كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن قرب قيام إسرائيل بشن حرب قاسية ضد غزة بهدف القضاء على أجنحة المقاومة فيها ,وأنها قد أعدت الأنفاق ونشرت عدد من الجنود في بعض الأماكن لاستغلالهم في تحقيق عنصر المفاجأة وإيقاع أكبر عدد من الخسائر في صفوق المقاومة ومقدراتها لشل قدرتها على العمل ومنعها من استهداف العمق الإسرائيلي ,وما بين مقتنع بهذا السيناريو وبين رافض ومستبعِد تُطرح العديد من الأسئلة أهمها:
1. ماذا عن سلاح الجو وإمكانياتها الهائلة في مجال الإنزال الجوي وأين هي وحدات النخبة ولواء المظليين , وأين هي وحدات الكوماندو البحري ؛ بل أين لواء الكوماندو الذي شكله آيزنكوت عام 2015 لكي يكون رأس الحربة في أي حرب قادمة ؛ فهل يعقل أن تتخلى " إسرائيل" عن إمكانية تحقيق عنصر المفاجأة ثلاثي الأبعاد وتكتفي بتحقيقه من جانب واحد ومحدود الفعالية والتأثير
2. كيف يمكن لجيش يخشى المواجهة فوق الأرض ولا يجرؤ جنوده على الخروج من دباباتهم المتطورة والمزودة بمنظومات الحماية المسماة منظومة معطف الريح أن يخرجوا من الأنفاق ليقاتلوا وجها لوجه , وهل يمكن لجيش يتميز جنوده بالجبن ويتفنن في إيجاد الذرائع للتهرب من الخدمة العسكرية ؛ بل يدفع المال مقابل الحصول على إعفاء من الجيش أن يخوض حربا أو مواجهة حقيقية؛ وهل نسينا عملية زيكيم حينما استعان الجنود المتحصنون داخل دباباتهم بسلاح البحرية للقضاء على المقاومين دون ان يمتلكوا الجرأة للخروج منها للدفاع على أنفسهم
3. كم عدد الأنفاق التي ستحتاجها " إسرائيل" لهذا الغرض وما هو حجمها وعمقها وامتدادها وهل لديها القدرة المالية على تمويل هذه المشاريع الضخمة والمكلفة في ظل الحديث عن عجز الميزانية وتقليص المشتريات العسكرية للضروريات فقط.
4. ماذا عن العائق الأرضي الذي يمتد على مسافة 60 كم ولعمق غير معروف , وكيف تستقيم إقامته مع الادعاء بوجود أنفاق لإسرائيل في غزة
5. هل يمكن للجيش الذي هرب من غزة عام 1994 بعد فشله في القضاء على انتفاضة الحجارة ان يعود إليها بعد أن تعاظمت قوتها واشتد عودها, وهل نسى الدروس القاسية في رفح وعلى مشارف الشجاعية خلال عدوان 2014 والتي لا يزال يعاني من تداعياتها حتى يومنا هذا بسبب بقاء جنوده في قبضة المقاومة.
6. حتى لو افترضنا جدلا أنها تمكنت من القضاء على المقاومة بجميع تسمياتها وتصنيفاتها فمن سيتولى إدارة غزة والسيطرة عليها لضبط الإيقاع ومن سيتحمل مسئولية الفوضى وتداعياتها آنذاك, أم أنها ستتورط في وحل غزة كما تورطت في الوحل اللبناني في ثمانينيات القرن الماضي بعد ان اضطرت لذلك بسبب عدم وجود جهة سيادية قادرة على السيطرة وفرض النظام بسبب الحرب الأهلية وهل يمكن لإسرائيل وقيادتها الحالية والمستقبلية أن تتجاهل الحكمة القائلة (عدو عاقل أفضل مئة مرة من صديق جاهل)
7. أما عن إمكانية وجود جنود في البعض الأماكن فهل من المنطق أن يتغلغل هؤلاء بسهولة داخل مجتمع يقظ وفي ظل الجهود الأمنية المكثفة, كما أن " إسرائيل" لن تخاطر بجنودها بهذه السهولة لان المقاومة ستحرص على عدم فوات الفرصة الثمينة لأسرهم واستغلالهم لتبييض السجون والإفراج عن الأسرى.
الخلاصة:
لقد اكتوت " إسرائيل" بنيران غزة واستخلصت العبر من المواجهات والجولات العسكرية التي خاضتها أمام المقاومة في على مدار السنوات الماضية وباتت على قناعة شبه تامة أن العمل العسكري أمامها فقد فعاليته باعتراف غالبية المحللين والخبراء وهو ما يفسر توصية معهد دراسات الأمن القومي في تقريره السنوي الأخير بالعمل على التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار طويل الأمد والرد بقوة فقط في حال جرها إلى مربع المواجهة