جريمة حرب مضاعفة

مهران لشهاب: استهداف طواقم الإسعاف والدفاع المدني يمثل تدميرًا للمنظومة الإنسانية وانحدارًا أخلاقيًا إسرائيليًا غير مسبوق

عناصر الدفاع المدني غزة

خاص - شهاب

تمكنت طواقم طبية، اليوم الجمعة، من انتشال جثامين طواقم الإسعاف والدفاع المدني بعد انقطاع الاتصال بهم منذ 8 أيام في رفح.

وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان لها، إن طواقمها برفقة طاقم من أوتشا والصليب الأحمر والدفاع المدني انتشلت في منطقة السلطان في رفح جثامين 14 شهيدًا، من بينهم ثمانية مسعفين من طواقم الهلال الأحمر وخمسة من طواقم الدفاع المدني وموظف يتبع لوكالة الأمم المتحدة.

وأضاف الهلال الأحمر أن المسعف التاسع لا يزال مفقودًا ويعتقد أنه قد يكون تعرض للاعتقال، مشيرًا إلى أنه تم انتشال الجثامين بصعوبة حيث كانت مطمورة في الرمل وبعضها بدأ في التحلل.

من جانبه، وصف الخبير القانوني محمد محمود مهران، استهداف طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني وانتشال جثامين 8 مسعفين و5 من عناصر الدفاع المدني بعد فقدانهم لسبعة أيام بأنه جريمة حرب مضاعفة وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

 وقال مهران في تصريح خاص بوكالة شهاب إن انتشال جثامين مسعفي الهلال الأحمر والدفاع المدني يمثل دليلاً دامغًا على سياسة إسرائيلية ممنهجة لاستهداف الطواقم الطبية والمدنيين المحميين بموجب القانون الدولي، مشيرًا إلى أن هؤلاء المسعفون وطواقم الدفاع المدني كانوا يرتدون شارات واضحة تميزهم كأفراد طبيين محميين، واستهدافهم المتعمد يمثل جريمة حرب صريحة.

وأضاف أن اتفاقية جنيف الأولى تنص في المادة 24 على وجوب احترام وحماية أفراد الخدمات الطبية المكلفين بالبحث عن الجرحى والمرضى وجمعهم ونقلهم ومعالجتهم، كما تؤكد المادة 19 من نفس الاتفاقية على أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال الهجوم على المنشآت الطبية الثابتة والوحدات الطبية المتحركة التابعة للخدمات الطبية.

وأوضح الخبير الدولي أن استهداف المسعفين وعناصر الدفاع المدني يمثل جريمة مزدوجة، موضحًا أنها جريمة حرب لاستهداف أشخاص محميين بشكل خاص بموجب القانون الدولي الإنساني، وثانيًا، تمثل هجومًا على نظام الإسعاف والعلاج الذي يُعد حيويًا لإنقاذ الضحايا المدنيين.

كما أشار إلى أن البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف يؤكد في المادة 12 على وجوب احترام وحماية الوحدات الطبية في جميع الأوقات وعدم جعلها هدفًا لأي هجوم، كما تنص المادة 15 من نفس البروتوكول على وجوب احترام وحماية أفراد الخدمات الطبية المدنيين وتقديم كل مساعدة ممكنة لهم في المناطق التي تتعطل فيها الخدمات الطبية المدنية بسبب القتال.

وقال الدكتور مهران إن منع الوصول إلى الجرحى والموتى يمثل انتهاكًا إضافيًا للقانون الدولي الإنساني، لافتًا إلى أن المادة 15 من اتفاقية جنيف الأولى تلزم أطراف النزاع باتخاذ جميع التدابير الممكنة للبحث عن الجرحى والمرضى والموتى وحمايتهم من السلب وسوء المعاملة، وتأمين الرعاية الكافية لهم.

وبين أن تعمد منع وصول فرق الإنقاذ وانتشال الجثامين يعكس سياسة ممنهجة للتنكيل بالضحايا وذويهم، وهو ما يتعارض أيضًا مع المادة 17 من اتفاقية جنيف الأولى التي تشدد على ضرورة التحقق من هوية المتوفين ودفنهم بطريقة كريمة.

وحول المسؤولية القانونية، أكد مهران أن استهداف المسعفين بشكل متعمد يضع القادة العسكريين والسياسيين الإسرائيليين أمام مسؤولية جنائية فردية وفقًا للمادة 25 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مؤكدًا أن هذه الجرائم موثقة وواضحة ويجب أن تكون جزءًا من التحقيق الجاري من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.

هذا وشدد على أن استهداف المسعفين وأفراد الطواقم الطبية يمثل هجومًا على الإنسانية نفسها، مؤكداً أن هؤلاء الأبطال يخاطرون بحياتهم لإنقاذ الآخرين، واستهدافهم المتعمد يعكس انحدارًا أخلاقيًا وقانونيًا غير مسبوق، مناشدًا المجتمع الدولي التحرك الفوري لوقف هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها.

وأشار إلى أن طمر الجثامين في الرمل وتركها حتى بدأت في التحلل، وإطلاق النار الكثيف على فرق الإسعاف في منطقة الحشاشين برفح، يؤكد أن الأمر ليس حادثًا عرضيًا بل جريمة متعمدة ومنهجية تستهدف تدمير المنظومة الإنسانية بأكملها في غزة.

وفيما يتعلق بالمسعف التاسع الذي يُعتقد أنه تعرض للاعتقال، أوضح مهران أن مصيره المجهول يضيف بُعدًا آخر للجريمة، خاصة في ظل ما وثقته منظمات حقوق الإنسان من تعذيب ممنهج للمعتقلين الفلسطينيين، مشدداً على أن هذه الفظائع المرتكبة ضد أفراد يحملون شارات الحماية الدولية تستوجب تحقيقًا دوليًا عاجلاً ومستقلاً.

المصدر : شهاب

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة