قبل أن يقدّم محمود عباس تهنئته للكيان المحتل فاته القول المأثور: "إذا خيّرت بين قبول العنف وقبول الذل، فاختر العنف".
عبّاس هنّأ اليهود المحتلين بِ "رأس السنة العبريّة"، فكان الرد عليه مسبقاً وواضحاً وعلى لسان من وصفته الصحافة العبرية بأنه "الرجل ذو التأثير الواسع" مائير بن شبات (رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق) في لقاءٍ مع القناة السابعة قال : " لقد أدركت دول المنطقة أن مشكلة علاقاتنا مع جيراننا (الفلسطينيين) ليست من طرفنا، فتلك الدول لديها رغبة في ارتقاء شعوبها دون الاعتماد على الفلسطينيين ، وأضاف : دولة إسرائيل بحاجة للدفاع عن نفسها بمفردها، لا ان تكون تحت رحمة التنسيق الأمني"، للتذكير بهذا الثعلب بن شبات لقد تعّهد في يومٍ ما: "بتغيير وجه المنطقة" من العواصم العربية.
إذاً بات واضحاً أن الأقصى المبارك ومحمود عبّاس لن يلتقيا أبداً، المستوطنون المتطرفين يقتحمون باحات الحرم القدسي ويعتدون على أصحابه، وفي ذات اليوم تأتي تهنئة عبّاس للمعتدي بدلاً من نصرة المعتدى عليهم من أصحاب الحق في القدس الإسلامية المباركة.
حجم الأخطار التي تحاصر الأقصى المبارك رصدتها في أخطر التصريحات التي أطلقها بعض حاخامات بني يهود، فالحاخام المتطرف يتسحاق برند (יצחק ברנד) قال: اليوم لم يعد هناك أي خوف من اقتحام (الحرم القدسي) فهي طريق سلكها الأولين من اليهود، والاهتمام بأرض إسرائيل يبدأ من "الهيكل"، والخلاص والنجاة مرتبطة بعودتنا لنصلي عند "الهيكل"، وإن الدفاع عن أرض إسرائيل والهيكل المزعوم يبدأ من (الحرم القدسي).
الحاخام يتسحاق غنزبورغ (יצחק גינזבורג) قال: "سنتلو التوراة في جبل الهيكل وعلى لسان ملك إسرائيل، مثلما حصل معنا في جبل سيناء".
مع كل عام تبدأ فيه الأعياد اليهودية تتصاعد فيه موجات اعتداءات المتطرفين اليهود بكل ألوانهم وأطيافهم، ويعلنوا عن قرب تحقيق حلمهم المزعوم ببناء "الهيكل" والسعي نحو جعل ساحات المسجد الأقصى خاضعة لسيطرتهم الكاملة، لا نغفل هنا عن ذكر التقاء المصالح ببعضها بين المستوطنين والسياسيين، فقادة الساسة يبحثون عن نجاحهم في الانتخابات القادمة، ومن جهة أخرى المستوطنين المتطرفين يظنون أن تحقيق مُرادهم نحو الأقصى بات قوسين أو أدنى.
لا شك أن موسم أعياد اليهود يشكل أهمية دينية مزيّفة ومكذوبة، حيث يزعمون أن أحداثاً هامة تربطهم بها كما يقولون: "ولادة الأمّة اليهودية والتي فيها توحدت، ونفخ البوق الذي يسعى إليه المستوطنون عند الحائط الشرقي للمسجد الأقصى تحديداً عند مقبرة الرحمة يعني الإعلان عن البدء بتحرير المسجد الأقصى من وجهة نظرهم من المسلمين والبدء بتنفيذ طقوس الفداء والتطهير (تدنيس الأقصى) عبر القرابين وغيرها من الطقوس التلمودية والتي تعتبر بالنسبة لهم جزءا أساسياً من بناء الهيكل الثالث المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى.
لا يخفى على أحد تصريحات الصهيونية الدينية العقائدية التي أصبحت اللغة الغالبة في حالة الصراع القائم بين الفلسطيني والمحتل الإسرائيلي مع محاولة السياسيين الإسرائيليين المحافظة قدر الإمكان على تمثيل دورين مختلفين الأوّل – إرضاء المستوطنين المتطرفين والذي يتمثّل بالسماح لهم أن يفعلوا ما يشاؤون من احتلال الارض وبناء المستوطنات والقتل والعربدة جهاراً نهاراً في ساحات الضفة عامة وفي القدس والأقصى خاصّة.
الدور الأخر لدى السياسي المحتل هو اتقانه لدور الضحيّة أمام دول العالم، فحالة التمثيل لدى الكيان المحتل لم تنقطع منذ قيامه، لأنه على الدّوام يخاطب العالم بأنه يعيش تحت "تهديد الإرهاب الفلسطيني" ويتعرّض للظلم، وكلّما ساء وجه الكيان المحتل أمام الآخرين خاطبهم بقوله: "لا يوجد شريك للسلام" وكأنّه صاحب الملكيّة في فلسطين.
لتكن الرسالة لقادة الشعب الفلسطيني بالمبادرة نحو تفعيل ونشر الرواية التاريخية الإسلامية، ولتكن بعثات فلسطين تجوب العالم وتقتحم الجامعات والمؤسسات الرسمية والغير رسميّة في دول العالم لدحض رواية الكيان المحتل.
اليهود عامة يعيشون في خوف دائم ومهووسين بالهلع دون أسباب، ودائمي الاستعداد للملاجئ التي يلجئون إليها عندما يقع الخوف في قلوبهم، ويستخدمون القوة المفرطة في أضعف المواقف التي لا تحتاج إلى القوة.