مع بدء الاحتلال "الإسرائيلي" حربه على غزة بالقصف الجوي، كان مجاهدو القسام على أتم الاستعداد والجهوزية وبانتظار أوامر القيادة، في الوقت الذي استمرت فيه مراصد القسام بالعمل على رصد تحركات العدو وتحديدًا على المناطق الحدودية من أجل تحديث المعلومات أولًا بأول.
بتاريخ 20/07/2014، وصلت الأوامر من قيادة القسام بأن العملية ستنفذ عبر النفق المعلوم والمجهز، وكان الاستشهاديون من وحدة النخبة القسامية والذين يبلغ عددهم اثنا عشر مجاهدًا، على جهوزيةٍ تامةٍ، وكانوا يرتدون الزي المشابه لزي جيش العدو وغطاء الرأس، مما صعب على جنود الاحتلال التعرف على المجاهدين إلا بعد أن بدأوا بإطلاق النار.
تم تجهيز المجاهدين بالأسلحة والقنابل اليدوية، بالإضافة لأجهزة اتصال للتواصل فيما بينهم، وتم تزويدهم بالأحزمة الناسفة والعبوات وقذائف التاندم، وبدأ المجاهدون بالنزول إلى النفق بكامل عتادهم، والتقوا بالتكبير والتهليل والدعاء داخل النفق وقد بدت عليهم علامات الفرح والشغف للمواجهة والنيل من أعداء الله وملاقاة ربهم، كان ذلك بعد الإفطار وأداء صلاة العشاء من تلك الليلة.
الهدف (300 جندي)
اتخذ المجاهدون مواقعهم داخل النفق الذي يبلغ طوله 3000 متر، بعد السير لمسافةٍ طويلةٍ والوصول إلى الغرفة الأخيرة فيه والتي تبعد عن العين المقرر الخروج منها (200) متر، واستمر تواصل المجاهدين مع القيادة في داخل النفق بانتظار المعلومات والأوامر، حتى وصلت لهم المعلومات من القيادة بأن هدفهم سيكون قوةً صهيونيةً من وحدة المشاة قوامها (300) جندي تقريبًا، بدأت تتجمع في موقع 16 العسكري.
عند الساعة الثانية فجرًا، أفادت المعلومات بأن القوة الصهيونية من وحدة المشاة، بدأت تتحرك باتجاه النفق الذي يخترق الحدود إلى موقع 16، وبشكلٍ مباشرٍ انقسم المجاهدون لمجموعتين تتكون كل منهما من ستة مجاهدين، بينما تواجد في النفق اثنين من المجاهدين من تخصص الهندسة، مهمتهم تفخيخ عين النفق لتفجيرها عقب العملية حال اكتشافها.
بدء التنفيذ
وصلت الأوامر للمجاهدين من قائد العملية، بالبدء بفتح عين النفق والتنفيذ بعد صلاة الفجر مباشرةً، ومع بزوغ الفجر وفتح العين، بدأت المجموعة الأولى بالخروج على أن تتبعها المجموعة الثانية بربع ساعة تقريبًا، وبالفعل خرجت المجموعة الأولى وأخذت بالتحرك لنصب كمينٍ للقوة الصهيونية ما بين الطريق الثالث والرابع، وبقيت على تواصل مستمر مع المجموعة الثانية والقيادة.
في هذه الأثناء وصلت معلومات للمجاهدين من غرفة العمليات بأن القوة الصهيونية الكبيرة المتقدمة باتجاه النفق قد غيرت مسارها باتجاه آخر، وتوجهت نحو مدينة بيت حانون وأصبح من الصعب التعامل معها، فكان القرار بالانتقال للخطة البديلة وتنفيذ كمينٍ لدورية تسلك هذا الطريق.
القتل من مسافة قريبة
تحرك الجيبان العسكريان من موقع "16" على الطريق الثالث فاتخذ المجاهدون مواقع هجوميةً، وفور وصول الدورية إلى الكمين أوقعوها بين فكي كماشة، فقام مقاتل الدروع في المجموعة الأولى باستهداف الجيب الأول، وبالفعل أصابت القذيفة الهدف بدقة ما أدى إلى تفحمه وقتل من بداخله، وعندها توقف الجيب الثاني وانقض المجاهدون عليه وأجهزوا على من بداخله من مسافةٍ قريبةٍ جداً، وعندها حاول أحد الجنود المصابين فتح باب الجيب والنزول منه، فكان المجاهدون له بالمرصاد وأردوه قتيلاً.
تقدم قائد المجموعة الأولى نحو الجيب وحاول أن يسحب أحد الجنود ولكنه وجدهم جميعاً قد قتلوا، فيما تمركزت المجموعة الثانية في مكانها بهدف إسناد المجموعة الأولى والتعامل مع أي قوة إسناد، وقد تكتم العدو على خسائره واكتفى بالاعتراف بـ 5 قتلى منهم مقدم برتبة (قائد كتيبة).
في هذه الأثناء تحركت قوةٌ عسكريةٌ صهيونية، من قلبة "الباشا" إلى قلبة 16 المسيطرة على مكان العملية، وانتشرت طائرات الاستطلاع في المكان بكثافة، فاشتبكت المجموعة الأولى مع تلك القوة لمدة نصف ساعة، قبل أن يستشهد أفراده.
كان الأمر قد أعطي لأفراد المجموعة بالانسحاب بعد انكشافها لطائرات الاستطلاع، فنجح اثنان من المجاهدين في دخول عين النفق فيما تعرض باقي أفراد المجموعة للقصف ما أدى لاستشهادهم، وهنا أعطيت الأوامر لطاقم الهندسة لتفجير العين بعد اكتشافها حيث كانت مفخخة مسبقاً، وبالفعل تم تفجيرها.
أبطال العملية
وشارك في عملية موقع الـ 16 الإسرائيلي شرق بيت حانون إبان معركة العصف المأكول عام 2014، والتي كشف الاحتلال اليوم عن تفاصيل ومشاهد لأول مرة تظهر بسالة مقاتلي القسام في نصب كمين لقوة إسرائيلية وقتل 4 ضباط ومحاولة أسر أحدهم.
الشهداء الأبطال: سلام المدهون، عبد الرحمن ظاهر، أحمد عبد العزيز، إبراهيم حمدية، بشير ريان، محمد حويلة، محمد العشي، بلال أبو مهادي، خالد منون، صالح حمودة.
وكشف برنامج (عوفداه – الحقيقة) الذي بث على القناة 12 العبرية، الأربعاء 19 أبريل 2023، تفاصيل العملية العسكرية التي نفذتها كتائب القسام خلف خطوط العدو إبان معركة العصف المأكول عام 2014.