد جريمة حرب.

وأبرزت اللجنة في تقرير لها نشر خلال الأيام الماضية أنه في وقت كتابة هذا التقرير، توفي أطفال بسبب سوء التغذية الحاد والجفاف جراء الحصار الذي فرضته "إسرائيل" وحجبت خلاله المساعدات الضرورية، وقطعت إمدادات المياه والغذاء والكهرباء والوقود وغيرها من الإمدادات الأساسية، بما في ذلك المساعدات الإنسانية.
 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة