شهاب - تقرير
في اليوم التالي لمعركة "طوفان الأقصى" شكل حزب الله اللبناني جبهة اسناد قوية لقطاع غزة، أمطر خلالها شمال فلسطين المحتلة بالصواريخ والقذائف يوميًا، ما جعل الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات عنيفة وكبيرة على جنوب لبنان، طوال العام الماضي.
هذه الغارات طالت العديد من قادة الحزب الكبار أبرزهم فؤاد شكر وإبراهيم عقيل والعديد من القادة الميدانيين اللبنانيين ومن فصائل فلسطينية ولبنانية، في محاولة للاحتلال إيقاف جبهة الاسناد القوية لقطاع غزة، الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية على مرأى ومسمع العالم أجمع.
الجبهة القتالية التضامنية والإسنادية التي فتحها حزب الله ضد الاحتلال، عُلّق مصيرها بمصير الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كما أشار لذلك الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في أكثر من خطاب، أما الاحتلال، شكّلت معادلة هذه الجبهة تحدياً "استثنائياً" له.
وخلال الأسابيع الأخيرة بدا الاحتلال يضيق ذرعا من جبهة الشمال فبدأ بسلسلة عمليات كبيرة هدفها جر حزب الله لحرب شاملة، ومن ثم إيقاف جبهة اسناد غزة ونسف وحدة الساحات، لكن الحزب يفهم ما يريده الاحتلال ويحاول امتصاص الضربات، والرد عليها بحكمة واقتدار عالية، بحسب مختصون.
ووفق المختصون، فإن الاحتلال نجح في توجيه ثلاث ضربات مخابراتية تكتيكية قاسية للمقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله، ولكنه فشل في وقف تحكمها في مؤشرات التصعيد واستدراجها إلى الصدام والحرب الشاملة، كما فشل في إحداث انشقاق بين المقاومة وبيئتها الحاضنة.
وأعلن حزب الله عن تنفيذ رد أولي على التفجيرات التي استهدفت أجهزة الاتصالات "البيجر" يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين في لبنان.
وشن جيش الاحتلال غارات واسعة في لبنان، في وقت مبكر من صباح اليوم، بزعم أن حزب الله يعتزم إطلاق صواريخ بشكل واسع على "إسرائيل"، وأعلن أن غاراته اليوم ستكون أوسع وأشد من الغارات التي شنها أمس.
نسف وحدة الساحات
المختص في الشأن الإسرائيلي معاوية موسى، قال إن الاحتلال يهدف من تصعيده المتواصل على الجبهة اللبنانية وخصوصا في الأيام الأخيرة، لنسف معادلة ربط الجبهات بين غزة ولبنان.
وأضاف موسى في تصريح خاص لوكالة "شهاب" للأنباء، إن تكتيك حزب الله في اسناد قطاع غزة وربط الشمال بالجنوب هو فعلياً مشاركة بالحرب ولو كان بوتيرة منخفضة.
وأشار إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية منزعجة وبشدة من هذا الربط، وهذا الانزعاج جعل واشنطن تعطي ضوءاً أخضراً لإسرائيل بتوسيع الهجمات وتكثيفها على لبنان.
وبين أن ما يدور على الجبهة الشمالية هو سير على حافة الهاوية، بين إرادة فصل الجبهات الإسرائيلية، وبين تثبيت تلك المعادلة للوصول إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة.
وتابع:" إسرائيل من خلال تصعيدها الحالي تريد أن توصل رسالة إلى لبنان وحزب الله مفادها أن أمامكم خياران إما حرب شاملة أو وقف اسناد قطاع غزة".
وأوضح موسى أن حزب الله ليس من مصلحته الانجرار وراء الأهداف الإسرائيلية وكسر الخطوط الحمراء، كما أن تراجع حزب الله عن اسناد غزة سيلقي بنتائج سلبية على قطاع غزة والقضية الفلسطينية وكذلك المنطقة العربية برمتها.
ولفت إلى أن إسرائيل تسعى من خلال نسف معادلة ربط الساحات إلى إعادة هندسة الجغرافية والتواجد السكاني للفلسطينيين في الضفة وغزة، بما يخدم الأهداف الإسرائيلية.
أهداف دقيقة
ومن جهته، قال المحلل العسكري يوسف الشرقاوي إن حزب الله اللبناني انتخب أهدافًا عالية القيمة تمثلت بقاعدة ومطار رامات ديفيد ومجمع الصناعات العسكرية لشركة رفائيل شمال حيفا، ونجح في قصفها، ردًا على جريمة تفجير أجهزة الاتصال في لبنان، والتي ارتقى على إثرها عشرات الشهداء ومئات الجرحى.
وأضاف الشرقاوي في تصريح خاص لوكالة "شهاب" للأنباء، أن البعض اعتقد أن حزب الله بعد تلقيه لثلاث ضربات قوية، بأنه غير قادر على الرد، إلا أنه تمكن خلال فترة قصيرة من إعادة ترتيب نفسه، وقاد المبادرة بالرد وقصف أهداف وعد بقصفها من قبل.
وتابع الشرقاوي، تعافي حزب الله بهذه السرعة بعد تلقيه عدة ضربات قوية ومتتالية أمر يحسب له، مشيرًا إلى أن مشاهد الحرائق والدمار الذي أحدثه قصف حزب الله، يشير إلى الدقة العالية في الإصابة.
وعن إمكانية قصف حزب الله لأهداف حساسة أخرى في الكيان الإسرائيلي ردًا على جريمة اغتيال قادة من وحدة الرضوان، قال الشرقاوي إن حزب الله لديه بنك أهداف عالي القيمة، وفي حال بقاء قوة وإدارة النار سلمية لديه فإنه سيحقق أهدافه بقصف هذه الأهداف.
وأوضح الشرقاوي أن الاحتلال زعم قصف آلاف فوهات ومئات مرابض إطلاق الصواريخ، وأوهم جمهوره بأنه قام بعملية تمشيط للجنوب، ولكن غزارة القصف تثبت عكس ذلك، لافتًا إلى أن تصريحات قادة الاحتلال حول تدمير قواعد الصواريخ لحزب الله فيها مبالغة كبيرة.
جبهة الإسناد مستمرة
نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، أكد أن الحزب دخل مرحلة جديدة عنوانها "معركة الحساب المفتوح"، دون تحديد كيفية الرد على العدوان "الإسرائيلي".
وقال قاسم، إن "إسرائيل أرادت باستهدافها قيادة الرضوان شل المقاومة وتحريض حاضنتها عليها، بهدف إيقاف جبهة المساندة لقطاع غزة". مضيفًا أن "الجرائم الثلاث التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي تمثل أعلى درجات التوحش".
وشدد على أن المقاومة منعت الاحتلال "الإسرائيلي" من تحقيق أهدافه في استهداف قيادة قوة الرضوان. مجددًا تأكيده على أن جبهة الإسناد اللبنانية ستبقى مستمرة مهما طال الزمن حتى تنتهي الحرب على غزة.
ونوّه إلى أن التهديدات "الإسرائيلية" لن توقفهم، وأنهم مستعدون لمواجهة كافة التحديات العسكرية.
تل أبيب كسديروت
وأكد مسؤول عسكري "إسرائيلي" سابق، أنه إذا اندلعتْ حربٌ في الشّمال مع حزب الله، فستتحول "تل أبيب" إلى "سديروت" القريبة من قطاع غزة.
وقال القائد السابق لمنظومة الدفاع الجوي "الإسرائيلية" العميد احتياط ران كوخاف، لهيئة البث الرسمية: "إذا اندلعت الحرب في الشمال فستصبح تل أبيب مثل سديروت"، في إشارة إلى المستوطنة المحاذية لشمال قطاع غزة والتي تتعرض منذ بداية الحرب لرشقات صاروخية.
وأضاف كوخاف الذي شغل أيضا منصب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "ليست هناك حاجة لمناورة برية في لبنان لتحقيق ما هو مطلوب".