طوفان الأقصى: التقدم المزعوم في رفح نهايته الخسارة الاستراتيجية

خاص- شهاب

منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر وقادة الاحتلال وجيشهم لا زالوا يتخبطون بحثاً عن صورة نصر أو أي إنجاز يتباهون به أمام جمهورهم داخلياً والمجتمع العالمي خارجياً.

فمنذ 8 أشهر يردد قادة الاحتلال شعارات فارغة بمسمى أهداف الحرب المتمثلة في القضاء على حركة حماس عسكرياً وإدارياً واستعادة الأسرى وضمان عدم تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر أو ما أسموه بإزالة التهديد الأمني.

تلك الأهداف وفق الخبراء والمختصون والمتابعون على اختلاف ألوانهم أجمعوا أنها لم تتحقق وأنها أقرب للخيال، في ظل استمرار تصدي المقاومة لقوات الاحتلال واحتفاظها بما لديها من الأسرى رغم حرب الإبادة والعدوان غير المسبوق على قطاع غزة.

                  تقدم مزعوم

وعلى الرغم من الفشل في تحقيق الأهداف، إلا أن نتنياهو يحاول أن يخدع جمهوره ونفسه بأن المهمة تسير بشكل صحيح وأن تحقيق "النصر الحاسم" مرهون باجتياح رفح والقضاء على كتائب القسام وفصائل المقاومة في المدينة.

تلك التصريحات لم تنطلي على الجمهور الاسرائيلي والمختصون والخبراء الذين رأوا في عودة جنود الاحتلال لمناطق سبق الإعلان عن انتهاء المهمة فيها والقضاء على فصائل المقاومة فيها مواجهة شرسة فاقت في بعض المناطق المواجهة الأولى بما يدلل على كذب مزاعم قادة الجيش وما يمليه عليهم نتنياهو.

وعملية رفح الذي أصر نتنياهو أن يخوضها رغم المعارضات الدولية تحت شعار تحقيق "النصر الحاسم" جاءت على عكس ما يتمنى، فمنذ اللحظة الأولى تكبد خسائر كبيرة من المقاومة الفلسطينية التي كانت تعد العدة لتلك اللحظة بما أحرج نتنياهو ودفعه للعناد مرة أخرى واكمال المهمة.

وخلال العملية زعم المتحدثون باسم الجيش والمؤسسة الأمنية أنهم يحققون تقدما برياً في رفح، كما كان الحال في بداية الاجتياح والتباهي بالسيطرة على معبر رفح البري.

ومع مرور الأيام واستمرار العملية، يسعى الاحتلال إلى إعلان السيطرة على محور فيلادلفيا على الحدود مع جمهورية مصر العربية، ما يعني امكانية توتر العلاقات مع القاهرة وتهديد معاهدة السلام بين الطرفين.

                خسارة استراتيجية

عملية رفح كسابقتها من العمليات التي مُني الاحتلال بالفشل فيها، لكن إدعاء التقدم نحو تحقيق النصر الحاسم يخالفه الخبراء والأمنيون الإسرائيليون قبل غيرهم.

وقال المسؤول الأسبق لشعبة شكاوى الجنود في جيش الاحتلال اللواء "إسحق بريك": إن الجيش مارس سياسة الكذب الممنهج عبر إرسال رسائل للجمهور أن كل شيء على ما يرام وأنه الأقوى في المنطقة ليتبدد ذلك سريعًا في السابع من أكتوبر".

وأضاف بريك": الجيش فقد قدرته على تحقيق النصر على حماس في غزة وحتى لو اجتاح رفح فلن يتمكن من البقاء في الميدان".

وأشار إلى أن وزير الجيش وقائد الأركان يجازفان بالعملية في رفح وقد تتطور الأمور إلى قطع العلاقات مع مصر وتحول السلام إلى عنوان فاقد للمحتوى وهو ما يشكل خسارة على المستوى الاستراتيجي.

وأوضح أن تعداد سلاح المشاة لا يسمح للجيش بالبقاء في قطاع غزة بعد أن تم تهميشه خلال السنوات الماضية والتركيز بشكل هائل على سلاح الجو

ونبه بريك إلى أن مقاتلي حماس عادوا إلى كل مكان خرجنا منه في قطاع غزة واستأنفوا إطلاق الصواريخ تجاه الغلاف ما يعني العودة الفعلية إلى ما قبل السابع من أكتوبر وفقدان "إنجازات" الجيش.

وفي ذات السياق، قال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والشخصية الأكثر قربًا من نتنياهو تساحي إن إسرائيل فشلت حتى هذه اللحظة في تحقيق أي من أهداف الحرب، وتوفير الظروف اللازمة لإعادة المختطفين، وإعادة سكان غلاف غزة لمنازلهم"

وأضاف هنغبي أن هذه الأهداف يحتاج تحقيقها إلى سنوات عدة وليس سنة واحدة فقط.

 الصحفي الإسرائيلي آفي يسخاروف يعلق بالقول إن تحقيق النصر المطلق هو أبعد ما يكون عن إسرائيل، في مقابل أنه الأقرب إلى حماس.

ويلفت يسخاروف إلى أن الحرب تقترب من نهايتها دون تحقيق أي من أهداف الجيش الإسرائيلي، ودون رؤية لليوم التالي للحرب والذي سيضمن بقاء الفصائل الفلسطينية في سيطرتها على القطاع.

وفي سياق متصل، نقلت القناة 13 العبرية عن مصدر أمني رفيع قوله: "نقترب من مرحلة ستنفد فيها آليات الضغط على حماس ، إسرائيل أضاعت سيناريوهات كثيرة تضغط فيها على حماس لتحسين شروط الصفقة".

ويقول الخبير الأمني إبراهيم حبيب إن الحرب على غزة أصبحت عبثية وبلا أهداف حقيقية وبلا استراتيجية وفقاً لما ذكره "يورام حيمو" - مسؤول السياسات الأمنية والتخطيط الاستراتيجي بمجلس الأمن القومي الاسرائيلي في كتاب استقالته احتجاجاً على استمرار الحرب بهذه الطريقة العبثية. ويُشاركه في هذا التصور العديد من الجنرالات المُتقاعدين. 

ويضيف حبيب أن العالم بات بحاجة للاجابة على السؤال الأكثر إلحاحاً لهذه الحرب، والمُتمثّل في مدى قدرة "نتنياهو" على الاستمرار في المراوغة والمماطلة لوقف حربه على غزة التي يعلم هو شخصياً أنه لا طائل منها؟

ويعتقد حبيب أن قدرة "نتنياهو" على المراوغة والتمسح بالمصلحة الوطنية العليا للدولة باتت محدودة ولا يمكن أن تستمر كثيرا ورُبما نكون أقرب من أي وقتٍ مضى لانتهاء الحرب الاجرامية على غزة وذلك لعدة أسباب منها عجز الجيش الاسرائيلي في القضاء على حماس أو تقويض حّكمها أو الالتفاف عليها بمشاريع سياسية أفشلها الشعب الفلسطيني .

ويتابع" عدم تمكن الجيش الاسرائيلي من تحرير أسراه لدى المقاومة الفلسطينية بالضغط العسكري واقراره بتراجع الروح المعنوية للجنود وعدم الرغبة في التوجه للقتال في غزة".

ويوضح الخبير الأمني أن "نتنياهو" ربما سيجد نفسه مُضطراً للموافقة على إبرام صفقة تبادل مع حماس وفقاُ لبنود الورقة المصرية القطرية الأمريكية التي سبق أن رفضها وذلك في موعد أقصاه نهاية شهر يونيو القادم، والتي تعني ببساطة بقاء حماس في حكم غزة في كل السياقات المطروحة لليوم التالي للحرب وهو ما باتت الولايات مقتنعة به كما صرح بذلك مستشار الامن القومي الامريكي "جاك سوليفان" في زيارته الاخيرة "لإسرائيل".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة