بماذا تشعر كفلسطيني حين تسمع معلق الشئون الخارجية في القناة العبرية الثانية( عراد نير) مساء السبت الماضي يقول: إنه لا يريد أن يرسل أبناءه إلى الجيش الإسرائيلي، كما أنهم هم لا يرغبون بذلك؟! حين سمعت هذا التعليق تذكرت ما قرأته في رواية نهر يستحم في بحيرة ليحيى يخلف حين وصف أكرم المجتمع الإسرائيلي بالجنون لأن الأب تحت السلاح، والجد تحت السلاح، والابن تحت السلاح، والحفيد تحت السلاح ؟! . هذه الدولة بهذا الشكل هي دولة مجانين على حد تعبير الرواية؟! .
اليوم الأمر مختلف ( عراد نير) لا يريد أن يرسل أبناءه للجيش، وهم لا يرغبون في ذلك، ويطلب إجراء استفتاء في ( إسرائيل) حول من يرغب في إرسال أبنائه للجيش؟!". الجيش اليوم ليس هو الجيش؟! ، والدولة ليست هي الدولة؟! في نظرهم . كل شيء في دولة العدو تغير سلبا رغم النماء في القوة العسكرية.
لا يوجد أمل عند الإسرائيلي في الجيش، ولا يوجد عندهم أمل في الدولة، وهنا ينقل (عراد نير) تصريحات (روني دانييل)، منذ نحو شهرين التي قال فيها:" بأنه لم يعد هناك مستقبل لأبنائهم هنا، وإنه يفضل أن يعيشوا خارجها، أي خارج ( إسرائيل) . وقول (دانييل) هذا هو قول واقعي، ولا يبتعد عن الحقيقة.
أين هو المستقبل لشباب في دولة هي على المستوى الداخلي بلا أخلاق، وبلا منطق، ومسكونة بالعنصرية بأشكال مختلفة، دولة يسيطر عليها التطرف والتعصب، ورفض الاستماع للرأي الآخر حتى ولو كان يهوديا؟! إلى درجة أن وصف المستوطنون تصريحات (دانييل ) بأنها وقحة، وأنه لا يمكن استيعابها ؟!
هذا على المستوى الاجتماعي الداخلي، فأين مستقبل هذه الدولة التي تقوم على الاحتلال والغصب، وتحكم شعبا بقوة السلاح والقهر والسجن، وتمنع عنه الحياة الطبيعية؟! لا يوجد فعلا مستقبل لهذا النوع من الدول الاستعمارية، ولو كان هناك مستقبل لمثل هذه الدول لما غربت شمس بريطانيا العظمى وفرنسا وألمانيا.
بالأمس أعربت أسرتا (شاؤول وغولدن ) عن انتقادهما لحكومة نتنياهو ورفضهما للاتفاق مع تركيا، لأن حكومة نتنياهو تجاهلت ابنيهما، ولم تفعل ما يجب لإعادتهما؟! ، وأعربت العائلتان عن قبولهما بتبادل أسرى فلسطينيين أحياء مقابل شاؤول وغولدن سواء أكانا أحياء أم أمواتا؟!
حين تبدأ الدول بالسقوط تبدأ بالتفكك من داخلها، ومجتمع عنصري يقوم على أشكال من العنصرية الدينية، والاجتماعية، والثقافية، هو مجتمع قابل للانهيار والتداعي، وقد تفشل القوة العسكرية والمادية في استبقائه متماسكا، ومتجانسا، لأن عوامل الانهيار الداخلي لا علاقة لها بالعرب، أو بالأخطار الخارجية، التي تنسي المجتمع عادة خلافاته الداخلية.
لقد أصاب ( روني دانييل) كبد الحقيقة والواقع حين أعلن أنه يفضل أن يعيش أبناؤه خارج ( إسرائيل) لأنه لا مستقبل فعلا للشباب داخل هذه الدولة العدوانية. ونحن حين نعيد أقواله ونحللها إنما نزكي بشهادته قناعاتنا بأنه لا مستقبل ( لإسرائيل) في المنطقة، وأنها زائلة حتما، وكلام ( دانييل) هو من باب "وشهد شاهد من أهلها". بل إن وجود حزب ( إسرائيلي ) بعنوان ( هناك مستقبل ) هو قراءة يهودية أنه لا مستقبل . الدول لا تحيا بالقوة العسكرية فقط. والدول لا تبقى بالاحتلال؟! والعنصرية وصفة جيدة للانهيارات الداخلية. الخلاصة: لا مستقبل لمن يحتل بلادنا.