كشفت أوساط عسكرية في جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، ما اعتبرته صورة "قاتمة" عن وضع الجيش من الداخل، من حيث التدهور الشديد في جاهزيته، في ضوء جملة من القرارات التي اتخذتها قيادته في السنوات الأخيرة، وتسببت بهذا التراجع غير المسبوق في كفاءته التأهيلية، من حيث تراجع كفاءة الجنود، وانخفاض الحافز للخدمة العسكرية بشكل دائم.
الجنرال يتسحاق بريك، قائد الكليات العسكرية الأسبق، قال إنه "وضع يده على أهم القرارات التي خلقت فجوات لا يمكن سدها بين القوات العاملة، ومنها تقصير مدة الخدمة العسكرية ومدة التدريب، ما أسفر عن ضحالة مهنية ونقص عدد الجنود في القوات القتالية ومواقع الدعم القتالي، فضلًا عن انعدام الأمن الوظيفي، عقب طرد الجيش لمعظم الضباط لأسباب إدارية غير مقنعة، ما تسبب بأضرار لا تحصى، وما زالت تتعمق حتى يومنا هذا".
وأضاف في مقال نشره موقع ميدا، أن "الضباط والجنود لم يعودوا مستعدين للخدمة في صفوف الجيش لفترة طويلة، بل قرروا العودة لبيوتهم، وهذا له تداعيات خطيرة في فقدان الحافز، ما يؤدي لتدهور سريع بجاهزية الجيش، بدليل أن المعطيات المالية تفيد بأن وضع الجنود سيئ للغاية، والنتيجة هروب الضباط النوعيين، ما وجه ضربة قاتلة لنوعية الأفراد في الجيش، في حين واصل قادة الجيش الكبار، خاصة غادي آيزنكوت وأفيف كوخافي، رمي التراب في عيون المستوى السياسي والجمهور، من خلال العروض الكاذبة المقدمة لمجلس الوزراء ولجنة الشؤون الخارجية والأمن بالكنيست".
ونقل عن "رئيس شعبة الأفراد السابق إيتمار رايخيل، أنه بحلول 2026 ستفقد القوات الجوية 55٪ من خبرتها المهنية، أي أن الضرر طويل الأمد سيتجلى في أهم مورد وهو القوة البشرية، بمن فيهم ميكانيكيو الطائرات، ومراقبو وحدات التحكم، وفنيي الأنظمة الخاصة، ومخططو المهام، وأعمارهم 35-45 عامًا، ولا يمكن الاستغناء عنهم، وبحلول 2025 سيغادر نصفهم، ويتركون خلفهم عديمي الخبرة، ما يعني وصول سلاح الجو لمستوى من الضعف ونقص في الطاقم لم نشهدها من قبل".
وزعم بريك أن "الظاهرة التي تحدث عنها رايخيل موجودة في جميع الفروع الأخرى للجيش، وليس فقط بسلاح الجو، ما يكشف أن القرارات غير الصحيحة التي اتخذها كبار قادة الجيش أسفرت عن أخطاء وأضرار جسيمة، ما يتسبب في نمو كرة ثلجية في طريقها نحو الهاوية، وهو ما كشفه مدقق حسابات الجيش إيلان هراري، الذي أكد أن الثغرة الرئيسية في العنصر البشري للجيش تمثل ضررًا كبيرًا لجودة القيادة في الجيش، تتمثل بفقدان ثقة الجنود بالجيش، وتصدع إيمانهم بقدرته على الحفاظ عليهم، وعدم اليقين بشأن استمرار خدمتهم، ولذك تراجعت قناعتهم بوجودهم فيها فترة طويلة".
ليست المرة الأولى التي تصدر فيها تحذيرات إسرائيلية عن تراجع قدرات الجيش، وضعف تأهيله، رغم أن العديد من المواجهات العسكرية الأخيرة، خاصة في غزة، كشفت عن هذه الصورة القاتمة أمام المقاومين الفلسطينيين، لاسيما في المواجهات البرية، وجها لوجه، ومن مسافة صفر، في حين أن خوض معارك عسكرية أكبر حجما في جبهات أشدّ قد تكشف عن مزيد من الثغرات القاتلة في "جيش كان لا يقهر" قبل عقود!