نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في تقرير لها، جانباً من دراسة إسرائيلية موثقة قام بها المؤرخان بني موريس وبنيامين زئيف كيدار، أشارت إلى أن رئيس حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" الأول ديفيد بن غوريون كان قد أمر، خلال معارك النكبة في العام 1948، بتنفيذ عملية سرية لتسميم الآبار في القرى والبلدات الفلسطينية، لمنع عودة أصحاب هذه القرى أو الجيوش العربية إليها، وأنه أوعز بإدارتها لوزير الحرب آنذاك موشيه دايان، وقائد عصابات "البلماح" إيغال ألون، ورئيس الكيان الرابع إفرايم كاتسير، وأخيه أهرون كاتسير وحملت اسم "أرسل خبزك".
ونُشرت الدراسة المذكورة أخيراً في المجلة العلمية "ميدل إيسترن ستاديز"، وتؤكد استخدام قوات الهاغاناه (البلماح) السلاح البيولوجي خلال حرب النكبة، وفقاً للعملية المذكورة، والتي وضعها بن غوريون، وكان قد لمّح إليها في سجل يومياته في الأول من إبريل/نيسان، عندما كتب عن "تطور العلم واستخدامه قريباً، ثم إشارته في كتاب يومياته بعد ذلك بشهر إلى شراء مواد بيولوجية بقيمة ألفي دولار.
وتشير الدراسة إلى محاولات بن غوريون تسميم آبار في بلدات ومدن فلسطينية من عكا في أعالي الجليل، وحتى مدينة غزة جنوباً.
وتؤكد الوثائق التي عثر عليها معدا الدراسة في أرشيف جيش الاحتلال أن هذه العملية بدأت قبل شهر ونصف من إعلان بن غوريون إقامة "الكيان الإسرائيلي"، كما تؤكد أنه تم تسميم آبار في عكا، وغزة، وبئر السبع، وأريحا، وقرية عيلبون، في الجليل، وبيدو ووبيت سوريك القريبة من القدس، عبر وضع جراثيم فيها تسبّب مرضَي التيفوس والديزنطاريا. وهي قصة كانت قد ظهرت قبل عدة عقود بالاعتماد على إصابات في عكا، وروايات شفهية لضباط وقادة عسكريين سابقين شاركوا في حرب النكبة.
ووفقاً للدراسة، فقد كانت العملية تشمل أيضاً تسميم آبار المياه في عواصم عربية مثل القاهرة وبيروت، لكن هذا الشق من العملية لم ينفَذ وظل على الورق.
وكانت أول إشارة فعلية لهذه العملية تتعلق بإعدام وقتل اثنين من عملاء عصابات "البلماح" تسللا وراء خطوط القتال إلى غزة، وحاولا تسميم آبار المياه فيها، وهما عزرا عفجين ودافيد مزراحي. وكان الاثنان ضمن وحدات المستعربين في عصابات "البلماح"، وغادرا إلى غزة في 22 أغسطس/آب من العام 1948.
ووفقاً لمقطع من أرشيف "هآرتس" يعود لسنوات الأربعين، فقد تم إلقاء القبض على الاثنين وتقديمهما لمحكمة عسكرية مصرية أقرت إعدامهما بعد إدانتهما بمحاولة تسميم آبار المياه في غزة. وادعى الاحتلال يومها أن الاثنين أعدما دون ذنب.
وبحسب الصحيفة، فإن بني موريس عثر على وثائق كثيرة في أرشيف الجيش عن العملية، ولم تكن الرقابة العسكرية قد انتبهت إلى أن الاسم الذي حملته هذه الوثائق، وهو "أرسل خبزك"، يحوي معلومات عن أولى عمليات الحرب البيولوجية التي استخدمتها العصابات الصهيونية خلال حرب النكبة.