"الصّعق بالكهرباء والضّرب بالهراوات".. صحيفة أمريكية توثّق تفاصيل "مرعبة" عاشها معتقلو "سديه تيمان" الإسرائيلي

كشف تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، اليوم الخميس، عن صور من الانتهاكات التي تعرّض لها 4000 معتقل فلسطيني ممن احتجزوا في معسكر "سدي تيمان" بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023.

وأوضحت "نيويورك تايمز" إلى أن انتهاكات الاحتلال شملت تهديدًا بإطلاق النار على المعتقلين ما لم يعترفوا بانتمائهم لتنظيمات مسلحة، وضربهم بالهراوات ومنعهم من الاتصال بمحاميهم، وعزلهم عن العالم الخارجي.

واعتمد التحقيق الذي أجرته الصحيفة الأمريكية على مقابلات مع معتقلين سابقين  وضباط وجنود "إسرائيليين" يعملون في معسكر الاعتقال الصحراوي في سدي تيمان.

وذكرت الصحيفة أن مراسلها أجرى زيارة هي الأولى من نوعها إلى قاعدة معتقل "سدي تيمان" وعاين معتقلين فلسطينيين محتجزون وهم مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين، غير قادرين على رؤية الجنود الإسرائيليين الذين يراقبونهم من الجانب الآخر من السياج الشبكي.

وقال معتقلون سابقون إنهم تعرضوا لاعتداءات وللضرب بالهراوات أثناء احتجازهم.

وأكدوا أنهم كانوا مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين ويمنعون من الوقوف أو النوم إلا عندما يُسمح لهم بذلك.

وقال جندي "إسرائيلي" خدم في معسكر الاعتقال إن زملاءه من الجنود كانوا يتفاخرون بانتظام بالاعتداء على المعتقلين الفلسطينيين.

وذكر أن أحد المعتقلين نُقل للعلاج في المستشفى الميداني المؤقت بالموقع بسبب كسر تعرض له أثناء احتجازه، بينما أُخرج آخر لفترة وجيزة بعيداً عن الأنظار وعاد مصاباً بنزيف.

وأفاد الجندي أيضاً بوفاة معتقل آخر في معسكر الاعتقال متأثراً بجروح أصيب بها في صدره، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كانت إصابته قد وقعت قبل أو بعد وصوله إلى المنشأة.

وأكد الضباط "الإسرائيليين" أن المعتقل يضم 4000 معتقل من قطاع غزة، تم إرسال حوالي 70 بالمائة من المعتقلين إلى سجون مخصصة.

وقال محمد الكردي (38 عاماً)، وهو سائق سيارة إسعاف، - أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه كان محتجزاً في سدي تيمان أواخر العام الماضي- : "لم يعرف زملائي ما إذا كنت حياً أم ميتاً". 

وأضاف الكردي: "لقد سُجنت لمدة 32 يوماً حيث تم اعتقالي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد أن حاولت قافلة سيارات الإسعاف التي كنت أقودها المرور عبر نقطة تفتيش عسكرية "إسرائيلية" جنوب مدينة غزة.

وقال 8 معتقلين سابقين، تحدثوا بشكل رسمي لصحيفة نيويورك تايمز، إنهم تعرضوا للضرب والركل والاعتداء بالهراوات وأعقاب البنادق وجهاز كشف المعادن المحمول أثناء احتجازهم.

وقال أحدهم إن ضلوعه كُسرت بعد أن ركل وضرب ببندقية. وقال 7 إنهم أُجبروا على ارتداء الحفاضات فقط أثناء استجوابهم. فيما قال ثلاثة إنهم تعرضوا للصعق بالكهرباء أثناء استجوابهم.

وأفادت نيويورك تايمز بأن معظم هذه الشهادات التي كشف عنها التحقيق أكدتها أيضاً مقابلات أجراها مسؤولون من الأونروا، وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. وأجرت الوكالة مقابلات مع مئات من المعتقلين العائدين الذين أفادوا بوقوع انتهاكات واسعة النطاق في سدي تيمان وغيره من مرافق الاحتجاز الإسرائيلية، بما في ذلك الضرب واستخدام مسبار كهربائي.

ومن بين 4000 معتقل تم احتجازهم في سدي تيمان منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تم توثيق استشهاد 35 معتقلاً إما في موقع الاحتجاز أو بعد نقلهم إلى مستشفيات مدنية قريبة.

وفي الأسابيع الأخيرة، كان معسكر الاعتقال الصحراوي في "سدي تيمان" عرضة للتدقيق المتزايد من وسائل الإعلام، بما في ذلك تقرير لشبكة سي إن إن الأمريكية استشهد به البيت الأبيض لاحقاً، وكذلك من المحكمة العليا الإسرائيلية، التي بدأت الأربعاء الاستماع إلى التماس من جماعات حقوق الإنسان بشأن إغلاقه، حسبما ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية. 

وقال فادي بكر، طالب الحقوق من مدينة غزة، إنه اعتقل في الخامس من يناير/كانون الثاني الماضي على يد جنود إسرائيليين بالقرب من منزل عائلته. وقال بكر (25 عاماً)، الذي نزح بسبب القتال في وقت سابق من الحرب، إنه عاد إلى حيه للبحث عن الدقيق، لكنه وقع وسط تبادل لإطلاق النار وأصيب.

واعتقله جنود الاحتلال وهو ينزف وجردوه من ملابسه، وصادروا هاتفه ومدخراته، وضربوه مراراً وتكراراً واتهموه بأنه ينتمي إلى حركة حماس.

ويتذكر بكر أنه قيل له: "اعترف وإلا سنطلق النار عليك". ليجيبهم بقوله: "أنا مدني"، ولكن دون جدوى.

وقال العديد من المعتقلين، إنه تم الاشتباه في قيامهم بنشاط مسلح لأن الجنود واجهوهم في المناطق التي ادّعى جيش الاحتلال "الإسرائيلي" أنها تؤوي مقاتلي حماس.

وقالت "نيويورك تايمز" إنه خلال الحروب السابقة، بما في ذلك الحرب التي شنها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" على غزة في عام 2014، كانت قاعدة سدي تيمان العسكرية مقراً لاحتجاز أعداد صغيرة من سكان غزة الذين تم أسرهم. والقاعدة هي مركز قيادة ومخزن للمركبات العسكرية، وقد تم اختيارها لأنها قريبة من غزة وتضم موقعاً للشرطة العسكرية، التي تشرف على مرافق الاحتجاز العسكرية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، بدأت "إسرائيل" في استخدام الموقع لاحتجاز الأشخاص الذين تم أسرهم خلال هجوم السابع من أكتوبر، ووضعتهم في حظيرة دبابات فارغة، وفقاً لقادة الموقع.

وقالوا إنه بعدما شنت "إسرائيل" هجوماً برياً على غزة، استقبل معسكر سدي تيمان أعدادًاً كبيرة من الأسرى، ما دفع جيش الاحتلال "الإسرائيلي" إلى إعادة تجهيز ثلاث حظائر أخرى لاحتجازهم وتحويل مكتب للشرطة العسكرية لتوفير مساحة أكبر للاستجواب.

وفي وقت سابق، كشفت صحيفة "هآرتس"، ظروف وفاة فلسطينيين اثنين تم اختطافهما من قطاع غزة تحت التعذيب والاختناق أثناء نقلهما من خانيونس إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتل للتحقيق، وذلك على يد جنود جيش الاحتلال.

وفي التفاصيل، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن تحقيق الشرطة العسكرية يكشف أن الغزيين - ولم تذكر اسمهما- اللذين ماتا أثناء الطريق إلى منشأة الاعتقال في سديه تيمان قد ضربا على أيدي الجنود، وأنهما لم يتضررا بسبب ظروف الطريق القاسية بحسب ادعاء القوة التي كانت تحرسهم. هذا ما قالته مصادر تحدثت مع الصحيفة.

وكشفت الصحيفة أنه تم التحقيق مع عدد من الجنود، لكن لم يتم اعتقال أي واحد منهم، مثلما في الـ33 حالة وفاة أخرى لسكان من القطاع الذين اعتقلوا في الحرب وتم إحضارهم إلى معتقلات الاحتلال.

وبحسب الصحيفة فإن "الاثنين تم اتهامهما بالإرهاب وتم أخذهما وهما حيين في شاحنة وتم تكبيلهما. هذه الشاحنة نقلتهما من خانيونس إلى منشأة الاعتقال قرب بئر السبع. وقد تم العثور عليهما ميتين في نهاية الرحلة".

وأوضحت أن "أدلة تم جمعها في التحقيق تناقضت مع ادعاء جنود الهندسة بحدوث أضرار لهما بسبب الطريق.. بل إنه تم ضرب المعتقلين في كل أنحاء جسديهما، وبحسب الأدلة فإن أحدهما أصيب في رأسه".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة