منذ انطلاق العمل المقاوم في فلسطين سعى الفلسطينيون لامتلاك كل ما يمكن امتلاكه من سلاح وعتاد وعدة، فكانت المحاولات الأولى أقرب للخيال من الواقع، ذلك الواقع الذي تمرّد عليه أطفال الحجارة وحملوا المدفع والصاروخ ليدكّوا به أراضينا المحتلة ويهشموا نظرية الاحتلال الأمنية.
وانطلقت رحلة التطوير والتصنيع بخطى متسارعة، ورغم محاولات الاحتلال لإيقاف عجلة التصنيع بالقصف والاستهداف والحصار، إلا أن صواريخ القسام تباعدت بالمدى من 2كم إلى 250كم، كما تراكمت قدرتها التدميرية، وأصبحت اليوم تغطي كل شبرٍ من فلسطين المحتلة.
تتويجاً لعشرات المحاولات والتجارب، نجحت كتائب القسام عام 2001م بإطلاق صواريخ القسام الأولى صوب مستوطنات ومواقع الاحتلال في قطاع غزة قبل تحريرها ومستوطنات الغلاف، ليؤسسوا لمرحلة جديدة من المقاومة.
ودأب مهندسو كتائب القسام على إدخال التطويرات والتحسينات على أداء الصاروخ حتى وصلت قوته ومداه إلى ما شهدناه في المعارك الأخيرة، وكانت مراحل التطوير كالتالي:-
صاروخ (قسام 1)
أعلن القسام عن إطلاقه لأول مرة بتاريخ 26-10-2001م صوب مغتصبة سديروت الإسرائيلية ليكون باكورة الصواريخ المصنعة محلياً بأيدي مهندسي القسام المتوضئة، ويفتتح بذلك فصول الصناعات العسكرية المحلية في مجال الصواريخ حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم، وقد بلغ مدى هذا الصاروخ ما بين 2-3 كيلو متر.
صاروخ (قسام 2)
وهو صاروخ مطوّر عن النسخة الأولى من صواريخ القسام تم الإعلان عنه عام 2002م ليتوسع بذلك مدى القصف الصاروخي للقسام حيث بلغ مدى هذا الصاروخ من 9-12 كيلو متر، ليصل إلى مناطق أبعد ويضرب العديد من المغتصبات التي لم تكن تصل إليها الصواريخ ويمنح عمقاً أفضل للمجاهدين يأمن لهم السلامة خلال استهداف المغتصبات.
صاروخ (قسام 3)
أُعلن عنه عام 2005م، فكان نقلة نوعية بوصوله إلى مدينة عسقلان المحتلة ذات الكثافة السكانية الكبيرة والتي تحتوي عددا من المنشآت والأهداف الحيوية كالميناء ومحطة الكهرباء وغيرها مما أعطى للمقاومة بنك أهداف ذا تأثير كبير على صناع القرار في الكيان، وقد بلغ مدى هذا الصاروخ بين 15 و 17 كيلو متر.
صاروخ (M75)
أُعلن عنه في 14-11-2012م فكان أول صاروخ فلسطيني يضرب "تل أبيب" ومواقع في القدس المحتلة خلال معركة حجارة السجيل ووصل في أبعد مدى له إلى مدينة "هرتزيليا" الإسرائيلية وأعلنت الكتائب أن مداه يصل من 75 - 80 كيلو متراً، وجاءت تسميته نسبة إلى الشهيد القائد إبراهيم المقادمة.
شكل الإعلان عنه مفاجأة مدوية للاحتلال وكسراً لكل الخطوط الحمر مع الاحتلال الذي لم يكن يتوقع أن يتمكن فصيل مقاوم من تصنيع صاروخ يصل عاصمة كيانه فضلاً عن أن يتجرأ أحد على اتخاذ القرار بقصفها.
وقال أحد قادة الاحتلال الاسرائيلي لحظة قصف المقاومة: "نأسف لقد قصفت تل أبيب"، في إشارة للصدمة الكبيرة التي تعرضت لها حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
صاروخ (سجيل 55 - 40)
أعلن عنه في 10-7-2014م وتم إطلاقه خلال معركة "العصف المأكول" ويبلغ مداه 55 كيلو متراً، وقد استهدفت به كتائب القسام المدن والتجمعات الإسرائيلية ومحيط منطقة "غوش دان" التي تشتمل على أكبر تجمع سكاني للمستوطنين الإسرائيليين.
وبعد أعوام أدخلت كتائب القسام صاروخ S40 إلى الخدمة، واستخدمته في قصفها المكثّف والمركّز لمواقع ومستوطنات الاحتلال في غلاف غزة وعسقلان وأسدود وبئر السبع، خلال عدد من التصعيدات والجولات كان أبرزها جولة مايو 2019م، حتى جاءت معركة سيف القدس 2021م لتكشف عن القوة التدميرة لهذا الجيل من الصواريخ.
صاروخ (J80)
أعلن عنه في 8-7-2014م حيث قصفت به كتائب القسام "تل أبيب" خلال معركة العصف المأكول، ويبلغ مداه 80 كيلو متراً، وجاءت تسميته نسبة إلى الشهيد القائد أحمد سعيد الجعبري "أبو محمد".
وتحدّت به كتائب القسام منظومات الهندسة الإسرائيلية وفرق تشغيل بطاريات القبة الحديدية في تحدي الساعة التاسعة الشهير، حيث لم يتمكن الاحتلال من اعتراض الصواريخ التي وجهت لـ "تل أبيب" رغم استنفاره لذلك كون الصواريخ تعمل بنظام يضلل الرادارات الأرضية.
صاروخ (R160)
أعلن عنه في 8-7-2014م وقصفت به مدينة حيفا المحتلة خلال معركة "العصف المأكول" حيث شكل مفاجأة كبرى لقوات الاحتلال بوصول صواريخ القسام إلى مدى 160 كيلو متراً، وجاءت تسميته نسبة إلى الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي.
وقد برهن هذا الصاروخ أن إرادة المقاومة لا تحدها حدود رغم انعدام الإمكانات وحقق وعد الدكتور الرنتيسي الذي وعد الاحتلال قبل استشهاده بأن يدك القسام حيفا.
صاروخ (Q12-20)
النسخة المطورة من صاروخ القسام الأول، ويتراوح مداه بين 12-20 كيلومتر، ويحمل رؤوساً متفجرة ذات قدرة تدميرية عالية، وكشفت الكتائب بأن هذا الصاروخ تم تصنيعه من مخلفات صواريخ طائرات الاحتلال الحربية وقذائف المدفعية، موضحةً بأن حاوية الرأس المتفجر لهذا الجيل هي عبارة عن قذائف 155 ملم من بقايا قذائف مدفعية الاحتلال، والمادة المتفجرة المستخدمة من مخلفات قنابل MK84.
أعلنت الكتائب عن استخدامها لهذا الصاروخ لأول مرة خلال معركة سيف القدس 2021م، في قصفها حقل صهاريج "كاتسا" جنوب عسقلان، بالإضافة للضربة النوعية التي وجهتها الكتائب صوب موشاف "أوهاد" ضمن مجمع "مفتاحيم" في المجلس الإقليمي أشكول والتي أسفرت عن مقتل إسرائيليين وإصابة 20 آخرين.
صاروخ (A120)
كشف القسام الستار عنه يوم الاثنين 11/5/2021م حينما قصف مواقع في مدينة القدس المحتلة، خلال معركة "سيف القدس"، نصرةً للمرابطين في المسجد الأقصى وأهالي الشيخ جراح.
وأوضح أن تسميت الصاروخ بهذا الأسم تيمناً بالشهيد القسامي القائد رائد العطار، ويحمل رأساً متفجراً ذات قدرةٍ تدميريةٍ عالية، ويصل مداها إلى 120 كم، كما اسخدمته فيما بعد بتوجيه ضربة صاروخية إلى "تل أبيب" وضواحيها، أسفرت عن مقتل 2 من الاسرائيليين وإصابة نحو 30 آخرين وخلفت دماراً كبيراً.
صاروخ (SH85)
أسدلت كتائب القسام فجر الأربعاء 12/05/2021م الستار عنه حينما وجّهت ضربة صاروخية لـ "تل أبيب" ومطار "بن غوريون"، خلال معركة "سيف القدس"، نصرةً للمرابطين في المسجد الأقصى وأهالي الشيخ جراح.
وأوضحت أن تسمية الصاروخ بهذا الاسم تيمناً بالقائد الشهيد محمد أبو شمالة، ويصل مداه إلى 85 كم، ويحمل رؤوساً متفجرة ذات قدرةٍ تدميريةٍ عالية، وقد كان لهذا الصاورخ تأثير كبير على الجبهة الداخلية للاحتلال خلال المعركة، مسفراً عن وقوع عدد من القتلى والجرحى وتضرر عدد كبير من المباني.
عياش (250)
31-5-2021م، وبأمر من قائد هيئة أركان القسام "أبو خالد" محمد الضيف، انطلق صاروخ العياش تجاه مطار رامون جنوب فلسطين وعلى بعد نحو 220 كم من غزة.
وأعلن القسام أن صاروخ العياش يصل لمدى أكبر من 250كم وبقوة تدميرية هي الأكبر؛ انطلق نصرة للأقصى وجزءًا من الرد على اغتيال القادة والمهندسين الأبطال وهو جزء من إنجازاتهم وتطويرهم. أطلق اسم عياش على الصاروخ تيمناً بالمهندس القسامي الأول لكتائب القسام يحيى عياش، وبذلك تكون مطارات العدو الصهيوني وكل نقطة من شمال فلسطين إلى جنوبها في مرمى صواريخ القسام.
رحلة تصنيع صواريخ القسام، مرّت بمراحل مختلفة، فكانت البداية بالتركيز على المدى بهدف تحطيم نظرية الأمنية للاحتلال، لتنطلق بعدها مرحلة جديدة تركّزت في تطوير القدرة التدميرية للصواريخ وتحقيق الردع وزرع الرعب في قلوب الإسرائيليين، والذي ظهر جلياً في الدمار التي أحدثته الصواريخ خلال المعركة الأخيرة.
كما واجه القسام تعقيدات مختلفة، من دخول المواد اللازمة للتصنيع، مروراً بمراحل التصنيع، وصولا إلى الإطلاق ومواجهة القبة الحديدية للاحتلال والتي تحوّلت إلى قبة كرتونية وأصبحت أضحوكة أمام أنظار العالم. وتستكمل عقول مهندسو القسام إبداعها، بالتركيز على تكتيك الزخم الناري والقوة التدميرية والضربات الصاروخية المركزّة والمكثّفة، تجهيزاً وإعداداً لمعركة يساء فيها وجه المحتل الغاصب، وتكون حجر الأساس في معركة التحرير الفاصلة، بحسب الكتائب.