أسيرة محررة تروي قهر الأسيرات..

مشاهد الصفقة.. تبرز الفارق الأخلاقي بين المقاومة والمحتل!


غزة /  محمد هنية
انهمك العدو طيلة عام ونصف في تشويه المقاومة ومواقفها الأخلاقية والإنسانية؛ مدعوما ومتسلحا بأضخم الأدوات الإعلامية العالمية التي هدفت وقتها لتسويق رواية العدو؛ في سياق حرب الإبادة التي شنتها دولة الاحتلال مدعومة من دول النيتو.
لحظات قليلة ربما لا تتجاوز بضع دقائق؛ حطمت فيها المقاومة تلك الرواية الممتدة؛ وصنعت من خلالها المقاومة سردية تتوائم مع أخلاقها وقيم شعبها الممتدة في جذور التاريخ؛ لتعلن من خلالها عن الوجه الحقيقي لهذا الشعب؛ وتنسف من خلالها مزاعم التضليل.
مقابل صورة التسليم التي تظهر أسرى الاحتلال وهم في قمة صحتهم الجسدية والنفسية؛ وإقرار الاحتلال أن ظروف احتجازهم كانت في غاية المعاملة الإنسانية؛ باستثناء خوفهم الوحيد من القصف والدمار والاستهداف على يد الاحتلال.
تظهر صورة أخرى لأسرى وأسيرات يعانين الأمرين في سجون الاحتلال؛ وصل حد القتل والتنكيل والتعذيب.
المحررة سماح حجاوي تظهر فوارقا مهمة في التعامل بين الصورتين؛ فبينما تقول إنها كانت في قبر؛ خرجت أسيرات العدو في ابهى صورة تتمناها أي أسيرة.
حجاوي التي اعتقلت فجر السابع من أكتوبر العام الماضي في ثاني اعتقال لها؛ تقول إنّ عملية الاعتقال أساسا لم يخلو من مشاهد التنكيل والتعذيب؛ لتلحقه ظروفا صعبة وقاسية في مكان الاعتقال.
الفارق أن المحررة حجاوي اعتقلت المرة الأولى وأفرج عنها في صفقة يناير الماضي؛ ثم أعاد الاحتلال اعتقالها ليفرج عنها مرة أخرى بفضل صفقة المقاومة.
تروي حجاوي لـ"شهاب"، كان السجن بالنسبة إلي أشبه بحياة إعدام؛ فهو فصلني بالكامل عن اهلي وبيتي واصدقائي وحريتي؛ وسلبني حياتي الأولى التي كنت أعيش بها.
تستعرض حجاوي محطات التنكيل التي نفذتها سلطات الاحتلال بحق الأسيرات؛ بدءا من مصادرة ملابس الأسيرات بشكل مهين؛ وتقديم طعام ضئيل؛ وصل لحد سبعة ملاعق رز للأسيرة الواحدة؛ وتقديم مياه مليئة بالصدأ والكلور؛ وصولا للباس واحد فقط لكل أسيرة.
وأضافت: "عشت في سجن انفرادي كان اشبه بقبر؛ وفترة الفورة لم تكن تتجاوز الربع ساعة؛ وحرموني الصلاة ويفتحون المياه علي".
لا شيء يخبرهم عن عوائلهم سوى زيارة المحامي؛ في عزلة كاملة تمنعهم من معرفة التواصل مع ذويهم؛ كما تقول سماح.
تستحضر سماح تلك التفاصيل بدموعها؛ "لم استطع تجاوز تلك الفترة بسهولة؛ انا لا زلت أشعر بنخزات في قلبي من وجعي في تلك الأيام".
حتى جاءت اللحظة التي نفذت فيها الصفقة الثانية؛ وجرى اطلاقها رفقة زميلاتها الأسيرات: "هي أيام لا تنسى؛ ولحظات من الترقب والفرح؛ حتى وصلنا لعوائلنا بدموعنا وجراحنا وآلامنا".
تعلق على ذلك بالقول: "عندما شاهدت الأسيرات الاسرائيليات؛ أدركت الفارق الأخلاقي الكبير؛ أدركت أنني من الظلم أساسا أن أقارن شعبي بهذا المحتل النازي".
وتضيف: "العالم كله شاهد بعينه مشاهد الافراج عن الأسيرات؛ لكنه يغمض عينيه على آلاف الأسرى الذين غيبتهم السجون في ظروف غير إنسانية".
ثمة مواقف لا تنسى تقول إنها غيرت في مجرى حياتها؛ صنعت منها شخصية مختلفة عن تلك التي صاحبتها طيلة سنوات عمرها؛ وهي تستذكر بالدموع عن آهات المرحلة التي قضتها في سجون الاحتلال.
"ليس سهلا أن تبني حياتك من جديد بعد العدم؛ لكني أحاول"؛ كما تقول سماح.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة