أفاد الباحث جان بيير فيلو أستاذ علم السياسة بجامعات فرنسا، في مقال له بصحيفة لوموند (Le Monde)، أن "إسرائيل" ما تزال مصرّة على رفض تسليم قاض مكسيكي سابق متورط في استخدام برنامج التجسس بيغاسوس ضد معارضين، وفي فضيحة اختطاف واختفاء 43 طالبا مكسيكيا عام 2014.
وأكد فيلو أن المكسيك طالبت عبر الإنتربول، "إسرائيل" بتسليمها القاضي السابق توماس زيرون الذي سبق له أن فرّ إلى كندا ومن ثم إلى كيان الاحتلال "الإسرائيلي"، لكن "تل أبيب" ترفض تسليمه.
وبحسب الكاتب، فإن المدّعي العام المكسيكي السابق خيسوس موريلو كرم -المعتقل حاليا- هو من عيّن القاضي زيرون على رأس وكالة التحقيقات الجنائية في 2014، وبعدها مباشرة استخدم زيرون برنامج بيغاسوس "الإسرائيلي" للتجسس على نحو 15 ألف مواطن مكسيكي.
مأساة جماعية
ووفق الكاتب، فقد تزامن تعيين زيرون مع وقوع مأساة جماعية هزت المكسيك، تمثلت في اختفاء 43 طالبا تتراوح أعمارهم بين 17 و21 عاما، كانوا قد تجمهروا للتظاهر وجمع الأموال لفائدة مؤسستهم المعروفة بانتقاد الحكومة.
وهاجمت الشرطة المحلية الطلبة أثناء احتجاجهم، مدعومة بعناصر من عصابة المقاتلين المتحدين (غيهيروس أونيدوس)، وأسفر الهجوم عن مقتل 6 طلاب، ثم اقتاد عناصر الشرطة الطلبة الباقين إلى جهة مجهولة بمساعدة رجال العصابة -كما أكد شهود عيان- وانقطعت أخبارهم منذ ذلك الوقت.
وحرص زيرون وقتها على ترويج رواية تقول إن نتائج تحقيقات الوكالة التي يرأسها توصلت إلى أن عناصر شرطة فاسدين سلموا الطلبة المختطفين إلى عصابة مخدرات قتلتهم، بعدما اعتقدت أنهم من عناصر عصابة منافسة.
ويقول الباحث السياسي الفرنسي جان بيير فيلو إن كل من كان ينتقد أو يشكك في الرواية الرسمية التي روّج لها زيرون، كان يُستهدف ببرنامج التجسس "الإسرائيلي"، سواء تعلق الأمر بأهالي الضحايا أو بالصحفيين والناشطين الحقوقيين.
وكشف فيلو أن التجسس طال أيضا الخبراء الأجانب، وهو ما جلب انتقادات واسعة للسلطات المكسيكية وقتها، وخاصة لرئيس وكالة التحقيقات الجنائية زيرون، الذي غادر منصبه بعد الفضيحة الدولية وألحق بديوان الرئيس بينيا نييتو الذي ضمن له ألا يتعرض للمحاسبة.
فرار
ومع مجيء أندريه مانويل لوبيز أوبرادور رئيسا للمكسيك في 2018، هرب القاضي زيرون إلى كندا، وبعدها إلى كيان الاحتلال "الإسرائيلي" الذي طلب فيه اللجوء السياسي، إثر تقديم مذكرة توقيف دولية في حقه بتهم من بينها إخفاء الأدلة وتعديل مسرح الجريمة والتعذيب والإخفاء القسري.
وثبت للمحققين أن تعاونا وثيقا حصل بين عسكريين وبين عصابات تهريب مخدرات تسبب في حدوث مأساة الطلبة المختفين، حيث عُثر على بقايا أحد الضحايا، وهو ما نسف رواية زيرون.
وفي أغسطس/آب، اعتقلت السلطات المكسيكية عشرات المسؤولين في الجيش والشرطة، وذلك بعد ساعات من اعتقال النائب العام السابق للبلاد خيسوس موريلو كرم، الرئيس المباشر لتوماس زيرون.
فلسطين
ونقل الباحث فيلو عن "نيويورك تايمز" الأميركية قولها إن رفض "إسرائيل" تسليم زيرون سببه غضبها من تأييد المكسيك للجنة التحقيق الأممية حول العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتصويتها لفائدة إحالة قضية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية إلى محكمة العدل الدولية.
وأكد أن أُسَر الضحايا نددت بالرفض "الإسرائيلي"، واتهمت "إسرائيل" بحماية توماس زيرون المتورط في انتهاكات لحقوق الإنسان وتعذيب معتقلين.