اعترف الرئيس الأميركي جو بايدن بمشاركة السلاح الأميركي بجرائم ضد المدنيين في حرب الاحتلال "الإسرائيلي" على غزة.
يأتي ذلك الاعتراف خلال إعلان بايدن يوم الأربعاء الماضي، عن وقف تزويد الاحتلال "الإسرائيلي" بقنابل متفجرة، بعد تسببها في مقتل مدنيين في قطاع غزة، خلال الحرب الدامية والمتواصلة منذ 218 يومًا.
وقال بايدن في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن "القنابل التي زودت بها الولايات المتحدة "إسرائيل" - والتي تزن ألفي رطل- توقفت الآن عن إرسالها إليها".
وهدد بايدن "إسرائيل" أنها إذا دخلت رفح، فلن يزودها بالأسلحة المستخدمة تاريخيًا للتعامل مع هذه المشكلة.
ويرى محللون، أن إعلان بايدن عن استعداده لربط الأسلحة الأمريكية بالتصرفات الإسرائيلية يشكل نقطة تحول في الصراع المستمر منذ 7 أشهر بين إسرائيل وحماس. وإن تصريحه بأن القنابل الأمريكية قد استخدمت لقتل المدنيين في غزة يعتبر بمثابة اعتراف صارخ بدور الولايات المتحدة في الحرب.
وأشار بايدن إلى أنه سيواصل تقديم الأسلحة الدفاعية للاحتلال "الإسرائيلي"، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي "القبة الحديدية"، لكنه لن يدعم بالأسلحة والقنابل المتفجرة التي ستُستخدم في العملية العسكرية على رفح.
تعليقات "إسرائيلية"
وأثارت أنباء تعليق شحنات أسلحة وذخائر للاحتلال، غضب بعض المسؤولين "الإسرائيليين"، وأطلقوا اتهامات بحق بايدن، بتقديمه الدعم لحركة حماس وفق زعمهم، رغم دعمه اللامحدود لهم منذ بدء العدوان.
ومن جهته، هاجم ما يُسمى بوزير الأمن القومي المتطرف لدى الاحتلال، إيتمار بن غفير، الرئيس الأمريكي جو بايدن، بعد إعلانه وقف تصدير ذخائر معينة للاحتلال، في حال أقدم على اجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
ونشر بن غفير في حسابه على موقع إكس، عبارة بايدن، وبجانبها رمز قلب حب مع كلمة "حماس"، في إشارة إلى أن بايدن بات يحب حركة حماس بإعلانه حظر تصدير الأسلحة.
وأكد الرئيس السابق للإنتاج والمشتريات الدفاعية لدى الاحتلال، أن "إسرائيل" لن تستطيع التعامل دون أسلحة أمريكية.
وقال موقع أكسيوس الأمريكي، إن مسؤولين في دولة الاحتلال، حذروا نظراءهم الأمريكيين، من أن قرار الرئيس بايدن، تعليق شحنات أسلحة متجهة إلى "تل أبيب"، قد يقوض المفاوضات للوصول إلى صفقة تبادل.
ومن ناحية أخرى، قلل جيش الاحتلال من أهمية تعليق الإدارة الأمريكية لشحنة الأسلحة إلى تل أبيب، في أعقاب عملية عسكرية "إسرائيلية" في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة هذا الأسبوع.
وبحسب ما أوردته وكالة "رويترز"، قال جيش الاحتلال: إن الحليفين يحلان أي خلافات "خلف الأبواب المغلقة".
وعلق المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري بأن التنسيق بين "إسرائيل" والولايات المتحدة وصل "على حد اعتقاده إلى مستوى غير مسبوق".
ويؤكد محللون "إسرائيليون" أنه من الصعب الرهان على موقف الإدارة الأميركية الحالية برئاسة جو بايدن، والذي لا زال يتباهى بصهيونيته وإعطاء الأولوية لـ"إسرائيل" ومصالحها مهما كانت التباينات بين النظامين.
لماذا علّقت واشنطن إرسال القنابل المتفجّرة؟
قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في جلسة استماع بمجلس الشيوخ، يوم الأربعاء، إن الولايات المتحدة تراجع "المساعدة الأمنية على المدى القريب، في ضوء الأحداث الجارية في رفح".
وأضاف أوستن "كنا واضحين جداً... منذ البداية أنه يجب على "إسرائيل" ألا تشن هجوماً كبيراً على رفح دون الأخذ في الاعتبار المدنيين الموجودين في ساحة المعركة وحمايتهم".
ويلوذ أكثر من مليون مدني فلسطيني برفح، وكان كثيرون منهم قد نزحوا في السابق من أجزاء أخرى من غزة، بعد أوامر "إسرائيل" بالإخلاء منها.
وقال مسؤول أميركي، اشترط عدم الكشف عن هويته، إن قرار واشنطن تعليق إرسال شحنة أسلحة إلى "إسرائيل" اتُّخذ بسبب الخوف من "الاستخدام النهائي للقنابل التي تزن ألفي رطل، والأثر الذي قد تسببه في مناطق حضرية كثيفة السكان كما رأينا في أجزاء أخرى من غزة".
وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة راجعت بدقة تسليم الأسلحة التي قد تستخدم في رفح.
وقال مسؤولون أميريكيون إن القرار اتخذ الأسبوع الماضي، وشارك بايدن فيه مباشرة.
يُشار إلى أن القنابل الكبيرة مثل تلك التي تزن 2000 رطل، تأثيرها يمتد لمساحة كبيرة.
وتقول الأمم المتحدة إن "الضغط الناتج عن الانفجار قادر على تمزيق الرئتين، وتفجير تجاويف الجيوب الأنفية، وقطع الأطراف على بعد مئات الأمتار من موقع الانفجار".
ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرًا حول الأسلحة الأمريكية التي استخدمها الاحتلال "الإسرائيلي" في حربه على غزة.
وقالت الصحيفة إنه من المحتمل أن تكون عدة قنابل أمريكية الصنع تزن 2000 رطل قد استُخدمت في غارة نهارية على مخيم جباليا للاجئين المكتظ بالسكان في تشرين الثاني/ نوفمبر، وأدى الهجوم إلى استشهاد أكثر من 110 فلسطينيين.
كما سجّلت مجموعة المراقبة "إنسكيوريتي إنسايت" 839 حادثة عنف ضد العاملين في مجال الرعاية الصحية، أو إعاقة الوصول إلى الرعاية الصحية في غزة منذ بدء الحرب.
وكشف تحقيق آخر أن سيارة إسعاف قد تم استهدافها على ما يبدو بقذيفة مضادة للدبابات أطلقت من دبابة "ميركافا"، وهي مركبة مدرعة قدمت لها الولايات المتحدة الأجزاء والمكونات الرئيسية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه تم ربط الأسلحة الأمريكية بهجمات متعددة على عمال الإغاثة والمنشآت، ومن المرجح أن غارةً "إسرائيلية" في شهر كانون الثاني/ يناير على مجمع سكني يقيم فيه عمال إغاثة دوليون، قد استُخدمت فيها "قنبلة ذكية" أمريكية الصنع تزن 1000 رطل، وذلك وفقا لنتائج تحقيق أجرته عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة.
وخلصت منظمة أطباء بلا حدود وفريق تحقيق مستقل إلى أن دبابة "ميركافا" قد استخدمت أيضًا في هجوم يوم 20 شباط/ فبراير على دار ضيافة لموظفي منظمة أطباء بلا حدود، ما أسفر عن مقتل اثنين من أفراد أسرهم.